نريد إنهاء الحرب وليس ترحيلها السلام الذي ينهي أسباب الحرب
همدان العليي

كانت الحرب السادسة في صعدة وحرف سفيان في ذروتها ما بين (أغسطس 2009 ـ فبراير 2010). وقتها، تلقيت دعوة للمشاركة في لقاء نظمه الشيخ حسين الأحمر في منزل والده الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر (رحمة الله تغشاهم) عليه في حي الحصبة بصنعاء. حضر اللقاء محمدعبدالملك المتوكل وابن عمه حسن زيد، واللواء هاشم الأحمر، وغيرهم من الإعلاميين وممثلي منظمات المجتمع المدني.
أراد حسين الأحمر يومها تأسيس تكتل مدني يقوم بالضغط على الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح رحمه الله لإيقاف الحرب في صعدة. حرص الأحمر على إقناع المتواجدين بأن الحرب ظالمة، وأن قوات الجيش يرتكبون جرائم في حق أهالي صعدة ومديرية حرف سفيان التابعة لمحافظة عمران. وأمام تأييد أغلب المتواجدين، أكد البعض الآخر في مداخلاتهم على ضرورة إيقاف الحرب لكن بعد ألتزام جماعة الحوثي بتنفيذ ما سمي بـ "الشروط الستة" التي وضعتها الحكومة اليمنية لكي توقف عملياتها العسكرية، والتي شملت انسحاب المتمردين من كل مناطق صعدة، وازالة كل نقاط التفتيش التي تعيق حركة المواطنين، والكشف عن مصير ستة أجانب مخطوفين. كما تلزم الشروط المتمردين باعادة معدات عسكرية ومدنية استولوا عليها، وتسليم المسؤولين عن خطف تسعة أجانب، والتوقف عن التدخل في شؤون السلطات المحلية.
كنت من ضمن القلة القليلة التي كانت تحاول اقناع الحاضرين بأن شروط الدولة ليست مجحفة في حق المتمردين الحوثيين، وأن أي دولة تحترم نفسها ستفعل ما هو أكثر من ذلك بهدف فرض الأمن والاستقرار في أراضيها. كان واضحا لكل صاحب عقل بأن توقف الحرب دون تنفيذ الشروط الستة، يعني بأن حروبا أخرى ستندلع وهذا ما قلته يومها للحاضرين، ذلك لأن جماعة الحوثي ليست حركة حقوقية طارئة، وإنما هي امتداد لمشروع عنصري سلالي مدعوم من إيران قديما وحديثا.
استمر المتحدثون في وصفهم لكل من يُعارض إيقاف الحرب السادسة في صعدة بتجار الحروب والقتلة والمجرمين والدمويين والعملاء، وتخيلوا أنفسهم- جهلا- دعاة سلام وغيرهم دون ذلك. وفي الثلاثين من يناير 2010، أعلن عبد الملك الحوثي، زعيم الحوثيين، في تسجيل صوتي بث على شبكة الإنترنت استعداده لقبول شروط الحكومة لكن "بعد إيقاف العدوان". وأوقفت الحكومة المعارك ضد الجماعة بعد سقوط عشرات الآلاف من القتلى والجرحى وتدمير آلاف المنازل والمزارع وتشريد مئات الآلاف من اليمنيين من مناطقهم على أمل التزام الحوثيين وحقنا للدماء. مع ذلك، ماطل الحوثيون في تنفيذ الشروط الستة واستمر استحواذهم على السلاح وتمددوا أكثر، واكتشف دعاة السلام أنهم عملوا على تأجيل الحرب لفترة ولم يوقفوها. بل وجعلها أكثر ضراوة وكارثية، فقد استمرت حتى وصل الحوثيون إلى ديار حسين وهاشم الأحمر وفجروا منزلهم في عمران الشمالية وصولا إلى عدن جنوبا. وها نحن أمام أكثر من 800 ألف قتيل يمني خلال حوالي 20 عاما وملايين الجرحى والمهجرين وبلد ممزق.
فهل نتعلم؟!
التعليقات 0:
تعليقك على المقال