تفاصيل الخبر

كيف استفاد الحوثيون من القبضة الأمنية لنظام الأسد؟

كيف استفاد الحوثيون من القبضة الأمنية لنظام الأسد؟

أخبار وتقارير / 2025-05-24 08:04:25 / منتدى معد كرب القومي - الشرق الاوسط

 

مع انقضاء أكثر من عقد على اجتياح الحوثيين العاصمة اليمنية صنعاء والإطاحة بالحكومة الشرعية، لا يزال الكثيرون داخل البلاد وخارجها يتساءلون عن الكيفية التي تمكنت بها أقلية مذهبية من إحكام سيطرتها على ملايين من السكان في المحافظات الواقعة تحت سيطرتها.

 

وتؤكد مصادر سياسية وناشطون في مناطق سيطرة الجماعة أن نهج التجويع الذي يُتبع منذ اجتياح صنعاء تجاه معظم السكان، وتركيز الثروات في يد المنحدرين من سلالة الحوثيين، والقمع الذي يواجه كل تحرك شعبي، لا يزال الأداة الفاعلة في يد الجماعة في فرض سيطرتها.

 

وكشفت المصادر عن أن نظام حكم الرئيس السوري السابق بشار الأسد لعب دوراً بارزاً في تدريب المئات من العناصر الأمنية والسياسية للحوثيين وتأهيلهم، ونقل تجربته في السيطرة والقمع، وأن الأمر لا علاقة له بالشعبية المزعومة

 

ووفق ما أفادت به المصادر لـ«الشرق الأوسط»، فإنه ومنذ الانقلاب على الشرعية، استقبلت دمشق على دفعات المئات من عناصر الحوثيين، والذين تلقوا تدريبات في مجال الإدارة والسيطرة المالية، في حين تلقى عناصر أمنيون تدريبات على كيفية قمع أي تحركات احتجاجية في مهدها وعدم السماح لها بالنمو.

 

كما تلقت هذه العناصر تدريباً مكثفاً على الطريقة التي تستطيع من خلالها التحكم في المساعدات الإنسانية وتوجيهها بما يخدم أهداف الجماعة ويضمن استمرار سيطرتها على السكان.

 

دعم وتسهيلات

 

بحسب هذه المعلومات، فإن نظام الأسد كان الطرف الأبرز في دعم الحوثيين كونه جزءاً من الحلف الإيراني منذ ما قبل الانقلاب، حيث كانت دمشق تستقبل الآلاف سنوياً من عناصر الجماعة الذين يتلقون تدريبات عسكرية داخل أراضيها، إما عبر ضباط سوريين أو على يد خبراء من «الحرس الثوري» الإيراني.

 

كما كانت تذهب مجاميع أخرى للتدريب في المناطق التي يسيطر عليها «حزب الله» في لبنان، في حين تولى النظام في دمشق تسهيل عملية ذهاب مجاميع أخرى إلى إيران من خلال منحهم تأشيرات على أوراق خارج جوازات السفر لضمان ألا تعلم السلطات اليمنية الوجهة التي ذهب هؤلاء إليها.

 

ويذكر اثنان من العناصر الأمنية اليمنية السابقة لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين، وعقب اجتياح صنعاء، واجهوا عجزاً فعلياً في إدارة مؤسسات الدولة والتعامل مع الجانب الاقتصادي؛ لأنهم لا يمتلكون كوادر قادرة على ذلك ولا خبرة، ولأن غالبية الكوادر رفضت العمل معهم أو أنهم من غير الموثوق بولائهم.

 

وطبقاً للمصدرين الأمنيين، استقبلت دمشق على دفعات المئات من العناصر الحوثيين الذين تم تدريبهم على إدارة المؤسسات والسيطرة على الحركة الاقتصادية والعملة والبنوك.

 

وقد تواصلت هذه العملية ودُفع بأعداد كبيرة إلى دمشق، حيث تلقوا تدريباً على يد كوادر سورية وأخرى إيرانية حول طرق التهرب من العقوبات الدولية والتحكم بسعر العملة المحلية وتجارة الوقود.

 

وبحسب المصدرين، فإن هذه الأدوات مكّنت الحوثيين - ولا تزال - من السيطرة وحشد الموظفين وطلاب المدارس والجامعات والعمال في كل أسبوع للاحتشاد بهدف القول إن لدى الجماعة شعبية وسط السكان.

 

لأنه ومن دون هذه المشاركة لن يحصل السكان على حصة من المساعدات، وسيتم فصلهم من الوظائف، إلى جانب أنهم قد يكونون عرضة للاعتقال بتهمة عدم الولاء، وهي الطريقة التي كان يتبعها نظام حزب البعث في الحكم. طبقاً لما ذكره المصدران.

 

قبضة أمنية مشددة

 

كان مشروع مكافحة التطرف قد أكد في تقرير له أن الحوثيين خصصوا موارد مالية كبيرة للسيطرة على الكثير من جوانب حياة السكان والحد من المعارضة لحكمهم، وأن جهاز الأمن والمخابرات التابع لهم يعد إحدى الأدوات الرئيسة التي تحافظ من خلالها الجماعة على هيمنتها في تلك المناطق.

 

وبيّن التقرير أن الدور الذي يلعبه الجهاز الحوثي، الذي استُحدث في عام 2019 نتيجة دمج جهازي الأمن السياسي والأمن القومي، يفسر سبب امتلاكه ذلك التفويض الواسع، وقال إنه ولتحقيق غاياته يستخدم هذا الجهاز القليل من الجَزَر والكثير من العِصِي.

 

ويؤكد التقرير أن الجهاز الأمني الحوثي يتولى على الصعيد المحلي مهام تشمل تعزيز التجنيد في صفوف الجماعة، وحقن آيديولوجيتهم في النظام التعليمي ووسائل الإعلام، وتوزيع الضروريات على قطاعات مفضلة من السكان، والإشراف على مشاريع البنية التحتية التي تمول معظمها المنظمات الإنسانية الدولية. كما يتولى مسؤولية تشجيع عودة النازحين الذين فرّوا من مناطق سيطرة الجماعة، وتنظيم المناسبات المذهبية والسياسية للحوثيين والمشاركة فيها.

 

ويذكر المركز المعني بدراسة المجموعات المتطرفة أن جهاز المخابرات الحوثي يعمل في المقام الأول كمنظمة سرية، وتشمل أنشطته القمعية ضد معارضي الجماعة الاعتقال التعسفي، والتعذيب، والقتل.

 

انتهاكات في كل اتجاه

 

أسّست الجماعة الحوثية - كما أورد التقرير - جهازاً جديداً يٌعرَف باسم «استخبارات الشرطة»، يقوده علي حسين الحوثي، نجل مؤسس الجماعة، وابن شقيق الزعيم الحالي عبد الملك الحوثي. وكُلّف الجهاز الجديد قمع المعارضة العامة، في حين تظل المخابرات مسؤولة عن معالجة التهديدات الأكثر حدة لنظام الجماعة.

 

ويشير التقرير الدولي إلى أن بعض مهام ما يسمى «جهاز الأمن والمخابرات» تشمل التعبئة المتطرفة للأطفال لتعزيز الولاء المطلق لزعيم الجماعة؛ وتهريب الأسلحة؛ وتجنيد الجواسيس الذين سهّلوا محاولات الاغتيال ضد كبار المسؤولين في الحكومة المعترف بها دولياً؛ ورعاية علاقات الحوثيين بتنظيم «القاعدة» في شبه الجزيرة العربية.

 

وبالإضافة إلى ذلك، تورط الجهاز الحوثي – بحسب التقرير - في انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان، حيث اعتقل العشرات من موظفي المنظمات الإنسانية، وعطّل المساعدات الإنسانية، واستهدف الأفراد الذين أبلغوا عن انتهاكات حقوق الإنسان، وعذّب المنتقدين والأقليات الدينية، واستولى على أصول المعارضين السياسيين.

 

وسط اتهامات للجماعة الحوثية بالتعتيم على مقتل وجرح عشرات المدنيين في صنعاء، إثر انفجار مستودع للصواريخ والمتفجرات؛ صعّدت الجماعة من هجماتها باتجاه إسرائيل، حيث أطلقت، الجمعة، ثالث صاروخ خلال 24 ساعة، وسط مخاوف يمنية من رد فعل أكثر عنفاً من قِبل تل أبيب.

 

وكانت الجماعة المدعومة من إيران استأنفت في 17 مارس (آذار) الماضي هجماتها بالصواريخ والطائرات المسيرة تجاه إسرائيل عقب انهيار هدنة غزة، بحجة مساندة الفلسطينيين، كما أعلنت قبل أيام أنها ستعود إلى مهاجمة السفن المرتبطة بتل أبيب بغض النظر عن جنسيتها.

 

وبينما لا يستبعد مراقبون أن تعود واشنطن إلى ضرب الجماعة الحوثية في حال شنت هجمات على السفن، كان ترمب أنهى في السادس من مايو (أيار) الحالي حملة ضد الجماعة استمرت نحو 8 أسابيع، بعد أن تعهدت في اتفاق رعته سلطنة عمان بالتوقف عن مهاجمة السفن.

 

وتبنّى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع، الجمعة، في بيان متلفز، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، مدعياً أنه استهدف مطار «بن غوريون» في تل أبيب، وتسبّب في هروب ملايين الإسرائيليين إلى الملاجئ وتوقف حركة المطار.

 

 

وتوعّد المتحدث الحوثي بتصعيد الهجمات، رابطاً توقفها بانتهاء الحملة الإسرائيلية على غزة ورفع الحصار عنها. في حين أعلن الجيش الإسرائيلي من جهته، اعتراض الصاروخ، مؤكداً تفعيل صفارات الإنذار في مناطق عدة، دون ورود أي تقارير عن وقوع إصابات أو أضرار.

 

وكانت الدفاعات الإسرائيلية قد اعترضت، الخميس، صاروخَيْن باليستييْن دون أضرار، أطلقهما الحوثيون، الذين تبنّى زعيمهم عبد الملك الحوثي في خطبته الأسبوعية، إطلاق ثمانية صواريخ وعدداً من المسيّرات خلال أسبوع.

 

وحاول الحوثي أن يهوّل من أثر هجمات جماعته، زاعماً أن إسرائيل فشلت في ردعها، مع تأكيده عدم التراجع عن هذه العمليات، رغم الضربات الانتقامية الأخيرة على مواني الحديدة.

 

28 صاروخاً

 

منذ انهيار الهدنة بين إسرائيل وحركة «حماس»، عادت الجماعة إلى الهجمات الجوية، وأطلقت ابتداء من 17 مارس (آذار) الماضي نحو 28 صاروخاً باتجاه إسرائيل والكثير من الطائرات المسيرة.

 

وكان أخطر هذه الهجمات الأخيرة انفجار أحد الصواريخ قرب مطار «بن غوريون» في 4 مايو (أيار) الحالي، محدثاً حفرة ضخمة، بعد أن فشلت الدفاعات الجوية في اعتراضه.

 

وفتح هذا الهجوم المجال لإسرائيل لشن مزيد من الضربات الانتقامية التي دمّرت بها ميناء الحديدة ومطار صنعاء ومصنعي إسمنت ومحطات كهرباء، قبل أن تشن في 16 مايو الحالي، الموجة الثامنة من هذه الضربات الانتقامية على ميناءي الحديدة والصليف.

 

وسبق أن هاجمت الجماعة منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 نحو 100 سفينة، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتَيْن وقرصنة ثالثة، كما أطلقت أكثر من 200 صاروخ ومسيّرة باتجاه إسرائيل حتى 19 يناير (كانون الثاني) الماضي.

 

ولم تحقق هجمات الحوثيين أي نتائج مؤثرة على إسرائيل، باستثناء مقتل شخص بطائرة مسيّرة ضربت شقة في تل أبيب في 19 يوليو (تموز) 2024.

 

وتوعّدت إسرائيل باستمرار ضرباتها الانتقامية، وهدّدت على لسان وزير دفاعها بتصفية زعيم الجماعة الحوثية أسوة بما حدث مع زعيم «حزب الله» اللبناني حسن نصر الله، وقادة حركة «حماس».

 

ومن المرجح أن تستمر تل أبيب من وقت إلى آخر في ضرب المنشآت الخاضعة للحوثيين، رداً على الهجمات، لكن يستبعد المراقبون للشأن اليمني أن تكون الضربات ذات تأثير حاسم على بنية الجماعة وقادتها وأسلحتها بسبب البعد الجغرافي.

 

تكتم على الضحايا

 

على وقع التصعيد الحوثي باتجاه إسرائيل، اتهمت مصادر يمنية حكومية وحقوقية الجماعة بالتكتم على سقوط عشرات الضحايا من المدنيين قتلى وجرحى في انفجارات غامضة شهدتها صنعاء، الخميس، يُرجح أنها ناجمة عن تفجير مستودع للصواريخ والمواد العسكرية الأخرى شديدة الانفجار، بالتزامن مع انفجار صاروخ باليستي فشلت الجماعة في إطلاقه.

 

وبحسب تصريحات لوزير الإعلام في الحكومة اليمنية معمر الإرياني، أثار انفجار الصاروخ الحوثي قرب مطار صنعاء حالة من الهلع والرعب في صفوف السكان.

 

واتهم الوزير اليمني الجماعة بـ«عسكرة المدن، وتحويل المنشآت الحيوية والمناطق السكنية إلى منصات لإطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة، متخذة من المدنيين دروعاً بشرية في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني».

 

وأشار الإرياني إلى أن صنعاء ومناطق أخرى خاضعة للحوثيين شهدت حوادث مشابهة أسفرت عن مئات القتلى والجرحى من المدنيين الأبرياء، كان آخرها سقوط صاروخ دفاع جوي في سوق فروة، إلى جانب حوادث مماثلة في محافظتي المحويت ومديرية همدان، جراء الإطلاق العشوائي أو الفاشل للصواريخ.

 

من جهته، كشف المركز الأميركي للعدالة، في بيان، الجمعة، عن مقتل وجرح عشرات المدنيين جراء انفجار عرضي في مستودع أسلحة حوثي تحت الأرض في منطقة «خشم البكرة» شرق صنعاء.

 

وبحسب بيان المركز الحقوقي، كان المستودع يحتوي على صواريخ للدفاع الجوي ومواد متفجرة مثل نترات الصوديوم ونترات البوتاسيوم ومادة «سي فور».

 

ونقل بيان المركز عن شهود تأكيدهم مقتل وإصابة أكثر من 60 مدنياً، بينهم نساء وأطفال، نقل معظمهم إلى مستشفيات زايد والمؤيد والسعودي الألماني والعسكري والشرطة، في حين لا يزال العشرات تحت الأنقاض جراء تدمير الانفجار عشرة منازل على الأقل بشكل كامل.

 

وأوضح المركز الحقوقي أن انفجار المستودع الحوثي المحصن تزامن مع انفجار صاروخ في أثناء محاولة إطلاقه قرب مطار صنعاء الدولي، مشدداً على ضرورة إخلاء الأحياء السكنية من مخازن السلاح، وتمكين المنظمات من الوصول الفوري لتوثيق الأضرار ومساعدة السكان.

التعليقات 0:

تعليقك على الخبر