الكهنة أبناء الناصر أحمد "الإخوة الأعداء"
منتدى معد كرب القومي
من كتاب الكهنة للإكليلة لمياء الكندي
تعتبر سنة 225هـ، بداية ظهور الجيل الثالث من كهنة آل البيت العلوي في اليمن، ابتداء من يحيى بن الناصر، إلى أخيه الحسن مروراً بالقاسم بن أحمد، وجميعهم إخوة ادعوا الإمامة وتنافسوا عليها في هذا العام الذي شهد ما يعرف بحرب الإخوة الأعداء.
كانت أولى الحوادث الكبيرة التي واجهت الكاهن الحسن بن الناصر أحمد عقب توليه الإمامة، قدوم القيل اليماني حسان بن عثمان بن أبي يعفر إلى نجران وتحالف مع القبائل النجرانية، ثم دخوله صعدة وإخراجه العلويين منها في خطوة هي الأولى من نوعها منذ ورود الكاهن يحيى الرّسي إليها وحتى وقوع هذا الحدث العظيم الذي رافق ولاية الحسن بن الناصر أحمد وإخوته.
كان لإخراج العلويين من صعدة دلالته الكبيرة كون السلالة اتخذت من صعدة معقلا ووكرًا لها، ومركز انطلاق مشروعها الكهنوتي السلالي، وكانت لكهنة البيت العلوي بمثابة مركز فكري ومذهبي ومعسكرا للتعبئة وحشد الجنود واستقبال الإمدادات القادمة من الحجاز وبلاد الديلم وإيران، ومنبرا للتحريض على القبائل اليمنية والدويلات التي تحكم صنعاء وغيرها، فكان قيام القَيل اليماني حسان بن عثمان بن أبي يعفر بمحاولة تطهير صعدة -موطن الفكر السُّلالي ومعقل اللوبيات السّلالية من بني هاشم- بمثابة إنذار لهؤلاء بحتمية ومصيرية المعركة مع اليمنيين، ومثّلت حركة القَيْل حسَّان محاولة يمنية مبكرة لاستئصال الإمامة من جذورها وإسقاطها في موطن دعوتها.
امتازت هذه المرحلة من تاريخ اليمن بكثرة الصراعات والنزاعات الداخلية التي أشعلها الكهنة السلاليون، وحشدوا لها آلاف اليمنيين لخوض حروبهم الطائفية والمذهبية والسلطوية الناتجة عن تنافس أحفاد الهالك الرّسي على منصب الكهانة العظمى.( ).
وفي الوقت الذي ادّعى فيه الحسن بن الناصر أحمد الإمامة لنفسه كان أخوه يحيى الملقب بالمنصور قد أعلن إمامته أيضاً، وأعلنها كذلك القاسم ابن الناصر أحمد، وهكذا صار هناك ثلاثة أئمة في وقت واحد وفي بقعة جغرافية صغيرة بشمال اليمن!
وبسبب الطمع في منصب الإمامة دخل الاخوة الأعداء في صراع كبير، وخاضوا حروباً عديدة للظَّفَر بمنصب الإمامة، وتسبب هذا الاقتتال في هلاك العديد من اليمنيين ( )، وتضرر الآلاف منهم نتيجة لهذا الصراع الذي تُوِّج بهدم مدينة صعدة وتخريبها على يد المختار القاسم والحسن بن أحمد سنة 329هـ، إثر تحالفهما ضد أخيهما الكاهن يحيى.
لم يمنع تحالف الحسن والمختار القاسم، وإثارة الحروب عليه وتدمير صعدة وخرابها - يحيى بن أحمد من المضي في عدّ نفسه إماماً شرعياً واعتبار أخويه مغتصبين للإمامة، فظهر لنا ثلاثة من أبناء الكاهن أحمد:" يحيى، والقاسم، والحسن"، جميعهم يدّعي الإمامة، ويحشد لقتال الآخر، بل ويعتبره منتهكاً لإمامته، وعلى هذا المنوال سار تاريخ كهنة السلالة في ادعاءاتهم لحكم اليمنيين.
بعد وفاة الكاهن الحسن بن أحمد في سنة 329هـ، مضى الأخَوَان القاسم ويحيى، في حربهما ضد اليمنيين وضد بعضهما، فسفكوا الدماء واستباحوا المدن والقرى وأحرقوا المزارع في صراعهم المحموم على المُلك، ولفرض الخرافة التي حملها أدعياء البيت العلوي وإخضاع اليمنيين لها.
تحالف المختار القاسم بن أحمد مع ابن الضحاك الحاشدي في حربه ضد أخيه المنصور يحيى غير أنَّ ذلك التحالف بين القاسم وابن الضحاك الحاشدي لم يستمر طويلاً وانتهى بالحرب بين الطرفين؛ فتغلب ابن الضحاك الحاشدي على المختار وسجنه في ريدة وظل في سجنه حتى مات 345هـ، وقيل إنه مات مسموماً، وقيل قتله ابن الضحاك وهو في سجنه.
أما أخوه الكاهن يحيى فقد استمر في دعوته للكهانة في منصبه ذاك حتى وفاته 367هـ، وبموته انتهى الجيل الثالث من أدعياء الإمامة من أبناء الرّسي وأحفاده ممن عُرفوا بـالإخوة الأعداء، تاركين خلفهم تاريخاً من الفظائع والجرائم. لقد امتلأت سنوات صراعهم الكهنوتي، ومازالت تنبثق من إمامتهم ظواهر الشر وبواطنه، وروائح العنصرية النتنة التي أعيت اليمنيين قديماً وحديثاً.
التعليقات 0:
تعليقك على المقال