السلام.. موسم الانتصارات الحوثية برعاية أممية
منتدى معد كرب القومي
د. فاروق ثابت
ظل الحوثي قرابة سنة يحشد ويهاجم ويقصف مأرب والتهم نسبة كبيرة منها، وكاد يسقطها لولا صمود أبطالها القبائل والشرفاء من أبناء الجيش، وضرب كل المناشدات الأممية ودعوات المنظمات والمجتمع الدولي عرض الحائط، حيث إن إسقاطه من قائمة الإرهاب لدى الإدارة الأمريكية أعطاه دفعة قوية وثقة ليمارس ما يحلو له بل وضوءاً أخضر للهجوم، ولم ينكسر حينها إلا بهجوم العمالقة التي لقنته درساً لن ينساه في شبوة، ومأرب.
الضغوطات الأمريكية للهدنة والسلام وضغط الأمم المتحدة والمجتمع الدولي أعطت الحوثي الآن دفعة أخرى للذهاب للمحادثات حيلة ثم التمرد على كل البنود والتملص منها واختلاق الأكاذيب والخدع ظافراً بما يتم تقديمه له، ولن يقدم أي تنازلات وكل ما يسوق له مجرد ألاعيب.
وقد سبق ذلك بصفعة ستكهولم التي إلى الآن لم يلتزم بها، فيما كان ميناء الحديدة قاب قوسين أو أدنى لإعادته إلى الإدارة الجمهورية وملك الشعب لولا الاتفاقية التي التزمت بها الحكومة من طرف واحد ووثقت الأمم المتحدة حينها تسليم الشرعية الميناء للمليشيا باتفاق مخزٍ ما يزال اليمنيون يدفعون ثمن تسليمه للحوثيين حتى اللحظة إزاء استخدام المليشيا له لاستيراد السلاح وتجهيز المفخخات لتهديد أمن البحر الأحمر وكذا الاتجار بالمعونات الدولية واللعب بالمحروقات والتحكم بأسعار المواد الغذائية.
التاريخ مكتظ بالعبر والدروس، والسياسة إذا لم تتخذ العبرة من التاريخ والمواقف في رسم خططها وعلاقاتها فمستقبلها مكتظ بالفشل إذا لم يكن حاضرها كذلك.
المجلس الرئاسي منذ أول يوم تأسس أرسل رسائل للداخل والخارج بأنه مسؤول أمام القانون والدستور على كل اليمنيين شمالاً وجنوباً، من هم في مناطق الشرعية وفي مناطق الحوثيين، وأطلق جملة من الأهداف أكد انه سيعمل على تحقيقها في القريب العاجل.
وقد بدأ بالفعل برسم الخطط لكثير من الأهداف، ونحن على ثقة به وبقيادته ممثلة بالدكتور رشاد العليمي رئيس مجلس القيادة، وبقية أعضاء المجلس، ولتنفيذ الخطط الأمر يحتاج إلى وقت طويل وقبل ذلك يتطلب استقراراً بالدرجة الأولى في العاصمة عدن.
كما يتطلب تحقيق ذلك أيضا إزالة رواسب الجليد بين رفاق المقاومة ضد المليشيا، ثم التخلص من شبكات إرهابية عميلة تنفذ أجندة خارجية تخدم إيران وتنظيماتها الإرهابية في زعزعة الأمن والاستقرار داخل المناطق المحررة بالدرجة الأولى عدن.
يلي ذلك بناء مؤسسات تستطيع الحكومة العمل من خلالها بمسؤولية وهذا الأمر يحتاج لمزيد من الوقت ولن يتأتى في يوم وليلة.
وأعتقد أن إطالة مدة الهدنة مع الحوثيين أحد أهدافها هو إصلاح حكومة الشرعية من الداخل وبناء مؤسسات سيسهل على الرئاسة والحكومة التحرك بمرونة في حال الهدنة لأجل البناء والتواصل، ثم إن إدخال المشتقات النفطية وفتح مطار صنعاء من شأنه خدمة المواطنين، على أن المجلس الرئاسي وحكومته مسؤلون عن كل الشعب اليمني.
بالمقابل تاجرت المليشيا بالمحروقات المسموح بها للدخول عبر ميناء الحديدة، ويزدحم ناشطوها على السفر عبر طيران "اليمنية" فيما لم يستفد من فتح المطار إلا نسبة قليلة من المواطنين لا تذكر كلهم ميسورون ورجال أعمال، في الوقت الذي لا يجد المواطن قوته الضروري فكيف بكلفة التذكرة العالية للسفر خارج اليمن؟
خبرنا ولمسنا خلال كل سنوات الحرب أن كل الهدن أو الاتفاقات المعلنة لا يستفيد منها سوى الحوثي، بل وينتصر بها انتصارا ساحقا، من حيث أنه لا يلتزم بالهدنة ويستمر بالتحشيد وإطلاق النار وزرع الألغام وإرسال الطيران المسير، وقصف المدن بالمدفعية، ونقل قوات ومعدات إلى الجبهات بحرية.
ناهيك عن انتزاع مناطق باسمه يحظر فيها التقدم للشرعية والتحالف كميناء الحديدة وبقية مناطقها.
لذلك يجب أن تصحب الهدنة ومحادثات السلام مزيد من الحزم والحسم والتحرك نحو المجتمع الدولي لتوضيح حقيقة المليشيا، إرهابها، وجرائمها وتعنتها وخداعها وخطورتها.
والمعروف أن الحوثيين وناشطيهم والمنظمات العميلة لهم استطاعوا للأسف إيصال فكرة أن ما يدور في اليمن ليس سوى قصف للتحالف وحصار على اليمن.
وقد رحب الرئيس الأميركي "بايدن" بالهدنة وتمديدها، واصفا إياها بالخطوة الإيجابية دون أي ذكر لتعنت الحوثيين أو رفضهم الالتزام بما هو عليهم في بنود الهدنة المفترضة، في إشارة أو بأخرى أن السبب في الحرب في اليمن فقط التحالف والشرعية!
ينبغي أن تستجد وتطرأ سياسة جديدة للشرعية والتحالف في التعامل مع الحوثي والمجتمع الدولي، تختلف بكثير عن السياسة السابقة، فالمجتمع الدولي كثير من لاعبيه لا يصلهم إلا بكاء وعويل وخداع وتواصل منظمات وناشطي الحوثيين وداعميهم حتى على مستوى بعض منظمات الأمم المتحدة.
وأما الحوثيون والسلام، فهم لا يفهمون سوى منطق القوة، اليد الصلبة التي أعادت حريب وقبلها شبوة، والدريهمي والمخا وحيس، وليس اليد التي سلمت الحديدة باتفاق دولي وظلت تبكي حظها العاثر حتى اليوم، ولم ينفعها توسل، ولم تأت الأمم المتحدة -راعية الاتفاق- لتنفيذ ما لم ينفذه الحوثيون.
الأمم المتحدة ذاتها التي لن تفتح حصار تعز ولن تجبر الحوثي على السلام، وفاقد الشيء لا يعطيه، بالمقابل إنها تستطيع انتزاع تنازلات من الشرعية تذهب مكاسب للحوثي.. وهكذا دواليك.
فيما لا ريب أن "السيف أصدق انباءً" من التنازلات، مع الاعتذار للشاعر.
التعليقات 0:
تعليقك على المقال