تفاصيل المقال

المسند رمز قومي يمني وهوية تاريخية متجذرة

المسند رمز قومي يمني وهوية تاريخية متجذرة

عبدالواسع الفاتكي

عبدالواسع الفاتكي

عبدالواسع الفاتكي

 

في ٢١ من فبراير من كل عام ، ﺗﺤﺘﻔﻲ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ ﻭﺷﻌﻮﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﺎﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺪﻭﻟﻲ ﻟﻠﻐﺔ ﺍﻷﻡ ، في إطار تعزيز ارتباط الإنسان بجذوره الثقافية واللغوية التي بدأت تتلاشى بفعل تأثير وسطوة اللغات المعاصرة .

 

نحن اليوم نحتفل بيوم المسند ، الذي يعد الصورة الأولى للغة العربية إذ تعد حروفه ، التي استخدمها اليمنيون القدماء في كتاباتهم النواة الأولى ﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ، ﺍﻟﺘﻲ ﻭﺻﻠﺖ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﺑﺼﻮﺭﺗﻬﺎ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮﺓ ﻭﺣﺮﻭﻓﻬﺎ ﺍﻟﺤﺎﻟﻴﺔ .

 

يمثل الخط المسند اللغة الأم للإنسان اليمني خاصة والعربي عامة ويتكون ﻣﻦ تسعة وعشرين ﺣﺮﻓﺎً ، ﺗﻜﺘﺐ مفصولة ﻋﻦ ﺑﻌﻀﻬﺎ ، ﻭﻳﻔﺼﻞﺑﻴﻦﻛﻞ ﻛﻠﻤﺔ ﻭﺃﺧﺮﻯ ﺧﻂ ﻋﻤﻮﺩﻱ ، ﻭﺗﺨﺘﻠﻒ ﻃﺮﻕ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻴﻤﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻴﺴﺎﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻄﺮ ﺍﻷﻭﻝ ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻴﺴﺎﺭ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻴﻤﻴﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻄﺮ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ، زاد في جمال الخط المسند وتنوع خطوطه مهارة النحات اليمني ، فكان اليمنيون يدونون أخبارهم وسيرهم بنحت المسند في جدران المعابد والقصور والكعوف والمغارات .

 

إن حراك وتفاعل اليمنيين ؛ ﻹﺣﻴﺎﺀ الاحتفاء بالخط المسند ﺑﺎﻟﺘﺰﺍﻣﻦ ﻣﻊ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻟﻠّﻐﺔ ﺍﻷﻡ بمثابة دفاع شعبي ﺿﺪ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﻒ ﻭﺍﻟﺘﺰﻳﻴﻒ ﻭﻧﻬﺐ ﻣﻮﺭﻭﺙ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻟﻌﺮﻳﻖ .

 

حمل الخط المسند بين ثنايا ﺣﺮﻭﻓﻪ تاريخ اليمنيين وتراثهم وثقافتهم ، ﻭﻗﺪﻣﻬﺎ ﻟﻜﻞ العالم ، لولا الخط المسند ما تمكنا من ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ ﺍﻟﻴﻤﻨﻴﺔ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ، ﻭﻣﺎ ﻭﺻﻠﺖ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺮّﻗﻲ ﻭﺍﻟﺘﻘﺪﻡ ، ﻟﻠﺪﻭﻝ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﺟﺪﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻴﻤﻨﻲ،ﻛﺴﺒﺄ ﻭﻣﻌﻴﻦ ﻭﻗﺘﺒﺎﻥ ﻭﺃﻭﺳﺎﻥ ، وﻟﻤﺎ سبرنا أغوار التاريخ اليمني العريق ، وعرفنا المخزون الحضاري العظيم للأمة اليمنية ، الذي يعد إرثا إنساتيا ساهم بشكل فعال في التراكم المعرفي والثقافي الإنساني بصورة فعالة .

 

لم ﻳﻘﺘﺼﺮ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﻤُﺴﻨﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻴﻤﻨﻴﻴﻦ فحسب ، ﺑﻞ أن ﺃﺑﺠﺪﻳﺔ ﺍﻟﻤُﺴﻨﺪ ﺍﻟﻴﻤﻨﻲ ﺗﻌﺪ ﻧﻈﺎﻡ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﺍﻷﻭﺣـﺪ ﻭﺍﻷﻭﻝ ﻓﻲ ﺷﺒﻪ ﺍﻟﺠﺰﻳﺮﺓ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ، اشتق منها ﻋﺪﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻄﻮﻁ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺳﺘﺨﺪﻣﺖ قديما كلغات داخل شبه الجزيرة العربية وخارجها .

 

الحديث عن اللغة اليمنية القديمة بخطها المسند هو حديث عن أداة تعريف للهوية التاريخية لليمنيين ، بنسقها الثقافي الفكري ، الذي هيمن لفترة زمنية ليست بالقصيرة على مناطق واسعة من الجزيرة العربية وما جاورها ؛ ما جعل اللغة اليمنية القديمة موضع اهتمام المؤرخين والمختصين في الدراسات اللغوية القديمة ، والذين أثبتوا أن اللغة العربية الفصحى هي امتداد للغة اليمنية القديمة ، فأشار بعضهم إلى أن القران الكريم وردت فيه ألفاظ يمنية ، وردت في النقوش القديمة ففي كتابه اللهجات العربية ، رصد إبراهيم أنيس مائة وسبعة وستين لفظا من هذه الألفاظ ، كما أن الصحابة عندما رسموا المصحف الشريف ، اعتمدوا على القاعدة الحميرية في النقوش المتعلقة بحذف حروف العلة في وسط الاسم مثل الرحمن السموات وإسحق وغيرها .

 

ﺇﻥ ﻋﻈﻤﺔ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ ﺍﻟﻴﻤﻨﻴﺔ ﺗﺘﺠﻠﻰ ﻓﻲﺍﻟﺘﺪﻭﻳﻦ ﺍﻟﻤﺴﺘﺨﺪﻡ ﻓﻴﻪ ﺧﻂ ﺍﻟﻤﺴﻨﺪ ، ﺗﺎﺭﻛﺔ ﺇﺭﺛﺎ ﻏﺰﻳﺮﺍً ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻘﻮﺵ ، ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺒﺎﻝ ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻷﻟﻮﺍﺡ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺩﻳﺎﻥ ، ﻛﻮﺛﺎﺋﻖ ﺗﺮﺻﺪ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ ﻭﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻴﻦ ﻭﺗﻔﺎﺻﻴﻞ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ، ﻭﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﺣﻮﺍﻟﻲ ﺁﻟﻒ ﻟﻮﺡ ﻣﻜﺘﺸﻒ ﻓﻲ ﻣﻌﺒﺪ ﺃﻭﺍﻡ ﺑﻤﺄﺭﺏ ، ﺛﻼثمائة ﻟﻮﺡ ﻓﻘﻂ ، ﺗﻤﺖ ﺩراستها ، ﻏﻴﺮ آلاف ﺍﻷﻟﻮﺍﺡ ﺍﻟﺘﻲ ﻣﺎ ﺯﺍﻟﺖ ﻣﻄﻤﻮﺭﺓ ﺗﺤﺖ ﺍﻟﺮﻣﺎﻝ .

 

ﺃﻳﻨﻤﺎ ﻭﺟﺪ ﺧﻂ ﺍﻟﻤﺴﻨﺪ ﻭﺟﺪﺕ اليمن ، ﻭﻛﻞ ﻧﻘﺶ ﻣﻜﺘﺸﻒ ﻟﻠﻤﺴﻨﺪ ﻓﻲ ﺃﻱ ﻣﻨﻄﻘﺔ ، ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﺩﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻣﺘﺪﺍﺩ ﺗﺎﺭﻳﺨﻲ ﻟﻠﻴﻤﻦ ، ﻭﺃﻥ ﺍﻧﺘﺸﺎﺭﻩ ﺷﻤﺎﻻً ﻭﺟﻨﻮﺑﺎً ﻭﺷﺮﻗﺎً ﻭﻏﺮﺑﺎً ﻋﺒﺮ ﺍﻟﻨﻘﻮﺵ ﺍﻟﻤﺴﻨﺪﻳﺔ ﺍﻟﻤﻜﺘﺸﻔﺔ ، إﻧﻤﺎ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﻭﺍﺣﺪﻳﺔ ﺍﻟﻬﻮﻳﺔ ﺍﻟﻴﻤﻨﻴﺔ ﻣﻨﺬ ﺍﻟﻘﺪﻡ .

 

ساهم ﺍﻟﻤُﺴﻨﺪ ﻓﻲ ﻧﺸﺮ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻴﻤﻨﻴﺔ خارج اليمن ، فمن ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ ﺍﻟﻴﻤﻨﻴﺔ تعد ﺃﻗﺪﻡ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺍﺕﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺮﺓ ، ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺎﻣﺖ ﻓﻲ ﺷﺒﻪ ﺍﻟﺠﺰﻳﺮﺓ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ، ﻭﺗﻮﺿﺢ ﺍﻟﺸﻮﺍﻫﺪ التاريخية ﺃﻥ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ ، ﺃﻗﺎﻣﺘﻬﺎ ممالك ﺷﻐﻠﺖ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻨﻬﺎ ﺃﺣﺪ ﺍﻷﻭﺩﻳﺔ ، ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺼﺐ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﺑﻊ ﺍﻟﺨﺎﻟﻲ ، وهذه الممالك الرئيسة ﻫﻲ : ﺳﺒﺄ ، ﺃَﻭﺳﺎﻥ ، ﻗﺘﺒﺎﻥ ، ﻣﻌﻴﻦ ﺣﻀﺮﻣﻮﺕ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﻟﻤﻤﺎﻟﻚﺃﺧﺮﻯ ، ﺃﻗﺎﻣﻬﺎ ﺍﻟﻴﻤﻨﻴون ﺧﺎﺭﺝ ﺷﺒﻪ ﺍﻟﺠﺰﻳﺮﺓ ، ﻭﺻﻠﺖ لمستوى عال ﻣﻦ ﺍﻟﺮﻗﻲ ﻭﺍﻟﺘﻘﺪﻡ ﻣﻄﻠﻊ ﺍﻷﻟﻒ ﺍﻷﻭﻝ ﻗﺒﻞ
ﺍﻟﻤﻴﻼﺩ ؛ إذ تم العثور على العديد من النقوش الأثرية المسندية , في عدد من المناطق كالعراق والشام ومصر
كما استخدم المسند في عدد من لغات المجتمعات المجاورة الممالك والمدن اليمنية ، من أبناء قبائل الوسط والشمال فظهرت النقوش اللحيانية والدادانية المشتقة من المسند .

 

ابرز دليل على تأثير ﺍﻟﻤُﺴﻨﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺍﺕ ﺧﺎﺭﺝ ﻧﻄﺎﻕ ﺷﺒﻪ ﺍﻟﺠﺰﻳﺮﺓ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ فرع ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ ﺍﻟﻴﻤﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺷﺮﻕ ﺃﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ، ﺍﻟﻤﺘﻤﺜﻠﺔ ﺑﻤﻤﻠﻜﺔ ‏( ﺩﻋﻤﺖ ‏) ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻗﺎﻣﻬﺎ اليمنيون ﻣﻄﻠﻊ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺜﺎﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩ ، والتي ﺍﺳﺘﻤﺮﺕ ﺣﻮﺍﻟﻲ ‏400 ‏ﻋﺎﻡ ، ﺍﺳﺘﻄﺎﻉ اليمنيون ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻧﺸﺮ ﺛﻘﺎﻓﺘﻬﻢ ﻭﻟﻐﺘﻬﻢ ﻭﺩﻳﺎﻧﺘﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ، ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﻄﻦ ﺍﻟﺤﺒﺸﺔ ﻭﻣﺎ ﻳﺠﺎﻭﺭﻫﺎ ، ﻭﺗﻮﺟﺪ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻘﻮﺵ ﺍﻟﻤُﺴﻨﺪﻳﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺘﺎﺣﻒ ﺍﻷﺛﻴﻮﺑﻴﺔ ﻭﺍلأﺭﺗﻴﺮﻳﺔ ، بل أن ﺍﻷﺣﺒﺎﺵ ﺍﺷﺘﻘﻮﺍ ﻣﻦ الخط ﺍﻟﻤُﺴﻨﺪ ‏ﺍﻟﺨﻂ ﺍﻟﺠﻌﺰﻱ وﻣﻦ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻴﻤﻨﻴﺔ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ‏ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻷﻣﻬﺮﻳﺔ‏ ﺍﻟﺘﻲ ﻣﺎ ﺗﺰﺍﻝ ﻣﻮﺟﻮﺩﺓ ﻭﻣﺘﺪﺍﻭﻟﺔ ﺣﺘﻰ ﺍﻟﻴﻮﻡ .

 

إن تركيبة ﻭﺑﻨﻴﺔ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﺍﻟﺤﻮﺛﻴﺔ القائمة ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺩﻋﺎﺀ ﺑﺎﻻﻧﺘﻤﺎﺀ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻼﻟﺔ ﺍﻟﻬﺎﺷﻤﻴﺔ ﺍﻟﻌﺪﻧﺎﻧﻴﺔ ، ﻭﺍﻟﺰﻋﻢ ﺑﺄﺣﻘﻴﺔ ﺍﻻﺻﻄﻔﺎﺀ ﺍﻹﻟﻬﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻭﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﺩﻭﻥ غيرها ، اﺩﻋﺎﺀ ﻻ ﻳُﻌﺪ ﻣﺴﺘﺤﺪﺛﺎ ﺃﻭ ﻣﻨﻘﻄﻌﺎ ﻋﻦ ﺳﻴﺎﻗﺎﺗﻪ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ ، ﺣﻴﺚ ﺗﻜﺮﺭ ﺍﺳﺘﺪﻋﺎﺀ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﻖ ﻛﺜﻴﺮﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ، فكان ولا بد لليمنيين من استحضار ذواتهم بامتداداتها الحضارية التاريخية ، ومواجهة الاستعلاء السلالي وسعيه للاستئثار بالسلطة السياسية والاجتماعية والاقتصادية ، بالارتكاز للعمق التاريخي الثقافي والفكري لليمنيين .

 

يمثل الاحتفال بيوم ﺍﻟﻤﺴﻨﺪ احتفالا بمفردة عظيمة من مفردات التاريخ اليمني التليد ، ونوعا من المقاومة الوطنية للمحاولات الراهنة ﻟﺴﻠﺐ ﺍﻟﻴﻤﻨﻴﻴﻦ ﻣﻦ ﺗﺮﺍﺛﻬﻢ وثقافتهم التاريخية الحضارية ، بفرض نمط ثقافي سلالي يستبدل الهوية اليمنية العربية الإسلامية الأصيلة ، بهوية سلالية حوثية تتخذ من الهوية الفارسية مثلا أعلى لها .

 

تسعى المليشيات الحوثية جاهدة لربط كل ما يتصل بحياة اليمنيين بفكرها وعقيدتها السلالية ومزاعمها الطائفية ، ولذلك فهي ترى أن أي حراك تاريخي أو ثقافي أو سياسي أو اجتماعي لا يصب في مشروعها الاصطفائي السلالي المزعوم ، ولا ينبثق من أدبياتها الفكرية والثقافية والسياسية، يشكل بالنسبة لها خطرا وجوديا عليها ، وهذا ما يؤكده إنزعاج بعض قيادات المليشيات الحوثية في مناطق سيطرتها ، من وجود بعض التحف والهدايا في محلات بيعها ، منقوش عليها الخط المسند ؛ إذ اتهمت تلكم القيادات أصحاب المحلات بأنهم يتبعون جهات خارجية ، وطلبت منهم تلوين تلك التحف باللون الأخضر وكتابة كلام زعيم المليشيات الحوثية عليها .

 

نحتاج لوقت كبير وجهد عظيم لفك رموز وقراءة النقوش الأثرية المسندية ، فهي لم تأخذ حقها من الاهتمام الكافي ؛ إذ أن ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻘﻮﺵ ﺗﺤﺘﻮﻱ ﻋﻠﻰ ﺃﺷﻴﺎﺀ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻭﻫﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﻭﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ، ﻛﺎﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ ﺍﻟﺤﻘﻮﻗﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻝ ﺍﻟﻤﻠﻜﻴﺔ العامة ﻭﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ؛ إذ وجدت نقوش تضمنت تحريم وأد المرأة ، وأخرى تضمنت الإشارة للقوانين السياسية والحكم الفيدرالي حينها ، وكذلك قوانين التجارة وقوانين الحرب .

 

نتطلع لأن يكن للخط المسند ﺣﻀﻮﺭ ، ﻳﻠﻴﻖ ﺑﻪ ، فيدخل ضمن المنهج الدراسي في التعليم العام والجامعي ، وان يكن شعارا رسميا إلى جوار النسر الجمهوري كرمز قومي يمني ، يدل على عراقة اليمنيين وعنفوان كرامتهم وعزتهم وحريتهم الممتد لآلاف السنين .

التعليقات 0:

تعليقك على المقال