تفاصيل الخبر

الكاهن القاسم بن علي العياني

الكاهن القاسم بن علي العياني

أخبار وتقارير / 2022-12-20 04:27:45 / منتدى معد كرب القومي - خاص

يحتفل الحوثيون هذه الأيام بالكاهن القاسم العياني، وهو من اخطر الكهنة الذين مروا في تاريخ هذه السلالة الهاشمية في اليمن، وكان ذو سجل إجرامي يفوق كثير من كهنة الهاشميين الذين أوغلوا في حياة اليمنيين إجراماً على مدى ألف عام.

 

في هذا المقال نستعرض من كتاب الكهنة سيرة هذا الكاهن المليئة بالدم والإرهاب حسبما أوردته الباحثة التاريخية الإكليلة لمياء الكندي.

 

"لم تكد الأحوال تستقر مؤقتاً للكاهن يوسف بن يحيى حتى ظهر الكاهن القاسم بن علي عبد الله المعروف بالعياني بعد أن ادّعى الإمامة سنة 389هـ ( ). وتأتي أهمية ادعاء المجرم العياني الإمامة إلى كونه المدّعي الأول لها في اليمن من البطن الحسيني، وبإعلانه ذلك انتقلت دعوات الكهانة من ذرية الحسن بن علي الذين مثلهم الرّسي وأبناؤه وأحفاده إلى الفرع الحسيني.
بعد أن تمكن المجرم العياني من إعلان نفسه إماماً شرعياً في اليمن من مدينة صعدة - معقل الادعاءات السلالية ومركز الزيف العنصري لمتوردي الخرافة الإمامية في اليمن- انطلق إلى نجران لتثبيت إمامته بين قبائلها، لا سيما بعد عجزه عن القضاء على المجرم يوسف بن يحيى بن أحمد الرّسي؛ فانتفضت عليه بعض قبائل صعدة وخالفته سنة 389هـ، ليعود إليها من نجران وقد عقد العزم على تخريبها وإحراق مزارعها والقضاء على ثورة قبائلها ونفي يوسف بن يحيى.
أما صنعاء فقد تحالف الهالك العياني مع المتورِّد السلالي الحسن بن القاسم الزيدي، من أبناء زيد بن علي الذي تحالف مع بعض القبائل والولاة اليمنيين أمثال ابن أبي الفتوح الخولاني، فسعيا معاً لتثبيت أمر القائم بالكهانة ومدَّعي الإمامة القاسم بن علي بن عبدالله العياني، ليدخلها العياني ويعلن تبعيتها لإمامته ويعين ابن الزيدي والياً عليها، في حين كان استقراره في قرية عيان واتخذها مركزاً لحكمه وعرف بالعياني نسبة إليها، وهي قرية تقع قرب مدينة خيوان في بلاد سفيان بن أرحب بن بكيل.
لم يستمر التحالف بين أسعد بن أبي الفتوح الخولاني وبين ابن الزيدي طويلاً وسرعان ما ظهرت بينهما مسببات الخلاف ودواعي الانقسام والتنافس الذي انتهى في مرَّات عديدة إلى حرب بين الطرفين، وكانت ظاهرة التحالف ثم الاختلاف والحروب بين الكهنة الإماميين والقبائل الموالين لهم قد تشكَّلت وارتبطت بنظام الإمامة، وعبّرت عن طبيعة علاقة الإماميين بمناصريهم من الشخصيات القبلية الكبيرة التي كانت غالباً ما تنتهي بانفضاض ذلك التحالف وبالقتل والسجن للحلفاء، مما سبب عدم استقرار وضع الكهنوت السلالي الذي اتصف بطبيعته الدموية وسلوكه الإجرامي والحربي وممارسة التفرقة والسلالية العنصرية بينهم وبين اليمنيين وحتى على أتباعهم.
في ظل ولاية العياني عانت صعدة الخراب فتم هدمها وإحراقها أكثر من مرّة، إضافة إلى خراب نجران وحربها، وكانت القبائل النجرانية غالباً ما تنتفض في وجه سلطات الكهنوت الإمامي، وكان لانتفاضة القبائل النجرانية في عهد المجرم العياني أثرها في خراب قرى ومزارع وحصون هذه المدينة على أيدي الجنود الإماميين الذين قادهم يوسف بن أبي الفتوح فهدم حصونهم وأسر الكثير من أبنائهم.
طيلة فترة حكم أو بالأصح ادعاء العياني الإمامة في اليمن من سنة 389هـ وحتى وفاته سنة 393هـ، كانت صنعاء عرضة للدمار والنهب والحروب الكهنوتية والأطماع التنافسية عليها من قبل أدعياء الإمامة والحلفاء والمتورِّدين المرتبطين بها.
وكنتيجة من نتائج المنافسة السلالية على الإمامة والتنازع الحسني الحسيني عليها لم يتمكن المُدَّعي القاسم بن علي العياني من تثبيت أركان إمامته وضمان أدنى حد من الأمن والاستقرار له ولأتباعه فظلت الحروب والأزمات الداخلية تفتك بمناطق حكمه، إذ كانت الحروب تشتعل بينه وبين مواليه تارة؛ وبينه وبين القبائل اليمنية المناهضة له تارة أخرى.
كما حدث بينه وبين واليه في صنعاء ابن الزيدي إثر خلاف نتج عنه أسر ابن الزيدي لأبناء الكاهن العياني واحتجازهم في بيت محفد وحرب ابن الزيدي لابن أبي الفتوح وتدميره حصون ومنازل بني الفتوح بناعط في خولان للمرة الثالثة وهدم ومصادرة أموالهم وممتلكاتهم.( ).
كان المُدَّعي العياني قد شعر بخطورة ابن الزيدي عليه وعلى إمامته وسلطته في صنعاء، فجدَّد دعمه لابن أبي الفتوح وعيَّن ابنه جعفراً والياً على صنعاء خلفاً لابن الزيدي، وأثناء ذلك التعيين كان ابن الزيدي قد خرج إلى ذمار، ومنها أعدَّ جيشاً لدخول صنعاء التي كانت تعاني من شدة في المعيشة وحالة فقر ومجاعة لم تشهدها لسنوات.
انتهى الأمر بين الكاهن العياني والمتورِّد السفاح الزيدي بأن أطلق الزيدي أبناء العياني الثلاثة الذين كان قد أسرهم أثناء دخوله صنعاء وأودعهم السجن شريطة منح الزيدي ولاية اليمن من عجيب شمال صنعاء حتى عدن، فدخل ابن الزيدي صنعاء والياً للمرة الثانية من قبل العياني سنة 393هـ، وولِيَها نيابة عنه الشريف هلال بن جعفر.
في هذه السنة 393هـ، أعاد ابن الزيدي الذي لم يكن يستوثق عهود العياني مكاتبته ليوسف بن يحيى بعد أن كان قد أُجبر على ترك ادعائه بالإمامة، ومكَّنه من دخول صنعاء، وأعلن الخطبة باسمه لينصب في اليمن إمامين في الوقت نفسه؛ أحدهما في صنعاء والآخر خارجها.

 

شعر الكاهن يوسف بن يحيى بضعفه؛ بل ببقائه ألعوبة بيد ابن الزيدي على الرغم من كونه كاهناً، لذا آثر مغادرة صنعاء والخروج منها لتبقى بدون حاكم؛ ليعود حكم صنعاء مجدداً إلى ابن أبي حاشد بن الضحاك الذي استمر حاكماً عليها إلى سنة 395هـ.
وظلّت صنعاء في هذه الحِقبة المظلمة من تاريخ اليمن تعاني من ضعف السلطة المركزية الحاكمة حتى أعاد ابن الزيدي يوسف بن يحيى بن أحمد الرّسي إماماً عليها للمرة الثالثة، ودخولهما صنعاء سنة 398هـ.
غير أنَّ وجودهما في صنعاء لم يدم طويلاً؛ إذ لم يزد على نصف شهر، ليتنازع بعدها حكم صنعاء الأبناء وقبائل حمير وهمدان وخولان وبنو شهاب، وكل شهر كان يحكمها طرف منهم، وكانت الغلبة في معظم الأوقات لآل الضحاك الذين استمر حكمهم إلى سنة 401هـ، ليدخلها ابن الزيدي مجدداً في العام نفسه، وهو العام الذي ظهر فيه الحسين بن القاسم العياني معلناً وراثة الإمامة عن أبيه القاسم بعد وفاته سنة 393هـ، وادَّعى حسين بن القاسم العياني أنه المهدي المنتظر، فظهر لنا من خلال هذه الخرافة شكل جديد من التزييف الإمامي المتعمد لتجهيل اليمنيين واستعبادهم تحت مسمَّى نظرية الإمامة وعصبيتها الفارسية بأحقادها المتوارثة على اليمن واليمنيين.
ويتضح من خلال ظاهرة خلع إمام وإعادة تنصيبه في أكثر من مرحلة تاريخية، خطورة الفكر الكهنوتي الذي انتشر بين اليمنيين في مناطق شمال الشمال والذي حصر في الذهنية اليمنية حكر الإمامة على كهنة البيت العلوي الفاطمي، كما فاقم غياب المشروع الوطني وغياب الدولة بمفهومها العام في كل مراحله".

التعليقات 0:

تعليقك على الخبر