هكذا استولى المجرم الكاهن يحيى الرسي صنعاء معتمدا على تأليب القبائل بعضها على بعض.
منتدى معد كرب القومي
المصدر/ كتاب الأئمة الهادويون في اليمن
بعد أن استغل الإمام الهادي يحيى ابن الحسين، النزاعات والحروب بين قبائل صعدة، وزعامات بكيل وحاشد من ناحيةي، وبين هذه الزعامات وبني يعفر وبني طريف، دفعه طموحه إلى مد نفوذه من خلال جمع تلك القبائل حوله والتوجه إلى صنعاء، بعد أن قوى مركزه بوصول الطبريين وبعض العلويين.
كما جمع الهادي زعماء قبائل نجران وصعدة، وكذلك الضحاك والدعام، وبالذات بعد أن تصالح أبو جعفر أحمد بن محمد الضحاك، زعيم حاشد، مع محمد بن الهادي خوفا من استعانة مناقسة الدعام بالهادي، وهكذا استطاع الهادي ضم أكبر زعيمين لهمدان بالإضافة إلى تمكنه من إقناع أبو العتاهية المسيطر على صنعاء للتحالف معه.
تهيأت الظروف للهادي، فانطلق في حملته إلى صنعاء أول عام 288 هجرية، 901 ميلادية، فتحرك من صعدة متجها نحو صنعاء، فوصل إلى العمشية، وهي منطقة بمديرية سفيان، بمحافظة عمران، فالتقاه الدعام بن إبراهيم، بمنع معه من بكيل، وتوجه إلى خيران، ومنها إلى أثافث، ثم دخل ريدة واستولى على البون وشرقه، وكان النزاع على تلك المناطق بين الدعام وبني طريف بقيادة أبي العتاهية، ومن ريده توجه الهادي إلى مدرب بأرحب، ثم إلى منطقة قرب مدينة شبام، وهناك التقى بأبي العتاهية وتفاوض معه، وكان لهيبة الجموع الكبيرة من القبائل المحتشدة حوله أثرها في تسليم أبي العتاهية للهادي، والدخول تحت أمرته، فدخل شبام دون قتال، وتوده مباشرة إلى صنعاء، وهكذا دخل الهادي صنعاء في 17 يناير 901.
وكان مما دفع أبي العتاهية للوقوف مع الهادي الخلاف المستمر بين بني طريف أنفسهم، وبين الزعامات القبلية، ولم يكن دخول الهادي إلى صنعاء إا بما دبره أبو العتاهية من خديعة لابن عمه عبدالله بن جراح، وذلك بأن أوعز له بالخروج من صنعاء بحجة نصب كمين لقوات الهادي، وأن يلتقيا غرب صنعاء بالقرب من شبام، وكان اتفاق أبو العتاهية مع الهادي أن يسلمه ما كان يحكمه.
وبذلك دخل الهادي إلى صنعاء وكانت صدمة شديدة لبني طريف ونتيجة لذلك اقتطع كل واحد من بني طريف منطقة، الأمر الذي أدخل اليمن في صراع وحروب.
فلما بلغ الخبر عبدالله بن جراح، من بني طريف والجنود الذين كانوا معه بالسر بدخول الهادي إلى صنعاء، وهرعوا بخيولهم إلى صنعاء وهم يقولون لا نريد العلوي أن يدخل بلدنا، وكذلك كان قول آل طريف جميعا.
ودخلوا صنعاء ينهبون عسكر الهادي، ويريدون الحرب، فلما خرج إليهم أبو العتاهية شتموه وهاجموه ورموه بالنبال حتى كادوا يقتلونه، لكنه استرضى البعض بأن أعطاهم أكثر من ما كان يعطيهم من الأرزاق.
وأصر الغالبية على الرفض وهاجموا الهادي وانضم إليهم جماعة من أهل صنعاء، ونشب قتال بالقرب من الدار التي كان يسكنها الهادي ولم يبقى معه مستميتاً غير الطبريين.
وكان بني طريف يحرضون الناس قائلين: انصروونا على هذا الغريب نخرجه من وطننا وبلدنا إلى بلاد الرس.
فهل كان ذلك يحصل لو كانت تلك الجموع موالية للهادي، ومؤمنة بما جاء من أجله، أم أن قوة عبدالله بن جراح وأتباعه كانت قوة لا يستطيعون دفعها؟.
استطاع الهادي أن يقمع انتفاضة صنعاء، فأحس بالزهو نتيجة لسهولة سيطرته عليها بدون قتال، فدفعه ذلك إلى اعتقال مجموعة من رؤساء القبائل التي ساندته لأسباب في نفسه، ولم يكن لدى الهادي قاعدة شعبية، لكنه استغل صراع الزعامات، ولم يكن له من الحجج القادرة على إقناع أهالي المناطق التي دخلها لإتباعه، فلم يذود عنه باستماته إلا الطبريون.
وهذا يشير إلى أن قبائل حاشد وبكيل لم تكن تحمل لهؤلاء محبة وولاء، بالإضافة إلى أن حال صنعاء كان مستقرا، ولم يكن لقدومه معنى يدفع أهالي صنعاء للالتفاف حوله، ويظهر ذلك من وقوفهم مع بني طريف.
ويلاحظ أيضا أن الهادي جمع القبائل ممنيهم بمغانم يحصلون عليها من سلب ونهب المناطق التي سيدخلونها، لأنه لم يكن يملك جيشا ولا يملك ما يدفعه لتلك القبائل، وبذلك بدأ يدفع قبيلة بأخرى، حتى أجج العداوة بينها ونما ما هو قائم من خلافات.
كما قام الهادي باعتقال رؤساء القبائل عندما أحس بالانتصار بدخول صنعاء، بالإضافة إلى ما ابتدعه من هدم الدور وقطع الأشجار والأسر والتنكيل بالقتلى، تلك أساليب اتبعها الأئمة الذين جاؤوا من بعده وساروا على فكره ومذهبه، واعتبروه قدوة فكرروا تلك الأساليب والوسائل وزادوا عليها اكل حسب ما توفر له من ظروف وقدرة.
التعليقات 0:
تعليقك على المقال