ولاية علي بن ابي طالب
منتدى معد كرب القومي
مـــصـطـفـى مــــحـمـود
تعالوا نرى من يستحقّ الخلافة بعد رسول الله
، هل هو أَبُو بَكْرٍ أم عمر أم عليّ الخ علينا أن نسأل أنفسنا من هو الذي لم يميّز نفسه عن الآخرين، وساوى بين أبنائه وابناء الآخرين، ولم يستغلّ منصبه لينغمس بالملذات؟ إن أوّل الحقائق التي تبدو واضحة هي أن رسول الله لم يعيّن أحداً يخلفه، لأنّه نشأ في ظلّ نظام (الملأ) الدّيمقراطي، وقرّر الشّورى (الدّيمقراطية) مبدأً للمستقبل. وهذا يعني أن رسول الله أسقط الفرض من أعلى، فلو كان القرآن يريد شخصاً ما لذكره بين طياته. وبإسقاط القرآن الفرض لم يبق سوى الجهود العقليّة للوصول إلى الأفضل،
ويبدو من تصرّف أبي بكر حينما (خطب الأنصار) لجوءه إلى العقل لا النّقل، فقد استطاع حسم موضوع الخلافة في سقيفة بني ساعدة بأدلة عقليّة بحتة ، وأبعد أيّ دليل يستند إلى النّقل (حديث أو آية) بل استند إلى الفكر والمنطق ، ففي كلام أبي بكر المختصر أثبت ما يقضي، ويفضي إلى زعامته،
أما كلام عمر آنئذ فكان منطقيّاً عقلانياً إلى حدّ بعيد، وقد استبعد النّقل أيضاً، فلم يستند كأبي بكر إلى آية أو حديث، بل قدم حججًا منطقيّة كأبي بكر فمما ذكر:
أ.. اختيار أبي بكر لأنّه الأقوى. والقوّة هنا هي قوّة عقلانيّة لا جسمانيّة.
ب.. تكريس الوحدة، وإبعاد شبح الانشقاق. وهما مهمّان جداً آنذاك، لأيّ حكم مستقر لم ينجز مهامه بعد. فلو لم يسارع أَبُو بَكْرٍ إلى السّقيفة ويبعد الأنصار، لانشقّ المسلمون وانتهت دولتهم إلى غير رجعة. فالمبدأ الذي استند إليه رفاق رسول الله فيمن يخلفه مبدأ عقليّ، لا نقلي. منطقيّ غير مفروض، وأيّ اتجاه لإرجاعه إلى النّقل، ووضعه في إطار أحاديث صحيحة أو مزيّفة يعني قتل المنطق والعقلانيّة، ومحوهما إلى الابدّ.
انــــــــــــزواء عـليّ بن ابي طالبـــــــــ
انزوى عليّ طالب في بيته، ولم يذهب إلى سقيفة بني ساعدة لسببين رئيسي:
1- لم يكن عليّ بن أبي طالبٍ يرى في نفسه القدرة اللازمة، والكفاءة اللّتين تؤهّلانه للوقوف في وجه الأنصار. فالقدرة تعني مؤهلات مهمّة أولّها الجدارة، والجدارة تفضي إلى قابلية التّطبيق، والتّطبيق يفضي إلى الفضل، ولهذا برز صحابة رسول الله بقدراتهم، وكفاءتهم، وجدارتهم في العمل التي أبرزت فضلهم في خلق إمبراطورية اسلاميه عظمى، ولولا مواهبهم ما انتصر العرب، وكان عليّ خلواً من كلّ تلك المميزات الشخصيه والتّفاني في سبيل الآخرين، ولهذا أدرك أنّه إن ذهب إلى السّقيفة، فلا يستطيع أن ينافس أبا بكر، أو سعد بن عبادة الأنصاري، فالأول رجل المهاجرين من دون منازع، والثّاني رجل الأنصار. وقد برز أبو بكر بأفعاله العظيمة في سبيل الإسلام، وخدمته لرسول الله ، قبل الهجرة وبعدها، وبتضحيته بما يملك، بينما برز الثاني كزعيم الأنصار القويّ من دون منازع.
2- كان عليّ غير محبوب من قبل المسلمين فلقد عاش 25سنه سنه في مجتمع المدينه جنۍ كراهية المدنيين ، ثم عاش في الكوفه وبعد 4سنوات خلعه سكان الكوفه
،
4- يدعي عليّ أنّه مظلوم، وأنّ أكثرية المسلمين يكرهونه، لأنهم يغارون منه، كما يدعي الحوثيون ، وينسى أنه قام بأعمال تدلّ على استهتار شديد بهم، وبعاداتهم وتقاليدهم وعقائدهم الإسلاميّة بالذّات، فهو الوحيد الذي ضحك بالصّلاة، وهو سكران، والإسلام يعتبر الصّلاة عمود الدين، وهناك خبر مهمّ جداً، وهو أن أحدى القبائل ارتدت وكان على رأس مطالبها إسقاط الصّلاة عنهم إن هم آمنوا به، لكنّه رفض وأصر على محاربتهم، ولعل ضحك علي بالصلاة وهو في حالة سكر، اعتبروه المسلمين أفضع أنواع الاستهتار ، ولو قام به غيره لنبذ كليّة، لكنّ المسلمين غضّوا النّظر إلى هذه المثلبة، لكونه زوج فاطمة ، وابن عم الرسول،
هناك حادثة مهمّة تبيّن مدى كراهية على بن ابي طالب للصّحابة وكراهية الصاحبه له ، فعند رجوعه من اليمن، رفض أن يريح رفاقه في الجيش، بتركهم يعتلون إبل الصدقة، واجبرهم على أن يسيروا على أرجلهم من اليمن إلى المدينة، وهو طريق طويل وعر نحو ألف كيلومتر، وحدث أن غاب فترة قصيرة عن القيادة، فعمد نائبه، وكان صحابيّاً رؤوفاً، سليم الطوية، غير معقد، عمد إلى السماح لأفراد الجيش بركوب الأبل بالتّناوب، لكن عليّا عندما عاد رجع إلى سيرته الأولى وأنّبّ نائبه، ومنعهم من الركوب. والخبر متواتر، لا يمكن إنكاره
4- حاز علي على سخط الصّحابة لسبب آخر مهم، وهو خطبته لبنت أبي جهل، فقد كان رؤوس الصّحابة، يتمنّون أن يتزوّجوا فاطمة، لأنّها ابنة رسول الله ، لكنّ النّبي آثر أن يزوجها عليّ، ليقرّبه منه، لأنّه قريبه وربيبه، وعندما تزوّجها، حصل على المجد، والقداسة، وبعد أن شبع منها أراد أن يتزوج على رأسها ابنة أبي جهل، رآها في الشّارع، وأعجب بها، لكن رسول الله رفض، وأنبّه بشدّة، على رؤوس الأشهاد، فوقر هذا في قلوب الصّحابة، وتغّيرت نظرتهم إليه، واعتزلوه.
، 5ـ هناك نقطة أخرى هي إساءته لرسول الله ولابنته فاطمة إساءة كبرى، يغفلها الجميع، ولا يشيرون إليها، فقد تزوج بعد وفاة فاطمة بأربع زوجات في أسبوع واحد، تزوجهم قبل أن يبرد دم فاطمة. لا شكّ أنّ هذا العمل ضاعف كراهيته في قلوب الصحابه
لو ذهب عليّ إلى السقيفة، وعرض نفسه لخذل خذلاناً تاماً، فلم يكن لديه سجلّ نصالي ضخم يباهي به، ولم يستمل أحداً إلى الإسلام، ولم يحترم الصّلاة، وتجاوز تحريم الخمر، وأساء إلى فاطمة، ولم يعطف على جنوده في رجوعه من اليمن في ذلك الطّريق الطّويل، بينما استمال أبو بكر معظم زعماء الصّحابة، بأخلاقه السّامية، واشترى سبعة عبيد مسلمين ومنحهم حريتهم، وكان ثمن العبد آنذاك ثروة طائلة، وكان متواضعاً جداً، فقد كان يحلب نياق الجيران العجزة، قبل أن يصبح خليفة واستمر يحلبها بعد ذلك، حتى منعه الصّحابة، وكان متمسكاً بالصلاة وشعائر الدين، ولم يقرب الخمر قبل أو بعد الإسلام، وكان يوصي قادته بالعطف على الجنود وعدم إرهاقهم.وفي الوقت الذي علّل أبو بكر أحقيّة المهاجرين بأدلة عقليّة، لم يكن عند عليّ سوى ترديد حديث عام، يتساوى فيه مع المسلمين كلّهم، لأنّ الله وليّ المؤمنين كلّهم، والمسلمون سواسية، لا فضل لأحد على غيره إلّا بالتّقوى.
يتبع
التعليقات 0:
تعليقك على المقال