الدّامِغَة قصيدةُ الحسن بن أحمد الهَمْدانيّ (ت 334 هـ)
أخبار وتقارير / 2021-12-22 02:26:13 / منتدى معد كرب القومي - خاص
هو الحسن بن أحمد بن يعقوب بن يوسف بن داود، من بني همدان، أبو محمد: مؤرخ، عالم بالأنساب عارف بالفلك والفلسفة والأدب، شاعر مكثر، من أهل اليمن.
كان يلقب بابن الحائك، وبالنسابة، وبابن ذي الدمينة (نسبة إلى أحد أجداده: ذي الدمينة بن عمرو) ولد في 19 صفر 280 هـ\ 10 مايو 893م
صنعاء ونشأ بها وأقام على مقربة منها في بلدة (ريدة))، وطاف البلاد، واستقر بمكة زمنا.
وعاد إلى اليمن فأقام في مدينة صعدة، وهاجى شعراءها، فنسبوا إليه أبياتا قيل: عرض فيها بالنبي صلى الله عليه وسلم فحبس ونقل إلى سجن صنعاء.
من تصانيفه (الإكليل - خ) في أنساب حمير وأيام ملوكها، عشرة أجزاء، طبع منها الأول والثاني والثامن والعاشر، و (سائر الحكمة - خ) في اليمن، كتب عنه حسين السياغي، في مجلة الإيمان (سنة ١٩٥٢) و (القوي) و (اليعسوب) في القسي والرمي والسهام، و (الزيج) كان اعتماد أهل اليمن عليه، و (صفة جزيرة العرب - ط) وكتاب (الجوهرتين - خ) في الكيمياء والطبيعة، و (الأيام) و (الحيوان المفترس) و (ديوان شعر) في ست مجلدات
الهمداني تعريف
يعتبر الهمداني من أحسن الذين كتبوا وأسهبوا وأجادوا في الجغرافيا الإقليمية و كتابه ( صفة جزيرة العرب )، يعتبر فريدا من نوعه في هذا المضمار والذي كان ولا يزال ينظر إليه على أنه واحد من أمهات الكتب التي أنتجها المسلمون في الجغرافيا الإقليمية خاصة و في علم الجغرافيا عامة . وقبل أن نعرف شيئا عن الكتاب يجدر بنا أن نعرف شيئا عن كاتبه .
أصاله ونسبه:
أبو محمد الحسن بن أحمد بن يعقوب الهمداني كان رجلا متضلعا في التاريخ ، وعلى قدر رفيع من المعرفة في علم الجغرافيا وعلم الفلك و الشعر . وهو يمني الأصل والمولد والنشأة ويعتقد بأنه من قبيله همدان التي كانت تقيم بجنوب الجزيرة ، واهتم في صباه بدراسة الأدب القدم الي في بلاد اليمن و جنوب الجزيرة العربية .
والغريب أن تاريخ الهمداني غير معروف بالتفصيل بعكس الجغرافيين المسلمين الآخرين، و كل ما يعرف عنه أنه ولد في صنعاء وشب وترعرع بها ، ومن ضمن الأماكن التي زارها مكة المكرمة .
توفي الهمداني عام 334 هـ 945 م . وهو نزيل أحد سجون صنعاء ، ويعتقد بأن بعض أعدائه الذين لم يتورعوا في أن يلقبوه « بابن الحائك » قد أوغروا صدور رجال وحكام صنعاء ضده فأدخلوه السجن وبقى هناك إلى أن وافته منيته .
لقد كان ذلك العالم الجليل شخصية فذة وشعلة من النشاط والذكاء والحماس امتاز بمقدرة عالية على الملاحظة تناولت علوما شتی کالتاريخ والجغرافيا والفلك وعلم أنساب العرب وتاريخ الجزيرة العربية وآثارها القديمة. ولقد استطاع أن يفك رموز كتابات عربية قديمة وجدت في جنوب الجزيرة .
أعماله الجغرافية :
أجاد في وصف شبه جزيرة العرب ، ولكن الذي يبدو في كتاباته أن وصفه لبلاد اليمن وخاصة ديار همدان يعتمد أولا وقبل كل شيء على ملاحظاته الشخصية وهذا أمر بدیهی . بالإضافة إلى ملاحظاته فإنه اعتمد أيضا في مؤلفه على ما كتبه من سبقه من الكتاب والرحالة . وأما وصف الهمداني لجزيرة العرب فإنه يعتمد في الدرجة الأولى على الرحالة والتجار والحجاج الذاهبين إلى مكة و العائدين منها .
بدأ الهمداني كتابه بتمهید ریاضی جغرافي شرح فيه الطرق المختلفة لتحديد خطوط الطول ودوائر العرض ، وبعد ذلك قسم العالم إلى سبعة أقاليم على غرار التقسيم الذي اتبعه بطليموس .
ثم كرس الجزء الأساسي من كتابه لوصف شبه الجزيرة العربية ، وقسمها إلى خمسة أقاليم منها نجد وتهامة والحجاز واليمن و تناول كلا منها بالشرح والتحليل .
ولا يزال کتاب الهمداني حتى هذه اللحظة يحتفظ بقيمته العلمية وقلما نرى أي کاتب يرغب في الكتابة في الوقت الحاضر عن جزيرة العرب ولا يرجع إلى هذا الكتاب لتوسيع أفق مدارکه عن هذه البقعة من العالم .
ولو نظرنا إلى هذا الكتاب من زاوية الجغرافيا الإقليمية لوجدناه يمتاز على كل الكتب الي عالجت هذا الموضوع خلال القرنين التاسع والعاشر الميلادي ما عدا كتابا واحدا كتبه البيروني في القرن العاشر والذي عنوانه ( الهند ).
كتب الهمداني ومؤلفاته
للهمداني كثير من الكتب والمؤلفات ومن أهمها :
كتاب الجوهرتين العتيقتين
كتاب صفة جزيرة العرب
كتاب الاكليل
كتاب سرائر الحكمة
كتاب الابل
كتاب اخبار الأوفياء
كتاب أسماء الشهور والأيام
كتاب الأيام
كتاب النساب
كتاب الحرث والحيله
كتاب المطالع والمطارح
كتاب عجائب اليمن
كتاب المسالك والممالك
دامغة الهمداني
الدّامِغَة هي قصيدةُ الحسن بن أحمد الهَمْدانيّ (ت 334 هـ) المُجابُ بها الكُمَيْت بن زيد الأَسَدِيّ (ت 126 هـ) «عدتّها ستمئة بيت وبيتان» ـــ قرأها وحقّقها مقبل التّام عامر الأحمديّ
تعدُّ الدّامغة أتمَّ المُطوّلات التي انتهت إلينا من تَرِكَة شعراء هذا اللّسان العربيّ، وليس تمامها هو مبعث أهمّيتها فحسب، بل احتواؤها على إشاراتٍ عظيمةِ الخَطَر، وتخصُّرُها نُتَفًا من القصائد التي قِيلت قبلها، كقصيدة الكميت الأَسَدِي، ودِعبل الخُزاعيّ، والأعور الكلبيّ، هاتيك القصائد التي أمدّت أدبنا برافدٍ غزير العيون، مستمرّ الجريان، ثمّ حُجِبت عنّا فيما حُجِب من ذخائرَ نفيسةٍ، وأعلاقٍ عزيزة، فلم ينته إلينا منها إلاّ النّزر اليسير، وقد سُلَّتْ هذه القصيدة من مخطوطين هالكين لشرح الدّامغة، شِيْبَا بمطبوعٍ مطموسٍ، وقُرئت قراءةً هي أقرب ما تكون إلى الصّواب، ثمّ صُدِّرتْ بترجمةٍ يسيرةٍ لصاحبها، مع التّنبيه على عِلْمِهِ وفَضْلِهِ وتآلِيْفِهِ .
دامغة الهمداني 602 بيت
1 أَلا يَا دَارُ لَوْلاَ تَنْطِقِيْنَا = فَإِنَّا سَائِلُونَ ومُخْبِرُونَا
2 بِمَا قَدْ غَالَنَا مِنْ بَعْدِ هِنْدٍ = ومَاذَا مِنْ هَوَاهَا قَدْ لَقِيْنَا
3 فَضِفْنَاكِ الغَدَاةَ لتُنْبِئِيْنَا = بِهَا أيْنَ انْتَوَتْ نَبَأً يَقِيْنَا؟
4 وعَنْكِ، فَقَدْ نَرَاكِ بَلِيْتِ حَتَّى = لَكِدْتِ، مِنَ التَّغَيُّرِ، تُنْكَرِيْنَا
5 أَمِنْ فَقْدِ القَطِيْنِ لَبِسْتِ هَذا = فَلاَ فَقَدَتْ مَرَابِعُكِ القَطِيْنَا
6 أَمِ الأَرْوَاحُ جَرَّتْ فَضْلَ ذَيْلٍ = عَلَى الآيَاتِ مِنْكِ فَقَدْ بَلِيْنَا
7 بِكُلِّ غَمَامَةٍ سَجَمَتْ عَلَيْهَا = تُرَجِّعُ بَعْدَ إِرْزَامٍ حَنِيْنَا
8 فَأَبْقَتْ مِنْكِ آيَكِ مِثْلَ سَطْرٍ = عَلَى مَدْفُونِ رَقٍّ لَنْ يَبِيْنَا
9 فَخِلْتُ دَوادِيَ الوِلْدَانِ هَاءً = إلَى أُخْرَى، وخِلْتُ النُّؤْيَ نُوْنَا
10 إِلَى شَعْثِ الذَّوَائِبِ ذِي غِلالٍ = يَبُثُّ النَّاظِرِيْنَ لَهُ شُجُونَا
11 وسُفْعٍ عَارِيَاتٍ حَوْلَ هَابٍ = شَكَوْنَ القَرَّ إنْ لَمْ يَصْطَلِيْنَا
12 تَرَى أَقْفَاءهَا بِيْضًا وحُمْرًا = وأَوْجُهَهَا لِمَا صُلِّيْن جُوْنَا
13 وبَدَّلَكِ الزَّمَانُ بِمِثْلِ هِنْدٍ = لِطُوْلِ العَهْدِ أَطْلاءً وعِيْنَا
14 وإِلاَّ تَرْجِعِنَّ لَنَا جَوَابًا = فَإنَّا بِالجَوَابِ لَعَارِفُونَا
15 كَأَنِّي بِالحُمُولِ وقَدْ تَرَامَتْ = بِأمْثَالِ النِّعَاجِ وقَدْ حُدِيْنَا
16 وقَدْ جَعَلُوا مُطَارِ لَهَا شِمَالاً = كَمَا جَعَلُوا لَهَا حَضَنًا يَمِيْنَا
17 فَخُلْنَ، وقَدْ زَهَاهَا الآلُ، نَخْلاً = بِمَسْلَكِهَا دَوالِحَ أَوْ سَفِيْنَا
18 فَأضْحَتْ مِنْ زُبَالَةَ بَيْنَ قَوْمٍ = إلَى عُلْيَا خُزَيْمَةَ يَعْتَزُونَا
19 وظَنَّ قَبِيْلُهَا أَسْيَافَ قَوْمِي = يَهَبْنَ الخِنْدِفِيْنَ إِذَا انْتُضِيْنَا
20 لَقَدْ جَهِلُوا جَهَالَةَ عَيْرِ سُوْءٍ = بِسِفْرٍ عَاشَ يَحْمِلُهُ سِنِيْنَا
21 لَقَدْ جُعِلُوا طَعَامَ سُيُوفِ قَوْمِي = فَمَا بِسِوَى أُولَئِكَ يَغْتَذِيْنَا
22 كَمَا الجِرْذَانُ للسِّنَّورِ طُعْمٌ = ولَيْسَ بِهَائِبٍ مِنْهَا مِئِيْنَا
23 كَمَا جُعِلَتْ دِمَاؤُهُمُ شَرَابًا = لَهُنَّ بِكُلِّ أَرْضٍ مَا ظَمِيْنَا
24 فَلَو يَنْطِقْنَ قُلْنَ: لَقَدْ شَبِعْنَا = بِلَحْمِ الخِنْدِفِيْنَ كَمَا رَوِيْنَا
25 وأَضْحَكْنَا السِّبَاعَ بِمُقْعَصِيْهَا = وأَبْكَيْنَا بِهَا مِنْهَا العُيُونَا
26 فَصَارَ البَأْسُ بَيْنَهُمُ رَدِيْدًا = لِعُدْمِهِمُ مِنَ الخَلْقِ القَرِيْنَا
27 كَأَكْلِ النّارِ مِنْها النَّفْسَ، أَنْ لَمْ = تَجِدْ حَطَبًا، وبَعْضَ المُوقِدِيْنَا
28 إذًا لَمْ يَسْكُنِ الغَبْرَاءَ خَلْقٌ = مِنَ الثَّقَلَيْنِ ـ عِلْمِيْ ـ مَا بَقِيْنَا
29 سِوَانَا يَالَ قَحْطَانَ بْنِ هُوْدٍ = لأَنَّا لِلْخَلاَئِقِِ قَاهِرُونَا
30 ونَحْنُ طِلاَعُ عَامِرِهَا، وإِنَّا = عَليْهِ لِلثَّرَاءِ المُضْعِفُونَا
31 وصِرْنَا إِذْ تَضَايَقَ في سِوَاهُ = مِنَ العَافِي الخَرَابِ لَهَا سُكُونَا
32 فَأصْبَحَ مَنْ بِهَا مِنْ غَيْرِ قَوْمِي = بِهَا، حَيْثُ، انْتَهَوا مُتَخَفِّرِيْنَا
33 كَأنَّهُمُ إِذَا نَظَرُوا إِلَيْنَا = لِذِلَّتِهِمْ قُرُوْدٌ خِاسِئُونَا
34 نَذَمُّ لَهُمْ بِسَوْطٍ حَيْثُ كَانُوا = فَهُمْ مَادَامَ فِيْهِمْ آمِنُونَا
35 فَإنْ عَدِمُوْهُ أَوْ عَدِمُوا مَقَامًا = لِوَاحِدِنَا فَهُمْ مُتَخَطَّفُونَا
36 ولَوْلاَ نَبْتَغِي لَهُمُ بَقَاءً = لَقَدْ لاقَوا بِبَطْشَتِنَا المَنُونَا
37 أَوِ اسْتَحْيَوا، عَلَى ذُلٍّ، فَكَانُوا = كَأَمْثَالِ النِّعَالِ لِوَاطِئِينَا
38 ولَكِنَّ الفَتَى، أَبَدًا، تَرَاهُ = بِمَا هُوَ مَالِكٌ، حَدِبًا ضَنِيْنَا
39 فَرُوِّيَ عَظْمُ يَعْرُبَ، في ثَرَاهُ، = مِنَ الفَرْغَيْنِ، وَاكِفَةً هَتُوْنَا
40 أَبِي القَرْمَينِ: كَهْلاَنٍ أَبِيْنَا، = وحِمْيَرَ عَمِّنَا وأَخِي أَبِيْنَا
41 كما نَجَلَ المُلُوْكَ وكَلَّ لَيْثٍ = شَدِيْدِ البَأسِ، مَا سَكَنَ العَرِيْنَا
42 ولَكِنْ قَدْ تَرَى مِنْهُ إِذَا مَا = تَعَصَّى السَّيْفَ ذَا الأَشْبَالِ دُوْنَا
43 وذَاكَ إذَا نُسِبْنَا يَوْمَ فَخْرٍ = يَنَالُ بِبِعْضِهِ العُلْيَا أَبُونَا
44 بِهِ صِرْنَا لأَدْنَى مَا حَبَانَا = مِنَ المَجْدِ الأَثِيْلِ مُحَسَّدِيْنَا
45 تَمَنَّى مَعْشَرٌ أَنْ يَبْلُغُوهُ = فأَضْحَوا لِلسُّهَا مُتَعَاطِيِيْنَا
46 وأَهْلُ الأَرْضِ لَوْ طَالُوا وطَالُوا = فَلَيْسُوا لِلْكَوَاكِبِ لامِسِيْنَا
47 فَلَمَّا لَمْ يَنَالُوا ما تَمَنَّوا = وصَارُوا للتَّغَيُّظِ كاظِميْنَا
48 أَبَانُوا الحِسْدَ والأَضْغَانَ مِنْهُمْ = فَصَارُوا للجَهَالَةِ سَاقِطِيْنَا
49 وغَرَّهُمُ نُبَاحُ الكَلْبِ مِنْهُمْ = وظَنُّونَا لِكَلْبٍ هَائِبِيْنَا
50 وإِنْ تَنْبَحْ كِلابُ بَنِيْ نِزَارٍ = فَإِنَّا للنَّوَابِحِ مُجْحِرُونَا
51 ونُلْقِمُهَا، إذا أَشْحَتْ، شَجَاهَا = لِيَعْدِمْنَ الهَرِيْرَ، إذَا شَحِيْنَا
52 ونَحْنُ لِنَاطِحِيْهِمْ رَعْنُ طَوْدٍ = بِهِ فُلَّتْ قُرُونُ النَّاطِحِيْنَا
53 ولَوْ عَلِمُوا بِأَنَّ الجَوْرَ هُلْكٌ = لَكَانُوا في القَضِيَّةِ عَادِلِيْنَا
54 ولَيْسَ بِشَاهِدِ الدَّعْوَى عَلَيْهَا = ولا فِيْهَا يَفُوزُ الخَاصِمُونَا
55 ولَوْ عَلِمُوا الَّذِي لَهُمُ، ومَاذَا = عَليْهمْ مِنْهُ، كَانُوا مُنْصِفِيْنَا
56 ولَوْ عَرَفُوا الصَّوَابَ بِمَا أَتَوْهُ = لَمَا كَانُوا بِجَهْلٍ نَاطِقِيْنَا
57 وكَانُوا لِلْجَوَابِ بِمَا أَذَاعُوا = عَلَى أَخْوَالِهِمْ مُتَوَقِّعِيْنَا
58 فَكَمْ قَومٍ شَرَوا خَرَسًا بِنُطْقٍ = لمُرْغِمِهِ الجَوَابَ مُحَاذِرِيْنَا
59 فَمَا وَجَدُوا رَعَاعًا يَوْمَ حَفْلٍ = ولا عِنْدَ الهِجَاءِ مُفَحَّمِيْنَا
60 ولا وَجَدُوا غَداةَ الحَرْبِ عُزْلاً = لِحَدِّ سُيُوفِهِمْ مُتَهَيِّبِيْنَا
61 ولَكِنْ، كُلَّ أَرْوَعَ يَعْرُبِيٍّ = يَهُزُّ بِكَفِّهِ عَضْبًا سَنِيْنَا
62 يُعَادِلُ شَخْصُهُ في الحَرْبِ جَيْشًا = وأَدْنَى كَيْدِهِ فِيْهَا كَمِيْنَا
63 ودَامِغَةٍ كَمِثْلِ الفِهْرِ تَهْوِي = عَلَى بَيْضٍ فَتَتْرُكُه طَحِيْنَا
64 تَرُدُّ الطُّوْلَ للأَسَدِيِّ عَرْضًا = وتَقْلِبُ مِنْهُ أَظْهُرَهُ بُطُونَا
65 فَيَا أَبْنَاءَ قَيْذَرَ عُوْا مَقَالِي = أَيَحْسُنُ عِنْدَكَمْ أَنْ تَشْتُمُونَا؟
66 ونَحْنُ وُكُوْرُكُمْ في الشِّرْكِ قِدْمًا = وفي الإِسْلامِ نَحْنُ النَّاصِرُونَا
67 ونَحْنُ لِعِلْيَةِ الآبَاءِ مِنْكُمْ = بِبَعْضِ الأُمَّهَاتِ مُشَارِكُونَا
68 كَمَا شَارَكْتُمُ في حِلِّ قَومِي = بِحُورِ العِيْنِ، غَيْرَ مُسَافِحِيْنَا
69 فَلاَ قُرْبَى رَعَيْتُمْ مِنْ قَرِيْبٍ = ولا لِلْعُرْفِ أَنْتُمْ شَاكِرُونَا
70 وكَلَّفْتُمْ كُمَيْتَكُمُ هِجَاءً = لِيَعْرُبَ بالقَصَائِدِ مُعْتَدِيْنَا
71 فَبَاحَ بِمَا تَمَنَّى إِذْ تَوَارَى = طِرِمَّاحٌ بِمُلْحَدِهِ دَفِيْنَا
72 وكَانَ يَعِزُّ ـ وَهْوَ أَخُو حَيَاةٍ ـ = عَلَيْهِ الذَّمُّ لِلْمُتَقَحْطِنِيْنَا
73 ولَسْتُمْ عَادِمِيْنَ بِكُلِّ عَصْرٍ = لَنَا إِنْ هِجْتُمُ مُتَخَمِّطِيْنَا
74 وسَوْفَ نُجِيْبُهُ، بِسِوَى جَوابٍ = أَجابَ بِهِ ابْنُ زِرٍّ، مُوْجِزِيْنَا
75 وغَيْرِ جَوَابِ أَعْوَرَ كَلْبَ، إِنَّا = مِنَ المَجْدِ المُؤَثَّلِ مُوْسَعُونَا
76 وقَدْ قَصَرَا، ولَمَّا يَبْلُغَا مَا = أَرَادَا مِنْ جَوابِ الفَاضِلِيْنَا
77 وكُثِّرَ حَشْوُ ما ذَكَرُوا ولَمَّا = يُصِيْبَا مَقْتَلاً لِلآفِكِيْنَا
78 وخَيْرُ القَوْلِ أَصْدَقُهُ كَمَا إِنْ = نَ شَرَّ القَوْلِ كِذْبُ الكَاذِبِيْنَا
79 وما عَطِبَ الفَتَى بالصِّدْقِ يَوْمًا = ولا فَاتَ الفَتَى بِالكِذْبِ هُوْنَا
80 فَلا يُعْجِبْكُمُ قَوْلُ ابْنِ زَيْدٍ = فَمَا هُوَ قَائِدٌ لِلشَّاعِرِيْنَا
81 ولا وَسَطًا يُعَدُّ، ولا إِلَيْهِ، = ولَكِنْ كَانَ بَعْضَ الأَرْذَلِيْنَا
82 لَقَدْ سَرَقَ ابْنَ عابِسَ بَعضَ شِعْرٍ = «قِفُوا بالدَّارِ وِقْفَةَ حَابِسِيْنَا»
83 وما قِدَمُ الفَتَى إِنْ كَانَ فَدْمًا = يَكُونُ بِهِ مِنَ المُتَقَدِّمِيْنَا
84 ولا تَأْخِيْرُهُ إِنْ كَانَ طَبًّا = يَكُونُ بِهِ مِنَ المُتَأَخِّرِيْنَا
85 ونَحْنُ مُحَكِّمُوْنَ مَعًا وأَنْتُمْ = بِمَا قُلْنَا وقُلْتُمْ، آخَرِيْنَا
86 فِإنْ حَكَمُوا لَنَا طُلْنَا، وإِنْ هُمْ = لَكُمْ حَكَمُوا، فَنَحْنُ الأَقْصَرُونَا
87 أَلاَ إِنَّا خُلِقْنَا مِنْ تُرَابٍ = ونَحْنُ مَعًا إِلَيْهِ عَائِدُونَا
88 وأَنْ لَسْتُمْ بِأَنْقَصَ مَنْ رَأَيْتُمْ = ولا أَهْلُ العُلُوِّ بِكَامِلِيْنَا
89 ومَا افْتَخَرَ الأَنَامُ بِغَيْرِ مُلْكٍ = قَدِيْم،ٍ أَوْ بِدِيْنٍ مُسْلِمِيْنَا
90 ومَا بِسِوَاهُمَا فَخْرٌ، وإِنَّا = لِذَلِكَ، دُونَ كُلٍّ، جَامِعُونَا
91 ألَسْنَا السَّابِقِينَ بِكُلِّ فَخْرٍ = ونَحْنُ الأَوَّلُونَ الأَقدَمُونَا
92 ونَحْنُ العَارِبُونَ فَلاَ تَعَامَوا = وأَنْتُمْ بَعْدَنا المُسْتَعْرِبُونَا
93 تَكَلَّمْتُمْ بِأَلْسُنِنَا فَصِرْتُمْ = بِفَضْلِ القَوْمِ مِنَّا، مُفْصِحِيْنَا
94 مَلَكْنَا، قَبْلَ خَلْقِكُمُ، البَرايَا = وكُنَّا، فَوْقَهُمْ، مُتَأَمِّرِيْنَا
95 فَلَمَّا أَنْ خُلِقْتُمْ لَمْ تَكُونُوا = لَنَا في أمْرِنَا بِمُخَالِفِيْنَا
96 وكُنْتُمْ في الَّذِي دَخَلَ البَرَايَا = بِطَوْعٍ أَوْ بِكَرْهٍ دَاخِلِيْنَا
97 ومَا زِلْتُمْ لنَا، في كُلِّ عَصْرٍ، = مَلَكْنَا أَوْ مَلَكْتُمْ، تَابِعِيْنَا
98 أَعَنَّاكُمْ بِدَوْلَتِكُمْ، ولَمَّا = نُرِدْ مِنْكُمْ، بدَوْلَتِنَا، مُعِيْنَا
99 لِفَاقَتِكُمْ إِليْنَا إِذْ حَسَرْتُمْ = وإِنَّا عَنْ مَعُونَتِكُمْ غَنِيْنَا
100 وإِنَّا لَلَّذِيْنَ عَرَفْتُمُوهُ = لَكُمْ في كُلِّ هَيْجٍ قَاهِرِيْنَا
101 وإِنَّا لَلَّذيْنَ عَلِمْتُمُوهُ = لَكُمْ، في كُلِّ فَخْرٍ، فَائِتِيْنَا
102 يَراكُمْ بَيْنَ قَومِي مَنْ يَرَاكُمْ = كَمِلْحِ الزَّادِ، لا بَلْ تَنْزُرُونَا
103 ونَحْنُ أَتَمُّ أَجْسَامًا ولُبًّا = وأَعْظَمُ بَطْشَةً في البَاطِشِيْنَا
104 سَنَنَّا كُلَّ مَكْرُمَةٍ فَأَضْحَتْ = لِتَابِعِنَا مِنَ الأَدْيَانِ دِيْنَا
105 ولَوْلاَ نَحْنُ لم يَعْرِفْ جَمِيْلاً = ولا قُبْحًا، جَمِيْعُ الفَاعِلِيْنَا
106 وعَرَّفْنَا المُلُوْكَ بِكُلِّ عَصْرٍ = بِآسَاسِ التَّمَلُّكِ، مُنْعِمِيْنَا
107 وعَوَّدْنَا التَّحِيَّةَ تابِعِيْهِمْ = ومَا كَانُوا لَهَا بِمُعَوَّدِيْنَا
108 وإِلاَّ فَانْظُرُوا الأَمْلاكَ تَلْقَوا = جَمِيْعَهُمُ بِقَوْمِي مُقْتَدِيْنَا
109 وسَنَّنَّا النَّشِيْطَةَ والصَّفَايَا = ومِرْبَاعَ الغَنَائِمِ غَانِمِيْنَا
110 وبَحَّرْنَا وسَيَّبْنَا قَدِيْمًا = فَمَا كُنْتُمْ لِذَاكَ مُغَيِّرِيْنَا
111 فَكُنْتُمْ لِلُّحَيِّ كَطَوْعِ كَفٍّ = وكُنْتُمْ لِلنَّبِيِّ مُعَانِدِيْنَا
112 وأَحْدَثْنَا الأَسِنَّةَ حِيْنَ كَانَتْ = أَسِنَّةُ آلِ عَدْنَانٍ قُرُونَا
113 وآلاتِ الحُرُوْبِ مَعًا بَدَعْنَا = وفِيْنَا سُنَّةُ المُتَبَارِزِيْنَا
114 وأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ بِأَنْ مَلَكْنَا = بِسَاطَ الأَرْضِ غَيْرَ مُشَارَكِيْنَا
115 ونِصْفَ السَّقْفِ مِنْهَا غَيْرَ شَكٍّ = إِلَيْنَا لِلتَّيَمُّنِ تَنْسُبُونَا
116 مِنَ الغَفْرَيْنِ حَتَّى الحُوْتِ طُوْلاً = وعَرْضًا في الجَنُوْبِ بِمَا وَلِيْنَا
117 ومُلْقِحَةُ السَّحَابِ لَنَا، ومِنَّا = مَخَارِجُهَا، ومِنَّا تُمْطَرُونَا
118 وما بِحِذَاءِ ضَرْعِ الجَوِّ قَوْمٌ = سِوَانَا، مُنْجِدِيْنَ ومُتْهِمِيْنَا
119 لَنَا مَطَرُ المَقِيْظِ بشَهْرِ آبٍ = وتَمُّوْزٍ، وأَنْتُمْ مُجْدِبُونَا
120 يَظَلُّ بِصَحْوَةٍ ويَصُوبُ فِيْنَا = زَوَالَ الشَّمْسِ غَيْرَ مُقَتَّرِيْنَا
121 ونَزْرَعُ بَعْدَ ذاكَ عَلَى ثَرَاهُ = ونَحْصِدُ والثَّرَى قَدْ حَالَ طِيْنَا
122 عَلَى أَنْ لَم يُصِبْهُ سِوَى طِلالٍ = شُهُوْرًا ثُمَّ نُصْبِحُ مُمْطَرِيْنَا
123 وِأَنْفَسُ جَوْهَرٍ لِلأَرْضِ فِيْنَا = مَعَادِنُهُ غَنَائِمُ غَانِمِيْنَا
124 وأَطْيَبُ بَلْدَةٍ لا حَرَّ فِيْهَا = ولا قَرَّ الشِّتَاءِ مُحَاذِرِيْنَا
125 بِهَا إِرَمُ الَّتي لَمْ يَخْلُقِ اللَّـ = ـهُ، مُشْبِهَهَا بِدَارِ مُفَاخِرِيْنَا
126 وإِنْ عُدَّتْ أَقَالِيْمُ النَّواحِي = فَأَوَّلُهَا، بِزَعْمِ الحَاسِبِيْنَا،
127 لَنَا، ولَنَا جِنَانُ الأَرْضِ جَمْعًا = ونَارُ الحُكْمِ غَيْرَ مُكَذَّبِيْنَا
128 فَأَيَّ المَجْدِ إِلاَّ قَدْ وَرِثْنَا = وأَيَّ العِزِّ إِلاَّ قَدْ وَلِيْنَا
129 وأَ[وْ]ضَحْنَا سَبِيْلَ الجُوْدِ حَتَّى = أَبَانَتْ في الدُّجَى لِلْسَّالِكِيْنَا
130 ولَوْلاَ نَحْنُ مَا عُرِفَتْ لأَنَّا = إِلى سُبِلِ المَكَارِمِ سَابِقُونَا
131 ومَا أَمْوَالُنَا فِيْنَا كُنُوْزًا = إِذَا اكْتَنَزَ الوُفُوْرَ الكَانِزُونَا
132 ولَكِنْ للوُفُوْدِ وكُلِّ جَارٍ = أَرَقَّ ولِلضُّيُوفِ النَّازِلِيْنَا
133 نُعِدُّ لَهمْ مِنَ الشِّيْزَى جِفَانًا = كَأَمْثَالِ القِلاتِ إِذَا مُلِيْنَا
134 فَمِنْ شِقٍّ يَنَالُ الرَّكْبُ مِنْهَا = ومِنْ شِقٍّ يَنَالُ القَاعِدُونَا
135 تَلَهَّمُ نِصْفَ كُرٍّ مِنْ طَعَامٍ = وكَوْمَاءَ العَرِيْكَةِ أَوْ شَنُوْنَا
136 عَبِيْطَةَ مَعْشَرٍ لَمَّا يَكُوْنُوا = بِأَزْلاَمٍ عَلَيْهَا يَاسِرِيْنَا
137 ومَا نَزَلَتْ لَنَا في الدَّهْرِ قِدْرٌ = عَنِ الأُثْفَاةِ، أَجْلَ الطَّارِقِيْنَا
138 فَمَا لَيْلُ الطُّهَاةِ سِوَى نَهَارٍ = لَدَيْنَا ذَابِحِيْنَ وطَابِخِيْنَا
139 وأَكَلُبُنَا يَبِتْنَ بِكُلِّ رِيْعٍ = لِمَنْ وَخَّى المَنَازِلَ يَلْتَقِيْنَا
140 فَبَعْضٌ بالبَصَابِصِ مُتْحِفُوهُ = وبَعْضٌ نَحْوَنَا، كَمُبَشِّرِيْنَا
141 لِمَا قَدْ عُوِّدَتْ وجَرَتْ عَلَيْهِ = لِوَفْدٍ عِنْدَنَا لا يُفْقَدُونَا
142 تَرَاهُمْ عِنْدَ طَلْعَتِهِمْ سَوَاءً = وأَمْلاكًا عَلَيْنَا مُنْزَلِيْنَا
143 ومَا كُنَّا كَمِثْلِ بَنِيْ نِزَارٍ = لأَطْفَالِ المُهُودِ بِوَائِدِيْنَا
144 ومَا أَمْوالُنَا مِنْ بَعْدِ هَذَا = سِوَى بِيْضِ الصَّفَائِحِ، ما غُشِيْنَا
145 وأَرْمَاحٍ مُثَقَّفَةٍ رِوَاءٍ = بِتَامُورِ القُلُوْبِ مَعَ الكُلِيْنَا
146 ومُشْطَرَةٍ مِنَ الشَّرْيَانِ زُوْرٍ = كَسَوْنَاهُنَّ مَرْبُوعًا مَتِيْنَا
148 بِهِ عِنْدَ الفِرَاقِ لِكُلِّ سَهْمٍ = يَكُونُ بِزَوْرِهَا يُعْلِي الرَّنِيْنَا
149 وجُرْدٍ كَانَ فِيْنَا لا سِوَانَا = مَعَارِقُهَا مَعًا، ولَنَا افْتُلِيْنَا
149 ومِنَّا صِرْنَ في سَلَفَيْ نِزَارٍ = لِمَا كُنَّا عَليَهِ حَامِليْنَا
150 رَبَطْنَاهَا لِنَحْمِلَهُمْ عَلَيْهَا = إِذا وَفَدُوا ونَحْمِي مَا يَلِيْنَا
151 ولَوْلاَ نَحنُ مَا عَرَفُوا سُرُوْجًا = ولا كَانُوا لَهُنَّ مُلَجِّمِيْنَا
152 عَلَوْنَاهُنَّ قَبْلَ الخَلْقِ طُرًّا = وصَيَّرْنَا مَرَادِفَهَا حُصُونَا
153 تُرَاثُ شُيُوُخِ صِدْقٍ لَمْ يَزالُوا = لَهَا مِمَّنْ تَقَدَّمَ وَارِثِيْنَا
154 يَظَلُّ النَّاسُ مِنْ فَرَقٍ إِذَا مَا = عَلَوْنَاهُنَّ في شِكَكٍ ثُبِيْنَا
155 ونَمْنَعُ جَارَنَا مِمَّا مَنَعْنَا = ذَوَاتِ الدَّلِّ مِنْهُ والبَنِيْنَا
156 ومَا هُمْ عِنْدَنَا بِأعَزَّ مِنْهُمْ = نَقِيْهِمْ بالنُّفُوسِ ولَو رَدِيْنَا
157 ونَكْظِمُ غَيْظَنَا أَلاَّ يَرَانَا = عَدُّوٌ أَوْ مُحِبٌّ، طَائِشِيْنَا
158 وعَلَّ بِكُلِّ قَلْبٍ مِنْ جَوَاهُ = لِذَاكَ الغَيْظِ نَارًا تَجْتَوِيْنَا
159 نَصُوْنُ بِذَاكَ حِلْمًا ذَا أَوَاخٍ = رَسَا فِيْهَا حِرَاءُ وطُورُ سِيْنَا
160 نَظَلُّ بِهِ إِذًا، مَا إنْ حَضَرْنَا = جَمَاعَةَ مَحْفِلٍ، مُتَتَوِّجِيْنَا
161 ولَسْنَا مُنْعِمِيْنَ بِلا اقْتِدَارٍ = ونِعْمَ العَفْوُ عَفْوُ القَادِرِيْنَا
162 وإِنْ نَعْصِفْ بِجَبَّارٍ عَنِيْدٍ = يَصِرْ بَعْدَ التَّجَبُّرِ مُسْتَكِيْنَا
163 كَعَصْفَتِنَا بِمَنْ عَلِمَوا قَدِيْمًا = مِنَ الخُلَفَاءِ لَمَّا سَاوَرُونَا
164 ولَسْنَا حَاطِمِيْنَ إِذَا عَصَفْنَا = سِوَى الأَمْلاكِ والمُتَعَظِّمِيْنَا
165 كَعَصْفِ الرِّيْحِ يَعْقِرُ دَوْحَ أَرْضٍ = ولَيْسَ بِعَاضِدٍ مِنْهَا الغُصُونَا
166 ونَغْدُو بِاللُّهَامِ المَجْرِ، يُغْشِي = بِلَمْعِ البَيْضِ مِنْهُ، النَّاظِرْينَا
167 فَنَتْرُكُ دَارَ مَنْ سِرْنَا إِلَيْهِ = تَئِنُّ لَدَى القُفُولِ بِنَا أَنِيْنَا
168 وقَدْ عُرِكَتْ فَسَاوَى الحَزْنُ مِنْهَا = سَبَاسِبَهَا، بِكَلْكَلِ فَاحِسِيْنَا
169 كَما دَارَتْ رَحًى مِنْ فَوْقِ حَبٍّ = تَدَاوَلُهَا أَكُفُّ المُسْغَبِيْنَا
170 فَأَصْبَحَ مَا بِهَا لِلرِّيْحِ نَهْبًا = [كَمَا] انْتَهَبَتْ، لخِفَّتِهِ، الدَّرِيْنَا
171 سِوَى مَنْ كَانَ فِيْهَا مِنْ عَرُوْبٍ = تُفَتِّرُ، عِنْدَ نَظْرتِهَا، الجُفُونَا
172 فإِنَّا مُنْكِحُو العُزَّابِ مِنَّا = بِهِنَّ لأَنْ يَبِيْتُوا مُعَرِسِيْنَا
173 بِلاَ مَهْرٍ كَتَبْنَاهُ عَلَيْنَا = ومَا كُنَّا لَهُنَّ بِمُحْصِرِيْنَا
174 سِوَى ضَرْبٍ كَأَشْدَاقِ البَخَاتِي = مِنَ الهَامَاتِ، أَو يَرِدُ المُتُونَا
175 تَرَى أَرْجَاءهُ، مِمَّا تَنَاءتْ، = وأَرْغَبَ كَلْمِهَا لا يَلْتَقِيْنَا
176 وطَعْنٍ مِثْلِ أَبْهَاءِ الصَّيَاصِي = وأَفْوَاهِ المَزَادِ إِذَا كُفِيْنَا
177 تَرَى مِنْها إِذَا انْفَهَقَتْ بِفِيْهَا = مِنَ الخَضْرَاءِ بَاعًا مُسْتَبِيْنَا
178 ولَسْنَا للغَرائِبِ مُنْذُ كُنَّا = بِغَيْرِ شَبَا الرِّمَاحِ، بِنَاكِحِيْنَا
179 ومَا بَرزَتْ لَنَا يَوْمًا كَعَابٌ = فَتَلْمَحَهَا عُيُونُ النَّاظِرِيْنَا
180 ولا أَبْدَى مُخَلْخَلَهَا ارْتِيَاعٌ = لأِنَّا لِلْكَواعِبِ مَانِعُونَا
181 ولا ذَهَبَ العَدُوُّ لَنَا بِوِتْرٍ = فَأَمْسَيْنَا عَلَيْهِ مُغَمِّضِيْنَا
182 نُضَاعِفُهُ إِذَا مَا نَقْتَضِيْهِ = كإِضْعَافِ المُعَيِّنَةِ الدُّيُونَا
183 وقَدْ تَأْبَى قَنَاةُ بَنِيْ يَمَانٍ = عَلَى غَمْزِ العُدَاةِ بِأَنْ تَلِيْنَا
184 كَمَا تَأْبَى الصُّدُوْعَ لَهُمْ صَفَاةٌ = تُحِيْطُ بِهَا فُؤُوْسُ القَارِعِيْنَا
185 وكَبْشِ كَتِيْبَةٍ قَدْ عَادَلَتْهُ = بِأَلْفٍ، في الحديْدِ مُدَجَّجِيْنَا
186 أُتِيْحَ لَهُ فَتًى مِنَّا كَمِيٌّ = فَأَرْدَاهُ وأَرْكَبَهُ الجَبِيْنَا
187 وغَادَرَهُ كَأَنَّ الصَّدْرَ مِنْهُ = وكَفَّيْهِ، بِقِنْدِيْدٍ طُلِيْنَا
188 تَظَلُّ الطَّيْرُ عَاكِفَةً عَلَيْهِ = يُنَقِّرْنَ البَضِيْعَ ويَنْتَقِيْنَا
189 وأَبْقَيْنَا مَآتِمَ حَاسِرَاتٍ = عَلَيْهِ يَنْتَزِيْنَ ويَسْتَفِيْنَا
190 فَكَيْفَ نَكُوْنُ في زَعْمِ ابْنِ زَيْدٍ = عَلَى هَذَا: «كَشَحْمَةِ مُشْتَوِيْنَا»؟
191 ونَحْنُ لِلَطْمَةٍ وَجَبَتْ عَلَيْنَا = دَخَلْنَا النَّارَ عَنْهَا هَازِئِيْنَا
192 ونَحْنُ المُرْجِفُوْنَ لأَرْضِ نَجْدٍ = بِأَنْفِ قُضَاعَةٍ والمَذْحِجِيْنَا
193 فَمَادَتْ تَحْتَنَا لَمَّا وَطِئْنَا = عَلَيْهَا وَطْأةَ المُتَثَاقِلِيْنَا
194 أَبَلْنَا الخَيْلَ فِيْهَا غَيْرَ يَوْمٍ = وظَلَّتْ في أَطِلَّتِهَا صُفُونَا
195 ورُحْنَ، تَظُنُّ مَا وَطِئَتْهُ ماءً = يَموُجُ مِنَ الوَجَى في الخَطْوِ طِيْنَا
196 ورُحْنَا مُرْدِفِيْنَ مَهَا رُمَاحٍ = تُقَعْقِعُ عِيْسُنَا مِنْهَا البُرِيْنَا
197 تَنَظَّرُ وَفْدَ مَعْشَرِهَا عَلَيْنَا = لِمَنٍّ أَوْ نِكَاحٍ تَمَّ فِيَنْا
198 ونَحْنُ المُقْعِصُونَ فَتَى سُلَيْمٍ = عُمَارةَ بالغُمَيْرِ مُصَبِّحِيْنَا
199 وحَمَّلْنَا بَنِيْ العَلاَّقِ جَمْعًا = بِعِتْقِ أَخِيْهِمُ حِمْلاً رَزِيْنَا
200 وطَوَّقْنَا الجَعَافِرَ في لَبِيْدٍ = بِطَوْقٍ كَانَ عِنْدَهُمُ ثَمِيْنَا
201 ولَمْ نَقْصِدْ لِوَجٍّ، إِنَّ فِيْهَا = ـ فَلاَ قَرُبَتْ ـ مَحَلَّ الرَّاضِعِيْنَا
202 وغَادَرْنَا بَنِي أَسَدٍ بِحُجْرٍ = وقَد ثُرْنَا حَصِيْدًا خامِدِيْنَا
203 كَمِثْلِ النَّخْلِ مَا انْقَعَرَتْ، ولَكِنْ = بِأَرْجُلِهِمْ تَرَاهُمْ شَاغِرِيْنَا
204 تَقَوَّتُهُمْ سِبَاعُ الأَرْضِ حَوْلاً = طَرِيًّا، ثُمَّ مُخْتَزَنًا قَيِيْنَا
205 وزَلْزَلْنَا دِيَارَهُمُ فَمَرَّتْ = تُبَادِرُنَا بِأَسْفَلِ سَافِلِيْنَا
206 بِمُضْمَرَةٍ، تُقِلُّ لُيُوْثَ هَيْجٍ، = عَلَى صَهَواتِهَا، مُسْتَلْئِمِيْنَا
207 تَظَلُّ، عَلَى كَوَاثِبِهَا، وَشِيْجٌ = كَأَشْطَانٍ بِأَيْدِيْ مَاتِحِيْنَا
208 ومَا قَتَلُوا أَخَانَا، يَوْمَ هَيْجٍ، = فَنَعْذُرَهُمْ، ولَكِنْ غَادِرِيْنَا
209 ومَا كَانَتْ بَنُو أَسَدٍ فَغُرُّوا = بِجَمْرَةِ ذِيْ يَمَانٍ، مُصْطَلِيْنا
210 أَلَيْسُوا جِيْرَةَ الطَّائِيْنَ مِنَّا = بِهِمْ كَانُوا قَدِيْمًا يُعْرَفُونَا
211 هُمُ كَانُوا قَدِيْمًا قَبْلَ هَذَا = لإِرْثِهِمُ لِهَالِكِهِمْ قُيُونَا
212 وحَسْبُكَ حِلْفُهُمْ عَارًا عَلَيْهِمْ = وهُمْ كَانُوا لِذَلِكَ طَالِبِيْنَا
213 ولَوْ قَامَتْ، عَلَى قَوْمٍ، بِلَوْمٍ = جَوارِحُهُمْ، مَقَامَ الشَّاهِدِيْنَا
214 إِذًا، قَامَتْ عَلَى أَسَدٍ وحَتَّى = ثِيَابُهُمُ اللَّوَاتِيْ يَلْبَسُونَا
215 بِلَوْمٍ، لا تَحِلُّ بِهِ صَلاةٌ = بِهِ أَضْحَوا لَهُنَّ مُدَنِّسِيْنَا
216 ولَيْسَ بِزائِلٍ عَنْهُمْ إِلَى أَنْ = تَرَاهُمْ كَالأَفَاعِي خَالِسِيْنَا
217 ولاسِيَمَا بَنِي دُوْدَانَ مِنْهَا = وكَاهِلِهَا إِذَا ما يُجْبَرُونَا
218 وهُمْ مَنُّوا، بِإِسْلامٍ رَقِيْقٍ، = عَلَى رَبِّيْ، ولَيْسُوا مُخْلِصِيْنَا
219 وثُرْنَا بِابْنِ أَصْهَبَ وابْنِ جَوْنٍ = فَكُنَّا حِيْنَ ثُرْنَا مُجْحِفِيْنَا
220 فَخَرَّتْ جَعْدَةٌ، بِسُيُوفِ قَوْمِيْ، = وضَبَّةُ، حِيْنَ ثُرْنَا، سَاجِدِيْنَا
221 وآلُ مُزَيْقِيَا، فَلَقَدْ عَرَفْتُمْ = قِرَاعَهُمُ، فَكُرُّوا عَائِدِيْنَا
222 ويومَ أُوَارَةَ الشَّنْعَاءِ ظَلْنَا = نُحَرِّقُ بِابْنِ سَيِّدِنَا مِئِيْنَا
223 ودَانَ الأَسْوَدُ اللَّخْمِيُّ مِنْكُمْ = بَنِي دُوْدَانَ والمُتَرَبِّبِيْنَا
224 بِيَوْمٍ يَتْرُكُ الأَطْفَالَ شِيْبًا = وأَبْكَارَ الكَوَاعِبِ مِنْهُ عُوْنَا
225 وصَارَ إِلَى النِّسَارِ يُدِيْرُ فِيْكُمْ = مُطَحْطَحَةً لِمَا لَهِبَتْ طَحُونَا
226 فَقَامَ بِثَأْرِ بَعْضِكُمُ وبَعْضٌ = أَحَلَّ بِهِ مُشَرْشَرَةً حَجُونَا
227 وأَشْرَكَ طَيِّئًا فِيْهَا فَجَارَتْ = رِمَاحُهُمُ عَلَى المُتَمَعْدِدِيْنَا
228 أَدَارُوا كَأْسَ فاقِرَةٍ عَلَيْكُمْ = فَرُحْتُمْ مُسْكَرِيْنَ ومُثْمَلِيْنَا
229 وآبُوا بِابْنِ مَالِكٍ القُشَيْرِيْ = فَسَرَّحَ مِنْكُمُ الدَّاءَ الكَنِيْنَا
230 وهُمْ مَنَعُوا الجَرَادَ أَكُفَّ قَوْمٍ = دَعَوْهَا جَارَهُمْ مُتَحَفِّظِيْنَا
231 وعَنْتَرَةَ الفَوَارِسِ قَدْ عَلِمْتمُ = بِكَفِّ رَهِيْصِنَا لاقَى المَنُونَا
232 ويَسَّرْنَا شَبَاةَ الرُّمْحِ تَهْوِي = إِلَى ابْنِ مُكَدَّمٍ، فَهَوَى طَعِيْنَا
233 وأَوْرَدْنَا ابْنَ ظَالِمٍ المَنَايَا = ولَسْنَا لِلْخَتُوْرِ مُنَاظِريْنَا
234 فَذَاقَ بِنَا أَبُو لَيْلَى رَدَاهُ = وكُنَّا لابْنِ مُرَّةَ خَافِرِيْنَا
235 أَجَرْنَاهُ مِرَارًا ثُمَّ لَمَّا = تكَرَّهَ ذِمِّةَ الطَّائِيْنَ حِيْنَا
236 وعَبَّاسُ بْنُ عَامِرٍ السُّلَيْمِيْ = يُ، مِنْ رِعْلٍ، قَتِيْلُ الخَثْعَمِيْنَا
237 فَليْسَ بِمُنْكَرٍ فِيْكُمْ، وهَذَا = سُلَيْكٌ، قَتْلَهُ لا تُنْكِرُوُنَا
238 وغَادَرْنَا الضِّبَابَ عَلَى صُمَيْلٍ = يَجُرُّوْنَ النَّوَاصِيَ والقُرُونَا
239 وفَاتِكَكُمْ تَأَبَّطَ قَدْ أَسَرْنَا = فَأُلْبِسَ، بَعْدَهَا، ذُلاًّ وهُوْنَا
240 وطَاحَ ابْنُ الفُجَاءِ مَطَاحَ سُوْءٍ = تَقَسَّمُهُ رِمَاحُ بَنِيْ أَبِيْنَا
241 وكَانُوا لِلْقَمَاقِمِ مِنْ تَمِيْمٍ = عَلَى زُرْقِ الأَسِنَّةِ شَائِطِيْنَا
242 هَوَى، والخَيْلُ تَعْثُرُ في قَنَاهَا، = لِحُرِّ جَبِيْنِهِ في التَّاعِسِيْنَا
243 ومَا زِلْنَا بِكُلِّ صَبَاحِ حَيْفٍ = نُكِبُّ، عَلَى السُّرُوْجِ، الدَّارِعِيْنَا
244 ولَمَّا حَاسَ جَوَّابٌ كِلابًا = تَمَنَّعَ فَلُّهُمْ بِالحَارِثِيْنَا
245 وهُمْ عَرَكُوْهُمُ مِنْ قَبْلِ هَذَا = كَمَا عَرَكَ الإِهَابَ الخَالِقُونَا
246 وأَسْقَوا يَوْمَ مَعْرَكِهِمْ دُرَيْدًا = بِعَبْدِ اللهِ في كَأْسٍ يَرُونَا
247 وهُمْ وَرَدُوا الجِفَارَ عَلَى تَمِيْمٍ = لأَبْحُرِ كُلِّ آلٍ خَائِضِيْنَا
248 فَأُسْجِرَ بَيْنَهُمْ فِيْهَا وَطِيْسٌ = فَصَلَّوْهَا، وظَلُّوا يَصْطَلُوْنَا
249 وفي يَوْمِ الكُلاَبِ فَلَمْ يُذَمُّوا = عَلَى أَنْ لَمْ يَكُوْنُوا الظَّافِرِيْنَا
250 وقَلَّدَ تَيْمَ أَسْرُهُمُ يَغُوْثًا = مَخَازِيَ، ما دَرَسْنَ، ولا مُحِيْنَا
251 لِشَدِّهِمُ اللِّسَانَ بِثِنْيِ نِسْعٍ = فَكَانُوا بِالشَّرِيْفِ مُمَثِّلِيْنَا
252 وهُمْ مَنَعُوا القَبَائِلَ مِنْ نِزَارٍ = حِمَى نَجْرَانَ إِلاَّ زَائِرِيْنَا
253 ونَحْنُ المُرْحِلُوُنَ جُمُوْعَ بَكْرٍ = وتَغْلِبَ مِنْ تِهَامَةَ نَاقِلِيْنَا
254 ومَا فَتَكَتْ مَعَدُّ كَمَا فَتَكْنَا = فَتَقْعَصَ بِالرِّمَاحِ التُّبَّعِيْنَا
255 أَوِ الأَقْوَالَ إِذْ بَذِخُوا عَلَيْهَا = لِمَا كَانُوا لَهَا مُسْتَمْهَنِيْنَا
256 وكَيْفَ وهُمْ إِذَا سَمِعُوا بِجَيْشٍ = يُسَيَّرُ، أَصْبَحُوا مُتَخَيِّسِيْنَا؟
257 يَرُوْدُوْنَ البِلادَ مَرَادَ طَيْرٍ = تَرُوْدُ [لِمَا] تُفَرِّخُهُ وُكُوْنَا
258 فَإِنْ زَعَمُوا بِأَنَّهُمُ لَقَاحٌ = ولَيْسُوا بِالإِتَاوَةِ مُسْمِحِيْنَا
259 فَقَدْ كَذَبُوا، لأَعْطَوْهَا، وكَانُوا = بِهَا الأَبْنَاءَ دَأْبًا يَرْهَنُوْنَا
260 ولِمْ صَبَرُوا عَلَى أَيَّامِ بُؤْسٍ = لأَهْلِ الحِيْرَةِ المُتَجَبِّرِيْنَا
261 يَسُومُهُمُ بِهَا النُّعْمَانُ خَسْفًا = وهُمْ في كُلِّ ذَلِكَ مُذْعِنُونَا
262 ويَبْعَثُ كَبْشَهُ فِيْهِمْ مَنُوْطًا = بِهِ سِكِّيْنُهُ لِلذَّابِحِيْنَا
263 فمَا أَلْفَاهُمُ بِالكَبْشِ يَوْمًا = فَكَيْفَ بِذِيْ الجُمُوْعِ بِفاتِكَيْنَا؟
264 فَلمَّا مَاتَ لَمْ يَنْدُبْهُ خَلْقٌ = سِوَاهُمْ بِالقَصِيْدِ مُؤَبِّنِيْنَا
265 وقَدْ كَانُوا، لَهُ إِذْ كانَ حَيًّا = وخَادِمِهِ عِصامٍ، مَادِحِيْنَا
266 ويَومَ قُراقِرٍ لَمَّا غَدَرْتُمْ = بِعُرْوَةَ لَمْ تَكُوْنُوا مُفْلَتِيْنَا
267 عَلَوْناكُمْ بِهِنَّ مُجَرَّدَاتٍ = كَأَمْثالِ الكَوَاكِبِ يَرْتَمِيْنَا
268 فَمَا كُنْتُمْ لِمَاءِ قُراقِرِيٍّ = مَخافَةَ تِلْكَ يَوْمًا وَارِدِيْنَا
269 وقَدْ هَمَّتْ نِزَارٌ كُلَّ عَصْرٍ = بِأَنْ تَضْحَى بِعَقْوَتِنَا قَطِيْنَا
270 لِمَا نَظَرُوا بِهَا حَتَّى تَوَلَّوا = وهُمْ مِنْهُ حَيَارَى بَاهِتُونَا
271 وقَدْ نَظَرُوا جِنَانًا مِنْ نَخِيْلٍ = ومِنْ كَرْمٍ، وبَيْنَهُمَا، مَعِيْنَا
272 وأَسْفَلَهَا مَزَارِعَ كلِّ نَبْتٍ، = وأَعْلاهَا المَصَانِعَ والحُصُونَا
273 وحَلُّوا دَارَ سُوْءٍ لَيْسَ تَلْقَى = بِهَا لِلطَّيْرِ مِنْ شَظَفٍ وُكُوْنَا
274 فَثُرْنَا في وُجُوْهِهِمُ بِبِيْضٍ = يُطِرْنَ الهَامَ أَمْثَالَ الكُرِيْنَا
275 وإِنْ خَسَفَتْ مَفَارِقَ طَارَ مِنْهَا = فَرَاشُ الهَامِ شَارِدَةً عِزِيْنَا
276 وقَالَتْ تَحْتَهُنَّ: قَبٍ وقَقٍّ، = وقَدْ ورَدَتْ مَضَارِبُهَا الشُّؤُونَا
277 وأَظْهَرْنَا عَلى الأَجْلاَدِ مِنَّا = لُمُوْعَ البَيْضِ، والحَلَقَ الوَضِيْنَا
278 سَرَابِيْلاً تَخَالُ الآلَ، لَمَّا = تَرَقرَقَ في الفَلاَ مِنْهَا، الغُضُونَا
279 بِكِدْيَوْنٍ وكُرٍّ أُشْعِرَتْهُ = سَحِيْقًا في مَصَاوِنِهَا جُلِيْنَا
280 ووَقَّاهَا النَّدَى والطَّلَّ حَتَّى = أَضَأْنَ فَمَا طَبِعْنَ، ولا صَدِيْنَا
281 وطِرْنَا فَوْقَ أَكْتَادِ المَذَاكِيْ = كَأَنَّا جِنَّةٌ مُتَعَبْقِرُونَا
282 فَوَلَّوا، حِيْنَ أَقْبَلْنَا عَلَيْهِمْ = نَهُزُّ البِيْضَ، مِنَّا، يَرْكُضُونَا
283 يَوَدُّ جَمِيْعُهُمْ أَنْ لَوْ أُمِدُّوا = بِأَجْنِحَةٍ فَكَانُوا طَائِرِيْنَا
284 بِذَا عُرِفُوا إِذَا مَا إِنْ لَقَوْنَا = لأَثَوَابِ المَنِيَّةِ مُظْهِرِيْنَا
285 فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ اللهُ خَيْرًا = بِكُمْ بَعَثَ ابْنَ آمِنَةَ الأَمِيْنَا
286 يُعَلِّمُكُمْ كِتَابًا لَمْ تَكُوْنُوا = لَهُ مِنْ قَبْلِ ذَلِكَ قَارِئِيْنَا
287 ويُخْبِرُكُمْ عَنِ الرَّحْمَنِ مَا لَمْ = تَكُوْنُوا، لِلْجَهَالَةِ، تَعْقِلُونَا
288 فَأَظْهَرْتُمْ لَهُ الأَضْغَانَ مِنْكُمْ = وكُنْتُمْ مِنْ حِجَاهُ سَاخِرِيْنَا
289 ولَوْلاَ خِفْتُمُ أَسْيَافَ غُنْمٍ = لَكَانَ بِبِعْضِ كَيْدِكُمُ مُحِيْنَا
290 فَأَمَّا الحَصْرُ والهِجْرَانُ مِنْكُمْ = لَهُ، وجَسِيْمُ مَا قَدْ تَهْمِمُونَا
291 فَقَدْ أَوْسَعْتُمُوْهُ مِنْ أَذَاةٍ = فَأَمْحَلْتُمْ بِدَعْوَتِهِ سِنِيْنَا
292 وقَابَلَهُ بَنُو يَالِيْلَ مِنْكُمْ = بِوَجٍّ، والقَبَائِلُ حَاضِرُونَا
293 بِأَنْ قَالُوا: تُرَى مَا كانَ خَلْقٌ، = سِوَى هَذَا، لِرَبِّ العَالَمِيْنَا
294 رَسُولاً بِالبَلاغِ ؟! وإِنْ يَكُنْهُ = فَنَحْنُ بِهِ، جَمْيِعًا، كَافِرُونَا
295 وقُلْتُمْ: إِنْ يَكُنْ هَذَا رَسُوْلاً = لَكَ اللَّهُمَّ فِيْنَا، أَنْ نَدِيْنَا
296 فَصُبَّ مِنَ السَّمَاءِ سِلاَمَ صَخْرٍ = عَلَيْنَا اليَوْمَ غَيْرَ مُنَاظَرِيْنا
297 وعَذِّبْنَا عَذَابًا ذَا فُنُوْنٍ = فَكُنْتُمْ لِلرَّدَى مُسْتَفْتِحِيْنَا
298 وخَبَّرَنَا الإِلَهُ بِمَا عَمِرْتُمْ = بِهِ وبِدِيْنِهِ تَسْتَهْزِئُونَا
299 أَهَذَا ذَاكِرُ الأَصْنَامِ مِنَّا = بِمَا يُوْحَى لَهُ، مُتَكَرِّهِيْنَا؟
300 فَلَمَّا أَنْ حَكَيْتُمْ قَوْمَ نُوْحٍ = دَعَانَا فَاسْتَجَبْنَا أَجْمَعِيْنَا
301 وسَارَ خِيَارُنَا مِنْ كُلِّ أَوْبٍ = إِلَيْهِ مُؤْمِنِينَ مُوَحِّدِيْنَا
302 فَآسَوْهُ بِأَنْفُسِهِمْ، وأَصْفَوا = لَهُ مَا مُلِّكُوْهُ طَائِعِيْنَا
303 وكُنْتُمْ مِثْلَ مَا قَدْ قَالَ رَبِّيْ = مَتَى تُحْفَوا تَكُونُوا بَاخِلِيْنَا
304 وكَانَ المُصْطَفَى، بِأَبِيْ وأُمِّيْ، = بِأَفْخَرِ مَفْخَرٍ لِلآدَمِيْنَا
305 ولَمْ يَكُ في مَعَدَّ لَهُ نَظِيْرٌ = ولا قَحْطَانَ، غَيْرَ مُجَمْجِمِيْنَا
306 فَمِمَّا قَدْ جَهِلْتُمْ لَمْ تَكُوْنُوا = لِمَا أُعْطِيْتُمُوهُ آخِذِيِنْا
307 ونُصْرَتُهُ ذَوُو الأَلْبَابِ مِنَّا = فَأَقْبَلْنَا إلَيْهِ مُبَادِرِيْنَا
308 فَأَحْرَزْنَاهُ دُوْنَكُمُ، وأَنْتُمْ = قِيَامٌ، كَالبَهَائِمِ تَنْظُرُونَا
309 تَرَوْنَ ضَنِيْنَكُمْ فِي كَفِّ ثَانٍ = وذَلِكَ سُوْءُ عُقْبَى الجَاهِلِيْنَا
310 فَتَمَّمْنَا مَفَاخِرَنَا بِذَاكُمْ = فَزِدْنَا، إِذْ نَرَاكُمْ تَنْقُصُونَا
311 لَقَدْ لُقِّيْتُمُ فِيْهِ رَشَادًا = فَتَتَّبِعُونَ دُوْنَ بَنِيْ أَبِيْنَا
312 إِذًا نِلْتُمْ بِهِ فَخْرًا، وكَانُوا، = عَلَى قَدْرِ الوِلادَةِ يُشْرِكُونَا
313 وكَانَ دُعَاؤُهُ: يَا رَبِّ إِنِّيْ = بِقَرْيَةِ قَوْمِ سُوْءٍ فَاسِقِيْنَا
314 فَأَبْدِلْنِيْ بِهِمْ قَوْمًا سِوَاهُمْ ْ = فَكُنَّاهُمْ، وأَنْتُمْ مُبْعَدُونَا
315 وآوَيْنَاهُ إذْ أَخْرَجْتُمُوهُ = وكُنَّا فِيْهِ مِنْكُمْ ثَائِرِيْنَا
316 وأَسْلَمْتُمْ بِحَدِّ سُيُوْفِ قَوْمِي = عَلَى جَدْعِ المَعَاطِسِ صَاغِرِيْنَا
317 وأَذْعَنْتُمْ، وقَد حَزَّتْ ظُبَاهَا = بِأَيْدِيْنَا عَلَيْكُمْ كَارِهِيْنَا
318 وكَانَ اللهُ لَمَّا أَنْ أَبَيْتُمْ = كَرَامَتَهُ، بِنَا لَكُمُ مُهِيْنَا،
319 وصَيَّرَنَا، لِمَا لَمْ تَقْبَلُوا مِنْ = كرَامَتِهِ الجَسِيْمَةِ، وارِثِيْنَا
320 وكَنْتُمْ حِيْنَ أُرْمِسَ في ثَرَاهُ = لَهُ في الأهْلِ بِئْسَ الخَالِفُونَا
321 غَدَرْتُمْ بِابْنِهِ فَقَتَلْتُمُوْهُ = وفِتْيَانًا مِنَ المُتَهَشِّمِيْنَا
322 وأَعْلَيْتُمْ بِجُثَّتِهِ سِنَانًا = إِلَى الآفَاقِ مَا إنْ تَرْعَوُونَا
323 وكُنْتُمْ لابْنِهِ، كَيْ تَنْظُرُوهُ = أَأَتْفَثَ تَقْتُلُوْهُ، كَاشِفِيْنَا
324 وأَشْخَصْتُمْ كَرَائِمَهُ اعْتِدَاءً = عَلَى الأَقْتَابِ غَيْرَ مُسَاتِرِيْنَا
325 أَكَلْتُمْ كِبْدَ حَمْزَةَ يَوْمَ أُحْدٍ = وكُنْتُمْ بِاجْتِدَاعِهِ مَاثِلِيْنَا
326 وهَا أَنْتُمْ إلَى ذَا اليَوْمِ عَمَّا = يَسُوْءُ المُصْطَفَى مَا تُقْلِعُونَا
327 فَطَوْرًا تَطْبُخُونَ بَنِيْهِ طَبْخًا = بِزَيْتٍ، ثُمَّ طَوْرًا تَسْمُرُونَا
328 فَهُمْ في النَّجْلِ لِلأَخْيَارِ دَأْبًا = وأَنْتُمْ غَيْرَ شَكٍّ تَحْصدُونَا
329 كَأَنَّ اللهَ صَيَّرَهُمْ هَدَايَا = لِمَنْسَكِكُمْ، وأَنْتُمْ تَنْسُكُونَا
330 وأَنْتُمْ قَبْلَ ذَلِكَ مُسْمِعُوْهُ = قَبِيْحَ المُحْفِظَاتِ مُوَاجِهِيْنَا
331 وهَاجُوْهُ، ومُرْوُو ذَاكَ فِيهِ = قِيَانَ ابْنِ الأُخَيْطِلِ عَامِدِيْنَا
332 وقُلْتُمْ: أَبْتَرٌ، صُنْبُورُ نَخْلٍ = وقُلْتُمْ: يابْنَ كَبْشَةَ، هَازِئِيْنَا
333 وطَايَرْتُمْ عَلَيْهِ الفَرْثَ عَمْدًا = وكُنْتُمْ لِلثَّنِيَّةِ ثَارِمِيْنَا
334 وكُنَّا طَوْعَهُ في كُلِّ أَمْرٍ = مُطَاوَعَةَ البُرُوْدِ اللاَّبِسِيْنَا
335 ومَا قُلْنَا لَهُ كَمَقَالِ قَوْمٍ = لِمُوْسَى خِيْفَةَ المُتَعَمْلِقِيْنَا:
336 أَلاَ قَاتِلْ بِرَبِّكَ إِنَّ فِيهَا = جَبَابِرَةً، وإِنَّا قاعِدُونَا
337 وقُلْنا: سِرْ بِنَا إِنَّا لِجَمْعٍ = أَرَادَ لَكَ القِتَالَ، مُقَاتِلُونَا
338 فَلَوْ بِرْكَ الغِمَادِ قَصَدْتَ كُنَّا = لَهُ مِنْ دُوْنِ شَخْصِكَ سَائِرِيْنَا
339 وكُلُّ مُؤَلَّفٍ فِيْكُمْ، ولَمَّا = يَكُنْ في اليَعْرُبِيْنَ مُؤَلَّفِيْنَا
340 وآتَيْنَا الزَّكَاةَ وكُلَّ فَرْضٍ = وأَنْتُمْ، إِذْ بَخِلْتُمْ، مَانِعُونَا
341 ومَا حَارَبْتُمُ إِلاَّ عَلَيْهَا = ولَوْلا تِلْكَ كُنْتُمْ مُؤْمِنِيْنَا
342 فأَيُّ المَعْشَرَيْنِ بِذَاكَ أَوْلَى = عَلَى مَا قَدْ ذَكَرْنَا، واصْدقُونَا؟
343 وفَخْرُكُمُ بإِبْرَاهِيْمَ جَهْلاً = فإِنَّا ذَاكَ عَنْكُمْ حَائِزُونَا
344 ونَحْنُ التَّابِعُوْنَ لَهُ، وأَوْلَى = بِهِ مِنْكُمْ، لَعَمْرِيْ، التَّابِعُونَا
345 دَعَانَا يَوْمَ أَذَّنَ فَاسْتَجَبْنَا = بِأَنْ لَبَّيْكَ، لَمَّا أَنْ دُعِيْنَا
346 وإِنْ تَفْخَرْ بِبُرْدَيْهِ نِزَارٌ = فَنَحْنُ بِهِ عَلَيْكُمْ فَاخِرُونَا
347 وإِنْ كَانُوا بَنِيْهِ فَنَحْنُ أَوْلَى = لأَنَّا التَّابِعُونَ العَاضِدُونَا
348 وقَدْ يَزْهُو بِبُرْدِ مُحَرِّقٍ، مِنْ = تَمِيْمٍ، وَهْوَ مِنَّا، البَهْدَلُونَا
349 وهُمْ نَادَوا رَسُولَ اللهِ يَوْمًا = مِنَ الحُجُرَاتِ غَيْرَ مُوَقِّرِيْنَا
350 ويَفْخَرُ بالدُّخُوْلِ عَلَى بَنِيْهِ = أُمَيَّةُ رَيِّسُ المُتَدَعْمِصِيْنَا
351 ويَعْلُوْ قُسُّكُمْ بِالفَخْرِ لَمَّا = رَأَى مِنَّا المُلُوْكَ البَاذِخِيْنَا
352 وطَالَ بِكَفِّ ذِيْ جَدَنٍ عَلَيْكُمْ = وكَانَ مِنَ المُلُوْك الوَاسِطِيْنَا
353 فَدَلَّ بِأَنَّكُمْ لَمَّا تَكُوْنُوا = بِكَفٍّ لِلْمُلُوْكِ مُصَافِحِيْنَا
354 وتَفْخَرُ بالرِّدَافَةِ مِنْ تَمِيْمٍ = رِيَاحٌ، دَهْرَهُمْ، والدَّارِمُونَا
355 وقَدْ طَلَبَ ابْنُ صَخْرٍ يَوْمَ قَيْظٍ = إِلَى عَبْدِ الكَلالِ بِأَنْ يَكُونَا
356 لَهُ رِدْفًا، فَقَالَ لَهُ: تُرَانَا = [نَكُوْنُ] لِذِي التِّجَارَةِ مُرْدِفِيْنَا؟
357 فَقَالَ: فَمُنَّ بِالنَّعْلَيْنِ، إِنِّيْ = رَمِيْضٌ، قَالَ: لَسْتُمْ تَحْتَذُونَا،
358 حِذَاءَ مُلُوْكِ ذِيْ يَمَن،ٍ ولَكِنْ = تَفَيَّأْ، إِنَّنَا لَكَ رَاحِمُونَا
359 ونَحْنُ بُنَاةُ بَيْتِ اللهِ قِدْمًا = وأَهْلُ وُلاتِهِ والسَّادِنُونَا
360 وخيْفَ مِنًى مَلَكْنَاهُ وجَمْعًا = ومُشْتَبَكَ العَتَائِرِ والحُجُونَا
361 ومُعْتَلَمَ المَوَاقِفِ مِنْ إِلالٍ = بِحَيْثُ تَرَى الحَجِيْجَ مُعَرِّفِيْنَا
362 فَصَاهَرَنَا قُصَيٌّ، ثُمَّ كُنَّا = إِلَيْهِ بالسِّدَانِةِ، عَاهِدِيْنَا
363 وأَصْرَخَهُ رِزَاحٌ في جُمُوْعٍ = لِعُذْرَةَ في الحَدِيْدِ مُقَنَّعِيْنَا
364 فَكَاثَرَ في الجَمِيْعِ بِهِمْ خُزَاعًا = فَأَجْذَمَ بِاليَسَارِ لَنَا اليَمِيْنَا
365 ولَوْلاَ ذَاكَ مَا كَانَتْ بِوَجْهٍ = خُزَاعَةُ في الجَمِيْعِ مُكَاثَرِيْنَا
366 ولا فَخْرٌ لِعَدْنَانٍ عَلَيْنَا = بِمَا كُنَّا [لَهُمْ] بِهِ مُتْحِفِيْنَا
367 ومَا كُنّا لَهُمْ، مِنْ غَيْرِ مَنٍّ، = طِلاَبَ الشُّكْرِ مِنْهُمْ، واهِبِيْا
368 ونَحْنُ غَدَاةَ بَدْرٍ قَدْ تَرَكْنَا = قَبِيْلاً في القَلِيْبِ مُكَبْكَبِيْنَا
369 ويَوْمَ جَمَعْتُمُ الأَحْزَابَ كَيْمَا = تَكُونُوا لِلْمَدِيْنَةِ فَاتِحِيْنَا
370 فَسَالَ ابْنُ الطُّفَيْلِ وُسُوْقَ تَمْرٍ = يَكُوْنُ بِهَا عَلَيْكُمْ مُسْتَعِيْنَا
371 فَقُلْنَا: رَامَ ذَاكَ بَنُو نِزَارٍ، = فَمَا كَانُوا عَلَيْهِ قَادِرِيْنَا
التعليقات 0:
تعليقك على الخبر