تفاصيل الخبر

الإمامة الهاشميةتهين حفيدات بلقيس: ثكالى أو أرامل وعوائل معدمات !

الإمامة الهاشميةتهين حفيدات بلقيس: ثكالى أو أرامل وعوائل معدمات !

أخبار وتقارير / 2022-03-09 23:53:46 / منتدى معد كرب القومي - خاص

 

*د. فاروق ثابت

 

منذ مجيء المجرم الرسي لليمن ٢٨٤ هجرية، صارت المرأة اليمنية الحميرية القحطانية، وفقا لثقافة الإمامة الرسية، أدنى وأذل في التقسيم العرقي السلالي الذي اعتبر نساءهم "شريفات"، فيما اليمنيات "قبيليات، رعويات".

 

ووفقاً لهذا التقسيم الذي جعل المرأة اليمنية "زنبيلة"مقابل "قنديلة"، ومنع "القنديلة" من الزواج ب"زنبيل" و فيما يباح العكس ان كانت الرنبيلة ذات جمال ومال، تم الانتقاص من مكانة المرأة اليمنية، الملكة على مدى العصور، وتم الحط من شأنها، وبموجب ذلك تم ضرب المجتمع اليمني في الصميم كون "المرأة نصف المجتمع"، وبهذا كان الاستهداف لليمن هو الأكثر بشاعة منذ قدوم الأئمة اليمن وحتى اليوم.

 

ولم يصلنا من تاريخ دويلات الائمة عن امرأة قحطانية نبغت أو كان لها شأن باستثناء (الشريفة زينب القاسم) بنت الامام القاسم صاحب (الدولة القاسمية) الملقبة ب(زينب الشهارية)، وكتب لها (الهاشميون) سيرتها وعظموا من شأنها وأشاروا فيما ذكروا عنها الى شجرتها السلالية التي يرجعونها الى (الحسن بن علي بن ابي طالب)، كما ورد في كتاب (نشر العرف) للمؤلف (العلامة) محمد زبارة، الى جانب آخر يدعى عبدالسلام الوجيه، ذكرها في كتابه "أعلام من نساء اليمن" ومفتخرين بكونها من نسل "آل البيت".

 

القحطانية المشهورة غزال المقدشية تعد من أشهر نساء اليمن، لكن لم يصلنا من تاريخها ونتاجاتها الأدبية سوي اليسير، كونها من أسرة بسيطة في قرية (حوَرْوَر) من منطقة المقادشة بمحافظة ذمار، ولا تنتمي الى السلالة البتة.

 

عاشت غزال في القرن التاسع الهجري، وكانت داعية مساواة وهذا هو الأمر الذي أعتقد انه كان السبب الثاني لإهمالها وإهمال تاريخها الأدبي رغم انه كان المفترض الاشارة اليها ونقل بعض من قصائدها في المنهج المدرسي، قالت غزال:

 

سوا سوا يا عباد الله متساويةْ
ما حد ولد حر والثاني ولد جاريةْ

 

عيال تسعة وقالوا بعضنا بيت ناسْ
وبعضنا بيت ثاني عيُنة ثانيةْ

 

فيما برز شأن كبير للمرأة اليمنية في الدول الوطنية التي قامت نائية بنفسها عن حكم الائمة كالدولة الرسولية.

 

يورد المؤلف والباحث عبدالله الحبيشي في كتابه "حياة الأدب في عصر بني رسول"، أن للمرأة كان ثمة شأن عظيم في عهد الدولة الرسولية. التي كانت عاصمتها تعز وامتدت على سائر اليمن.

 

قال: “يكفي أن المرأة اليمنية في عهد الرسوليين تقلدت الزعامة بأعلى مستوياتها؛ ساست الرجال، وتصدرت المحافل، حتى أن قبيلة (المعازيب) ولت عليها امرأة عرفت ب( بنت العواطف) أحلوها محل الشيخ، والمعازبة من أقوى وأكبر قبائل تهامة، فكانت تركب دابة أو ناقة فتقود كل الرجال المعازبة في المعارك، وكان الملك الرسولي يجتمع بها ويكسوها كما يكسو مشائخ القبائل”.

 

وذكر الحبيشي أن ثمة نساء مشهورات برزن كذلك في حكم الدولة الرسولية مثل السلطانة أو الملكة (دار الشمسي بنت يوسف بن رسول) أخت الملك المظفر.

 

كما أشار الحبيشي إلى الملكة "أم السلطان المجاهد الرسولي"،  حكمت الدولة نحو عام وشهرين تقريباً إلى أن عاد ابنها السلطان الذي كان محتجزاً في مصر، ليمسك بزمام الحكم من جديد. وهو الملك الرسولي ذاته الذي نهض بالأرض والإنسان واهتم بالعقل والعلوم والفنون المختلفة وعظم من شأن المرأة.

 

ولقد عاصر حكمه عهد الإمام (المظلل بالغمامة) الذي حقد عليه وكرهه وأقام حروبا كبيرة ضد الرسوليين انتهت بانتصار الملك المظفر، إذ كفره الائمة وأطلقوا عليه (معاوية اليمن)، نكاية وحقداً.

 

و لا ننسى الملكة أروى الصليحي صاحبة الدولة الصليحية، وهي أشهر من نار على علم، وكان عهدها الذي استمر قرابة نصف قرن، نموذجا للتنمية والعمران وازدهار العلوم وتوسع مصالح الناس.

 

عاشت المرأة اليمنية تحت دويلات الائمة الزيديين شتى صنوف البؤس والإذلال والخوف والرعب، إن لم تفجع بموت أطفالها من الموت والجوع والمرض، فهي تفجع بأخذهم رهائن لدى الائمة ويذهبون دون عودة سوى بنعوش الموت، ولا تكتب الحياة لهم إلا فيما ندر. (وهو وضع يتطابق مع ما تفعله الحوثية في مناطق سيطرتها حيث ارتفاع عدد الثكالى والأرامل والمتسولات).

 

وان لم يأخذوهم رهائن قد يتعرض عائلهم للسجن أو للاختطاف في أي لحظة ليس كناشط سياسي، وإنما كرعوي منهك متهم بعدم دفع الضرائب الجائرة للائمة وزبانيتهم.

 

في كتابها "كنت طبيبة في اليمن"، روت طبيبة الإمام، الفرنسية "كلودي فايان" عن مشاهد يندى لها الجبين لأوضاع المرأة إبان الحكم الإمامي. واستشهدت بموقف لامرأة مريضة فارقت الحياة أمامها في المستشفى الجمهوري بتعز حالياً- و ورثه الأئمة من العثمانيين. وذكرت فايان أنها لم تستطع تقديم شيء للمرأة لعدم وجود الامكانات، وأن الكثير من النساء كن بنفس المكان مريضات ينتظرن مصيرهن الحتمي، فيما أميرات القصر الإمامي يعشن في الداخل حياة باذخة ومترفة.

 

وفقا للدكتور مصطفى الشكعة، فبعد أن أباح  الامام أحمد حميد الدين صنعاء للقبائل للإطاحة ب "الثورة الدستورية" عام 1948 "تم انتهاك اعراض ثلاثة أرباع نساء صَنعاء، وفُحش بهن في هَذِه الغزوة الوحشية المشؤومة". انظر: مغامرات مصري في مجاهل اليمن، الدكتور مصطفى الشكعة، ص: 168.

 

كانت عسكر الامام كثيرا ما تعتدي على النساء وتستهدفهن بشكل مباشر،  وعلى سبيل الذكر لا الحصر تسببت محاولة اعتداء عكفة الامام وقادتهم على نساء قرية النجدين شرق مدينة تعز بعراك مسلح بين الرعية وعكفة الاما فتطور الامر لاحراق كل قرى الحوبان بتعز من قبل جيش الامام الذين عادوا للانتقام بمدافع واسلحة نارية، عرف حينها العام ب"سنة الحريق" تشرد كل القريون حينها بما في ذلك نسائهم واطفالهم الى الجبال بعد احراق بيوتهم، ونهب ممتلكاتهم، ثم كان ذلك سبب لاندلاع احداث 1955 بين الامام والثلايا.

 

قال احد الثوار حينها يستنكر التصرفات الرعناء ضد المرأة اليمنية من قبل نظام الامامة وعكفته:

 

" تخاصمنا بالدين والدين موجعٌ
لأنك قد أدميت مهجته عدّا

 

وإلا فهل هتك النساء وضربها
حلال ولو في دين من يعبد الصّلدا؟"

 

وهنا يسجل تاريخ موحش وأسود في فصول حياة المرأة اليمنية التي ملكت وسادت وأنجبت الملوك الذين عمروا الأرض وملكوا البلاد ولم تعد الدنيا بعدهم كما كانت، وذلك بفضل المرأة اليمنية العظيمة وحنكتها وبسالتها وصبرها التاريخي المشهود.

 

ومنذ ان قامت ثورة 26 سبتمبر ١٩٦٢، والمرأة تحاول وتنشط كي تجد لنفسها مكانا وتستعيد مجدها المسلوب. وإذا كان ثمة مناشط عالمية متقدمة دعت منذ وقت مبكر الى مساواة المرأة بالرجل، فإننا نحن اليمنيين لدينا المرأة كالرجل منذ أن وجدت في الأرض ولا فرق بينهما.

 

ولم تشهد المرأة انتكاسة واستنقاصا في مستواها عبر التاريخ إلا منذ مجيء (الرسي) واتباعه القادمين من (طبرستان وديلم ايران)، الذين قدموا الى اليمن في العام 897 ميلادية واستمرت دويلاتهم السلالية تحكم اليمن بالحديد والنار بشكل متقطع، حتى العام 1962م، فتعرضت المرأة اليمنية لشتى صنوف الإذلال والاستنقاص، وأطلقوا مقولات مسيئة تكرس هذا الاستنقاص كثقافة، من ذلك مقولة: (ما شخت مرة من طاقة).

 

فيما نساؤهم هن (الأميرات وهن الشريفات) ولهن كل التبجيل والتعظيم لانهن من سلالة (النسب الشريف) وما غيرهن أدنى وأنقص!

 

ثم أتى الحوثي الآن ليصف اليمنيات ب( الداعشيات) يقتل أبناءهن ويستحل بيوتهن ويفجرها على رؤوسهن وصغارهن بالقذائف والصواريخ، ويمعن فيهن التشريد والترويع والتجويع والتشريد، ويمنع عنهن المساعدات في مناطق النزوح، كما يحرمهن مستحقاتهن في أماكن العمل، ويفرض إجراءات يسهل معها اتهامهن بالفجور، كما حدث في حالات عدة سجلت في أماكن سيطرته. فضلا عن اختطاف يمنيات تعرض الكثير منهن للتعذيب البعض رصدت تقارير عن تعرضهن للاغتصاب، فيما ما تزال قضية المختطفة انتصار الحمادي تدمي قلب من له قلب ودم.

 

مؤخراً اصدرت منظمة الامم المتحدة للطفولة "اليونيسيف" تقريراً رسمياً بأن طفلا يمنيا يموت كل عشر دقائق، وفي هذا الحال تتحمل حفيدة الملوك والملكات الأم اليمنية الصدمة والكارثة الأكبر، ويظل الاسى فيها مستداما على أبنائها وأقاربها مدى الحياة، بسبب الكوارث التي جلبها الائمة الجدد الذين أحزنوا كل أم وأخت وزوجة وابنة، وجعلوا دمعوهن دماً، ومازالوا يفعلون.

 

#حفيدات_بلقيس

 

#يوم_المرأة_العالمي

التعليقات 0:

تعليقك على الخبر