تفاصيل الخبر

سبتمبـر الخـــــــالد

سبتمبـر الخـــــــالد

أخبار وتقارير / 2021-09-28 02:06:48 / 1234

مـــــــــــلف الــمنتدى

مثلت ثورة 26 سبتمبر 1962م إحدى أهم الوثبات التاريخية المجيدة التي صنعها اليمانيون على مدى تاريخهم الممتد. فالثورة السبتمبرية لم تكن ثورة ضد نظام سياسي إمامي ثيوقراطي بغيض فحسب, بل أيضاً كانت ثورة شعبية ضد أوضاع اجتماعية واقتصادية وسياسية وثقافية شديدة التخلف والتأخر سعياً إلى صناعة واقع جديد مغاير.
بعبارة أخرى: ثورة 26 سبتمبر أخرجت اليمن من ظلام القرون الوسطى إلى أنوار العصر الحديث.
إن ما نقوله ليس فيه أية مبالغة أو تهويل, وذلك بالنظر إلى طبيعة الأوضاع السائدة فيما قبل 26 سبتمبر 1962م.
لقد رزحت اليمن وشعبها تحت حكم ظلامي جائر طوال 44 عاماً (1918 – 1962م), اتسم بكونه حكماً ملكياً فردياً مطلقاً. فكان الإمام هو كل شيء في أمور الدين والدنيا, الحاكم المطلق المعصوم, وقد كان يبت في كل صغيرة وكبيرة, وهو رئيس القضاء ورئيس الادارة وقائد الجيش والجهاز الاداري والمتصرف الوحيد في خزانة وأملاك الدولة, فخزانة الدولة هي نفسها خزانة الإمام ولا فرق بينهما.
ناهيك عن أن الإمام كان يحتكر السلطة الدينية فهو خليفة الله في الأرض والحاكم باسمه الذي ينبغي على عامة الناس طاعته, فطاعته من طاعة الله, والخروج عن طاعته هو بمثابة خروج عن الدين يستوجب أقسى العقوبات!
وتأكيداً على هذه السلطة الثيوقراطية المطلقة, اتخذ الإمام ألقاباً له مثل: المنصور بالله, والمتوكل على الله, والناصر.. إلخ, إضافة إلى الألقاب الرسمية: الامام, أمير المؤمنين, الملك, وكان أبناء الإمام يلقب كل واحد منهم بسيف الاسلام.
واعتمد الإمام في إخضاع الشعب على آليات استبدادية خشنة وناعمة. فمن الآليات الخشنة: استخدم القبضة الأمنية, والقمع الشديد, والاعتقالات, والتعذيب الوحشي, والإعدامات في الساحات العامة, وشن الحروب لإخضاع القبائل والمناطق التي حاولت أن تنتفض على حكمه الظالم, كما استخدم سياسة فرّق تسد لضرب القبائل بعضها ببعض, وتطبيق نظام الرهائن, حيث كان يأخذ من مشائخ القبائل وخاصة المشكوك بولائهم أحد أبنائهم أو أحد أقاربهم يستبقيهم عنده كرهائن, والغرض هو لضمان عدم تمرد المشائخ.
أما الوسائل الناعمة فقد عمل الإمام بدأب على السيطرة على عقول الناس؛ مستغلاً الجهل المخيم على الشعب, ومن ذلك بث شائعات تدّعي أن للإمام كرامات, وأنه ليس فقط ملك الإنس بل وملك الجن أيضاً!
ومثلّت سياسة عزل اليمن عن العالم الخارجي وسد المنافذ أمام رياح العصر مبدأ أساس في سياسة الإمام لغرض ديمومة نظامه وبقائه.
وعلى مستوى السياسات الإمامية في المجال الاقتصادي فقد اتجهت للمحافظة على الأنماط التقليدية من أجل الحفاظ على جمود حياة البلاد. فقد حال النظام الامامي دون قيام صناعة وطنية, وأعاق تطور رأس المال التجاري. ولم يكن ثمة نظام نقدي في البلاد ولم يكن هناك أسواق بالمعنى العلمي لها. وكانت المدن متخلفة تذكّر من حيث شكلها الخارجي بمدن القرون الوسطى, إذ أُحيط الكثير منها بأسوار عالية وبأبواب خشبية سميكة, ولم يكن يُسمح بالدخول إلا من خلال تلك الأبواب التي تغلق في الليل وأثناء تأدية الصلاة..!
وفرض الإمام نظام ضرائبي جبائي قاهر استهدف طبقة الفلاحين وصغار التجار, حيث كانت تُفرض عليهم ضرائب باهظة تثقل من كاهلهم تعددت صورها ومسمياتها: الخطاط, والتنافيذ, والبواقي, والتخمين….إلخ, في حين كان يتمتع كبار التجار والمُلاك الإقطاعيين بامتيازات مجزية وبإعفاءات من الضرائب والجمارك.
لقد تشكّل تحالف طبقي أوليغارشي مكوّن من أفراد الأسرة الحاكمة وكبار الملاك الإقطاعيين وكبار. ركّز هذا التحالف الأوليغارشي بيده الثروة والسلطة, وعاش عناصره في تخمة, في مقابل أن الغالبية الكاسحة من أبناء الشعب عاشت حياة ضنكى وحُرمت من المقومات الأساسية للعيش.
وعلى الصعيد الاجتماعي, سادت العلاقات الاقطاعية البطريركية في أبشع صورها, حيث اتسم التركيب الاجتماعي للمجتمع اليمني إبّان حكم بيت حميد الدين بالتراتبية الهيراركية, إذ كان يقف الإمام ومعه أفراد عائلته والعناصر الغنية من طائفة السادة بالإضافة إلى القضاة وكبار الإقطاعيين وكبار التجار المندمجين في السلطة الإمامية على قمة السلم الطبقي, ويليهم شيوخ القبائل, ثم صغار التجار والفلاحين, فالحرفيين, فالفئات الدنيا: المهمشين والعبيد.
وكان لكل فئة من هذه الفئات ثقافتها الخاصة ومواقعها في نظام تقسيم العمل ولها تقاليدها وقيمها الاجتماعية والرمزية وأزياءها. وكان يحرّم على أيّ من أبناء فئة معينة أن ينتقل إلى فئة أخرى أو يستعير بعض تقاليدها أو قيمها الرمزية.
فعلى سبيل المثال: كان أبناء الطبقة العليا من السادة والقضاة يتميزون بلباس خاص, فقد كانوا يضعون طاقيات على رؤوسهم (قاوق) عليها عمائم بيضاء, ويلبسون أثواب طويلة بأكمام واسعة مغلقة, ويضعون على الكتفين وشاح خفيف مصنوع من الصوف, وعلى الخصر يوضع حزام واسع مطرز وجنبية معقوفة, ويضعونها على الجانب الأيمن من الخصر.
وكان يفرض على الناس مخاطبة أفراد شريحة السادة بكلمة "يا سيدي" وللأنثى "يا ستي", وتقبيل اليد والركب, وغيرها من التقاليد التي تعكس منزلة ومكانة أفراد هذه الشريحة.
وعلى الصعيد الثقافي والتعليمي, لم يكن هناك وسائل ثقافية ولا صحف ولا دور نشر ولا يوجد نظام تعليمي في البلاد, وعدد المدارس لا يتعدى عدد أصابع اليد الواحدة, فقد كان يتواجد في طول البلاد وعرضها مدرسة ثانوية واحدة في صنعاء ومدرستان غير مكتملتان في تعز والحديدة.
لقد فرض الإمام سياسة التجهيل على الشعب وعمل على نشر الخرافة في أوساطه ومنع دخول أي وسائل عصرية إلى البلاد ليضمن بذلك استمرار حكمه الظلامي الكهنوتي.
ورغم كل الوسائل التي لجأ إليها الإمام في فرض سلطته, إلا أن الشعب اليمني لم يستكن ولم يستسلم, بل قاوم ومن وقت مبكر هذا النظام القهري, واتخذت المقاومة في البداية انتفاضات فلاحية وعشائرية ثم تطورت مع مرور الزمن لتتخذ تعبيرات أكثر تطوراً.

ومن أبرز الانتفاضات الفلاحية والعشائرية التي حدثت خلال الفترة (1918 – 1928م) الآتي:
انتفاضة أبناء حبيش بقيادة الشيخ محمد عايض العقاب, وانتفاضة أبناء المقاطرة بقيادة الثائر الفقيه حميد الدين الخزفار وهي انتفاضة اتسمت بطابع فلاحي واضح وطامح إلى العدالة الاجتماعية, وانتفاضة أبناء العدين عام 1922م, وانتفاضة حاشد عام 1924م, وانتفاضة قبيلة الزرانيق بتهامة عام 1928م التي قُمعت بشكل وحشي من قبل الإمام أحمد.
ومع مستهل الثلاثينات بدأت تعبيرات المعارضة تتطور باتجاه وطني عام, متخذةً في البداية طابعاً تنويرياً ثقافياً, ودينياً إصلاحياً. فقد كان الحاج محمد المحلوي والشيخ حسن الدعيس وهما فقيهان لهما تأثير واسع في أوساط الشباب والمثقفين, قد عملا على زرع البذرة الأولى للمعارضة اليمنية, وشرعا في توجيه انتقادات علنية ضد الإمام يحيى وأسلوبه في حكم البلاد, وطالبا بإجراء اصلاحات في النظام. وكان من بين الشباب الذين ارتبطوا بهما: أحمد عبدالوهاب الوريث, ومحيي الدين العنسي, وأحمد محمد النعمان, وعبدالوهاب نعمان محمد الأغبري.
كما برز في تلك الآونة زعماء آخرون, من أبرزهم: أحمد المطاع وجغمان والعزب الذين أسسوا في صنعاء جمعية أدبية عام 1936م.
وأسس أحمد عبدالوهاب الوريث مجلة الحكمة اليمانية عام 1938م وهي أول مجلة تصدر في اليمن المتوكلية, واستمرت في الصدور ثلاثة أعوام قبل أن يعمد الإمام يحيى إلى حظرها خشية من تأثيرها الذي بدأ ينتشر في بعض الأوساط الاجتماعية.
بدأت هذه المجموعات بتوجيه انتقادات لأسلوب الإمام في الحكم, وسلطته المطلقة, ونظام تحصيل الضرائب والتمييز الطائفي, وطالبوا بإجراء اصلاحات سياسية واقتصادية وإيجاد دستور للبلاد, وهكذا انتقلوا من النشاط الأدبي الصرف إلى النشاط الأدبي والسياسي.
لم تقتصر معارضة نظام حكم الإمام يحيى حميد الدين على المثقفين والرموز الدينية التنويرية, بل شملت أيضاً عناصر من السادة الزيود أبرزهم عبدالله الوزير وغيره, وكان مبعث معارضة هؤلاء هو نية الإمام يحيى في تسمية الإمام أحمد ولياً للعهد.
في مستهل الأربعينات عمل محمد محمود الزبيري بمعية الأديب الخالدي على إنشاء جمعية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, وكان بعض أعضاء هذه الجمعية من العناصر التي سبق أن اشتركت بنشاط في مجلة الحكمة اليمانية, ثم حُلّت الجمعية بعد سنة واحدة من تأسيسها واُعتقل مؤسسوها.
بعد فترة وجيزة جاء إلى اليمن الفضيل الورتلاني الجزائري الجنسية قادماً من مصر بهدف النشاط التجاري لصالح شركة تجارية مصرية مختصة ببيع الآلات. كان الورتلاني أحد قيادات جماعة الإخوان المسلمين المرتبطة بزعيم الجماعة حسن البنا, وقد عمل الورتلاني على نشر أفكار الجماعة في أوساط الشباب المعارضين للإمام, وأقام صلات بعبدالله الوزير الطامح لكرسي العرش.
اشتدت القبضة الأمنية للنظام الإمامي في محاصرة نشاط الجمعيات وكافة المناشط المعارضة, وبدأ يمارس أعمال تنكيل وقمع وحشي, مما اضطر بالكثير من قيادات المعارضة اليمنية إلى الهجرة إلى عدن.
وصلت أول مجموعة من المعارضين إلى عدن في مايو 1944م برئاسة الشيخ مطيع دماج, وهو شيخ وطني تقدمي من زعامات لواء إب آنذاك, وفور مكوثه في عدن استأنف نشاطه المعارض واندفع يكتب في الصحف وخاصة (فتاة الجزيرة) عن نظام الإمامة.
وفي يونيو من نفس العام وصل أحمد محمد النعمان ومحمد محمود الزبيري, وسمّوا أنفسهم بالأحرار اليمنيين.
كما بزر في تلك الآونة معارضون آخرون في عدن منهم: العلامة زيد الموشكي, والشاعر أحمد الشامي, والشيخ حسن أبو رأس.
في 1944م, عُقد أول مؤتمر للمعارضين اليمنيين في مدينة التواهي, وتمخض عنه إشهار "الجمعية اليمنية الكبرى" التي ضمت أطياف واسعة من المعارضة اليمنية, وصدر عنها جريدة صوت اليمن.
في 21 نوفمبر 1946م وصل إلى عدن الابن التاسع للإمام يحيى وهو الأمير إبراهيم, معلناً معارضته لسياسة أبيه وانضم إلى منظمة الأحرار اليمنيين, ثم أصبح رئيساً لها.
صاغ الأحرار اليمنيون الميثاق المقدس وقاموا بنشره, حيث وضع كمشروع دستور مستقبلي لليمن, واعتبر أول وثيقة برنامجية متكاملة.
في 1947م, بدأ الأحرار اليمنيون بإقامة صلات مع عبدالله الوزير الطامح للسلطة والمنافس اللدود للإمام يحيى واتفقوا على ضرورة التخلص من الإمام يحيى ونظامه وإقامة ملكية دستورية في البلاد بموجب دستور "الميثاق المقدس".
في 17 فبراير 1948م, وبينما كان الإمام يحيى يتجول بسيارته في منطقة حزيز بصنعاء برفقة عبدالله العمري, استوقفهم مجموعة من المسلحين من قبيلة بني الحارث وقبيلة بني حشيش, وكان على رأسهم الشيخ علي ناصر القردعي, وأطلقوا وابل من النيران على الإمام ومرافقيه, وقُتلوا على إثرها.
استغل عبدالله الوزير هذا الحدث ليعلن عن نفسه إماماً دستورياً وقد لقي تأييداً من الأحرار اليمنيين ومن مجموعة من الضباط على رأسهم الضابط العراقي جمال جميل.
وقد عرفت هذه الواقعة فيما بعد بانقلاب 1948م, أو الثورة الدستورية, لكنها ولأسباب موضوعية وذاتية كثيرة يطول شرحها مُنيت بانتكاسة كبيرة وحُوكم معظم قادتها وأُعدموا على يد ولي العهد الإمام أحمد بن يحيى حميد الدين الذي فرض نفسه إماماً على اليمن الشمالي واستمر في الحكم حتى وفاته في 19 سبتمبر 1962م.
على الرغم من أن النجاح لم يحالف انقلاب 1948م, إلا أنه قد انطوى على مغزى كبير, حيث استطاع أن يهز المعتقدات الشعبية التي تقدس الأسرة الحاكمة, وأيقظ لدى الشعب الشعور بأنه في استطاعته أن يقرر مصيره بنفسه ويختار حكّامه.
سار الإمام أحمد على نهج أبيه في إدارة البلاد, وهو ما عمّق من حالة السخط العام في مختلف الأوساط الاجتماعية, وكان دافعاً للمعارضة اليمنية لتصعيد نشاطها.
في عام 1949م أسس الشيخ عبدالله علي الحكيمي منظمة سياسية باسم "الاتحاد اليمني" في كارديف ببريطانيا, وأصدر صحيفة السلام, وأقام الحكيمي صلات بالأحرار اليمنيين.
في 1951م أُصدرت صحيفة الفضول برئاسة عبدالله عبدالوهاب نعمان "الفضول", وكانت صحيفة ساخرة ومؤثرة وساهمت بفعالية في تعرية النظام الإمامي وسقوطه.
شهد العام 1955م محاولة من بعض الضباط والجنود للتمرد على سلطة الإمام أحمد بقيادة أحمد الثلايا وعبدالرحمن باكر والصعر ومحمد قائد سيف, وكانت هذه الواقعة هي أول محاولة لتغيير الوضع الداخلي عن طريق تقويض نظام الحكم الديني القديم وإقامة نظام حكم جديد بأسس عصرية.
أخذ نشاط المعارضة الوطنية اليمنية ضد الإمام أحمد بالتوسع, وزادت حدة السخط العام. وكان من نتائج ذلك أن أقدم ثلاثة من الضباط الوطنيين وهم: محمد العلفي وعبدالله اللقيه ومحسن الهندوانة في محاولة اغتيال الإمام أحمد في الحديدة في 26 مارس 1961م, وقد أصيب الإمام أحمد بإصابات بالغة لكنه لم يمت ونُقل إلى إيطاليا للعلاج.
في ديسمبر 1961م تأسس تنظيم الضباط الأحرار بقيادة عبدالله جزيلان وعلي عبدالمغني, وكان أكثر المنظمات المعارضة تنظيماً وتأثيراً ونشاطاً.
لم يكن تنظيم الضباط الأحرار أثناء تأسيسه على ارتباط بأيّ من المنظمات السياسية المدنية المعارضة, إلا أنه أقام صلات مع العناصر الوطنية قبيل قيام ثورة 26سبتمبر بحوالي شهرين.
كان تنظيم الضباط الأحرار يضم لفيف غير متجانس من الضباط المنحدرين من طبقات وفئات اجتماعية مختلفة ومن اتجاهات سياسية وأيديولوجية متباينة, فقد ضم من أبناء الفلاحين الفقراء ومتوسطيهم وصغار التجار, وكان فيه البعثي والناصري والماركسي.
كما شهدت اليمن آنذاك بروز منظمات معارضة أخرى, من أبرزها: تجمع حركة القوميين العرب بقيادة سلطان أحمد عمر وأحمد قاسم دماج, ومنظمة التجار البرجوازيين بقيادة عبدالغني مطهر وعبدالقوي حاميم.
ونشطت الحركة العمالية التي نظمت إضرابات في صنعاء وتعز والحديدة, وأيضاً برزت الحركة الطلابية التي قادت مظاهرات عارمة في شوارع صنعاء في أغسطس 1962م, وقد طالب الطلبة بتحديث المناهج وتحسين التعليم, وقاموا بإنزال صورة الإمام من حائط وزارة المعارف, وقد امتد نشاط الحركة الطلابية إلى مدينة تعز التي أخذت بعداً أكثر عمقاً.
في 19 سبتمبر 1962م أسدل الستار على حياة الإمام أحمد ليبايع الإمام البدر خلفاً لأبيه الذي تعهد في خطابه السير على نهج أبيه, وهنا وصل الوطنيون اليمنيون إلى قناعة نهائية بضرورة الشروع فوراً في التخطيط لطي صفحة النظام الإمامي وإرساء نظام جمهوري جديد.
في ليلة 26 سبتمبر 1962م, نفّذ تنظيم الضباط الأحرار بقيادة عبدالله جزيلان خطة مُحكمة للسيطرة على العاصمة صنعاء. في هذه الليلة المجيدة كانت اليمن تقف بين عصرين.. عصرٍ قروسطي ماضوي إمامي ظلامي جثم على اليمن وعلى اليمنيين قرون طويلة ومتطاولة وبين عصرٍ جديد.. عصر جمهوري حديث مستقبلي مشرق.
في هذه الليلة التي لا تُنسى ولا يمكن محوها من ذاكرة التاريخ والأجيال سُجلت أحداث ووقائع دراماتيكية ملحمية طوت صفحة الإمامة وأقامت نظام جديد وصنعت مجد اليمن.
وكان من أبرز أبطال هذه الملحمة:
قيادة وأعضاء تنظيم الضباط الأحرار وهم:
اللواء عبدالله جزيلان, والملازم علي عبدالمغني, والنقيب عبداللطيف ضيف الله, والملازم أحمد الرحومي, والملازم محمد مطهر زيد, والملازم صالح الأشول, والملازم ناجي الأشول,
ومن المناضلين من أمثال: عبدالسلام صبره, والشيخ مطيع دماج الذي أحكم السيطرة على إب في صباح 26 سبتمبر ومعه عبدالعزيز الحبيشي, وأحمد قاسم دماج, وأحمد منصور أبو اصبع, وعبدالله الوصابي, وعبدالحفيظ بهران, ومحمد الربادي.
ومن الشباب المثقف: عبدالله الصيقل, يوسف هبه, ابراهيم صادق وعثمان عميره.
والضباط الأحرار فرع الحديدة: النقيب محمد الرعيني, الملازم عبدالوهاب الشامي, الملازم حسين الغفاري, الملازم عتيق الحدا,. الملازم حسين السكري, الملازم محمد المطري, الملازم محمد سعد عبدالغني, الملازم يوسف الشحاري, والملازم عبدالكريم جحيش
بالإضافة إلى ضباط آخرون تواجدوا في صنعاء وبعض المناطق الأخرى وأبرزهم: الملازم عبدالله عبدالسلام صبره, والملازم صالح الرحبي, والنقيب حسين السكري, والنقيب محمد الأهنومي, والملازم أحمد الفقيه, والملازم علي السلال, والملازم عبدالرحمن زين, والنقيب عبدالله الجائفي, والنقيب علي القردعي, والعريف عبدالله الدساني, والملازم علي قاسم المؤيد, والملازم أحمد ناصر, الملازم حسين شرف الكبسي, والملازم علي محمد الشامي, والملازم العروسي, والنقيب أحمد صالح, والملازم محمد الأشموري, والملازم علي الخولاني, والملازم علي الحجري, والملازم عبدالرحمن السوسوه, والنقيب عبدالله المقبلي, والنقيب هاشم الحوثي والملازم حمود بيدر.
وآخرون وهم: على البهلولي, ومحمد النهمي, وعبدالله ضيف الله, , ومحمد الشرعي, عبدالله محسن المؤيد, يحيى جحاف, أحمد مطهر زيد, عبده قائد ومحمد الفسيل وعبدالله حمران.

ثورة 26 سبتمبر تواجه العواصف وتُمنى بالانتكاسات:
لم تكن الطريق أمام الثورة مفروشاً بالورود, بل كانت مليئة بالأشواك, واصطدمت بمطبات وعوائق كثيرة, وأُحيطت بحزام من مؤامرات عديدة داخلية وخارجية حاولت أن تجهض الثورة والنظام الجمهوري منذ اليوم الأول من قيام الثورة ولا تزال تلك المحاولات قائمة حتى يومنا.
يمكن إجمال أهم التحديات التي واجهت الثورة السبتمبرية على النحو الآتي:
بقاء فلول النظام الإمامي في بعض المناطق ومحاولة العودة:
كانت الكثير من المحافظات والمناطق اليمنية في الشمال وفي الشرق وعلى وجه الخصوص: عمران وصعدة والجوف وحجة ومأرب لا تزال تحت سيطرة فلول الإماميين, إذ لم تصل إلى تلك المناطق رياح الثورة والتغيير بعد بحكم التخلف السائد في الواقع الاجتماعي اليمني حينها والموقف السلبي للعديد من مشائخ القبائل تجاه الثورة.
وقد اتخذ فلول الإماميين من بعض هذه المناطق قاعدة لهم لتجميع صفوفهم والإعداد لمهاجمة الثورة, وقد تنبه بعض قادة الثورة لخطورة هذا الأمر, مما اضطرهم الموقف لمغادرة العاصمة صنعاء والتوجه إلى جبهات القتال للدفاع عن الثورة والنظام الجمهوري, وكان على رأس هؤلاء القيادات الثورية الملازم الشهيد علي عبدالمغني و الشهيد محمد مطهر زيد وغيرهما.
وكان لهذا انعكاس سلبي على مستوى توطيد أركان الثورة والنظام الجمهوري في العاصمة صنعاء, مما ترك ثغرة تسللت منها العناصر الانتهازية التي التحقت بالثورة وشرعت في السيطرة على بعض المواقع الإدارية وممارسة ضغوط رهيبة على الرئيس السلال.

تكالب الخارج على الثورة الوليدة:
واجهت الثورة ومنذ يومها الأول موقفاً معادياً من الخارج وبالأخص من السعودية وبريطانيا وأمريكا وإيران.
قدمت هذه الدول الدعم السخي للفلول الإمامية بالأموال والأسلحة, كما دعمت أيضاً مشائخ القبائل المناهضين للثورة, بل إن القوات السعودية والطيران السعودي وقف إلى جانب الفلول الإمامية وساهم في قصف المواقع الجمهورية.
لقد كان لهذا الدعم المتواصل أثره في تخلخل صفوف الجمهوريين, وترتبت عليه نتائج خطيرة على مسار الثورة أبرزها: انقلاب 5 نوفمبر 1967م وحصار السبعين يوماً.
على حين حظيت الثورة بدعم قومي من مصر إبان عهد الزعيم القومي الخالد جمال عبدالناصر, فقد ساند عبدالناصر الثورة وبقوة في مختلف المجالات : العسكرية والسياسية والاقتصادية والتعليمية والخدمية…إلخ.
ولا يزال الشعب اليمني يكنّ العرفان والجميل لمصر عبدالناصر على هذا الصنيع الأخوي والقومي والإنساني.. ورغم جسامة ونبالة هذا الدور المصري إلا أنه لم يخلو من اختلالات وأخطاء, فقد مارست قيادات مصرية عسكرية وإدارية, أبرزها: عبدالحكيم عامر وأنور السادات والسفير أحمد شكري ولاحقاً صلاح نصر أدوار سلبية من ناحية تقديم دعم لبعض الرموز والقوى التقليدية وبعض العناصر الكمبرادورية, ومحاصرة القوى والعناصر التقدمية في الصف الجمهوري وصولاً إلى ارتكاب جرائم اغتيالات واعتقالات …إلخ.

انقسام في صفوف الثورة بين يسار جمهوري ويمين جمهوري:
إن المتتبع لأحداث ووقائع الثورة السبتمبرية والقوى التي اشتركت فيها وتلك القوى التي التحقت بها في ربع الساعة الأخيرة, سيصل إلى استخلاص مفاده: أن الانقسام الذي حصل في صفوف الثورة كان أمراً منطقياً, فتنوع وتعدد القوى التي اشتركت في الثورة وتباين مصالحها قد عكس نفسه على واقع ما بعد الثورة. فأصبحت الجمهورية الوليدة ــ وفقاً للشاعر عبدالله البردوني ــ تعاني عسر التوازن بين المثقفين والسياسيين الثوريين كقوة تغييرية وبين العشائريين كقوة حربية تجابه شبيهها.
وقد انقسمت قوى الثورة إلى تيارين:

التيار الأول: اليسار الجمهوري:
ضم قيادات سياسية وعسكرية ورموز ثقافية أيدت واصطفت مع الرئيس السلال في صراعه ضد القوى التقليدية.
وعلى وجه التحديد تمثل هذا التيار في: بعض عناصر من الضباط الأحرار, وصغار الضباط في الجيش الجمهوري, وحركة القوميين العرب, واتحاد الشعب الديمقراطي (الماركسيون), والجبهة القومية في الجنوب التي وقفت إلى جانب هذا التيار.

التيار الثاني: اليمين الجمهوري:
تمثل هذا التيار بالآتي:
رموز مشيخية وقبلية, وقد استند هؤلاء على قوة القبائل والدعم المقدم من أطراف خارجية: السعودية بدرجة أساسية.
قيادات عسكرية بعثية, من بينهم: حسن العمري وحمود الجائفي.
بعض رموز وقيادات الأحرار اليمنيين وأبرزهم: الزبيري والنعمان والإرياني.
رموز دينية على رأسهم: عبدالملك الطيب وعبدالمجيد الزنداني, وقد مثلوا الذارع الأيديولوجي لليمين الجمهوري.
الكتلة الثالثة بقيادة إبراهيم الوزير.

المؤتمرات السياسية المعارضة خلال الفترة (1963 – 1967م):
مارست قوى اليمين الجمهوري ضغوطات على الرئيس السلال لتمكين الرموز التقليدية من مقاليد الأمور وفك الارتباط بمصر عبدالناصر وصولاً إلى مطالبته بمغادرة السلطة.
وفي مجرى هذه المساعي انعقدت عدة مؤتمرات يمكن إجمالها بإيجاز على النحو الآتي:
مؤتمر عمران, وهو أول المؤتمرات السياسية بعد الثورة, انعقد خلال الفترة (1-9 سبتمبر 1963م), وقد ارتبط هذا المؤتمر باسم الشهيد محمد محمود الزبيري, حيث شكّل الزبيري بمكانته السياسية والثقافية ودوره السياسي نقطة تلاقي قوى وتيارات مختلفة بل ومتناقضة. وقد شكّلت القوى السياسية الاجتماعية التقليدية والمحافظة قاعدة المؤتمر. وقد خرج المؤتمر بقرار تشكيل جيش شعبي قبلي قوامه 28 ألف مقاتل ومقره في عمران, أي أنه قاد عملياً إلى تشكيل جيش موازي للجيش الوطني الرسمي.
مؤتمر خَمِر, وفيه رُفعت شعارات دينية, حيث كانت شعارات ولافتات المؤتمر تحمل اسم "حزب الله", الحزب الذي كان الزبيري قد دعا إلى تأسيسه, وقد ضم المؤتمر قيادات قبلية: عبدالله بن حسين الأحمر وصالح بن ناجي الرويشان ونعمان قائد بن راجح ورموز دينية وسياسية: عبدالملك الطيب ومحمد الفسيل وعبدالمجيد الزنداني وعبدالرحمن الإرياني, وغيرهم.
مؤتمر الطائف الذي بدأ في 31 يوليو 1965م وانتهى في 10 أغسطس 1965م, الذي مثل أكبر اختراق سياسي للصف الجمهوري, وتمثّل في ذهاب البعض إلى موقع الطرف النقيض, وهو المؤتمر الوحيد الذي عُقد خارج البلاد يتناول فيه أوضاع وقضايا داخلية.
وقد رفع المؤتمر شعار الدولة الاسلامية كبديل عن النظام الجمهوري, ما كشف وبوضوح المواقف الفعلية للقوى التقليدية وداعميها من النظام الجمهوري ومضامين الثورة.
مؤتمر سبأ, الذي عقد في 3 مارس 1967م ووقف وراء انعقاده الشيخ سنان أبو لحوم, وقد كان الغرض من المؤتمر ممارسة ضغط لإعطاء قبيلة بكيل دور سياسي.

انقلاب 5 نوفمبر 1967م وأحداث أغسطس 1968م, وصولاً إلى اتفاقية جدة وصفقة المصالحة مع الملكيين عام 1970م:
جاء انقلاب 5 نوفمبر 1967م تتويجاً للمساعي التي قامت بها القوى التقليدية ممثلة بترويكا: القيادات العشائرية والرموز الدينية والقيادات العسكرية بعيد قيام الثورة, فقد شرعت في ممارسة الضغوط على الرئيس السلال وتحجيمه وتعزيز هيمنتها في إطار السلطة من خلال استصدار قرارات كان من أبرزها إصدار قرار بتشكيل مصلحة شؤون القبائل في يناير 1963م.
قاد هذا الانقلاب شيوخ قبائل وقيادات عسكرية وسياسية أبرزهم: عبدالله بن حسين الأحمر زعيم قبيلة حاشد وسنان أبو لحوم ومجاهد أبو شوارب زعيمي قبيلة بكيل وحسن العمري رئيس هيئة الأركان ومحسن العيني القيادي البعثي الذي تولى رئاسة حكومة الانقلاب وعبدالملك الطيب أحد رموز الإخوان المسلمين.
وقد كان من نتائج هذا الانقلاب إفراغ الثورة السبتمبرية والنظام الجمهوري من مضامينهما, ومثل المقدمة لتصفية عناصر اليسار الجمهوري في أغسطس 1968م وتمهيد الطريق أمام إتمام صفقة مع القوى الملكية برعاية المملكة العربية السعودية عام 1970م.
وقد جرى هذا الانقلاب بدعم سعودي سخي تخطيطاً وتنفيذاً. وقد خلق الانقلاب واقع جديد في اليمن حيث تعزز نفوذ النظام السعودي في اليمن بشكل غير مسبوق من خلال خلق أذرعة ثلاثة وهي:
الأول: التيار القبلي بزعامة عبدالله بن حسين الأحمر الذي ظلّ يمثل الذراع الطولى للنفوذ السعودي في اليمن طوال أربعة عقود ونيّف من الزمان.
الثاني: التيار العسكري بقيادة كبار الضباط في الجيش من بينهم: العمري ثم في فترة لاحقة ورث هذا الدور علي عبدالله صالح وعلي محسن الأحمر.
الثالث: التيار الديني بزعامة عبدالمجيد الزنداني رجل الدين المتشدد وذو التأثير الواسع, وجمعت هذا التيار بالنظام السعودي أهداف مشتركة تمثلت بما يسمى "محاربة الشيوعية" والنظام التقدمي في الجنوب ونشر الفكر الوهابي في اليمن الشمالي.
جندت السعودية الثلاث التيارات السالفة الذكر في تصفية القوى التقدمية وسحق أي محاولة تهدف لإخراج اليمن من عباءة النفوذ السعودي, مثل المحاولة الوحيدة واليتيمة التي قادها الرئيس المغدور به الشهيد إبراهيم محمد الحمدي.
لقد مثل انقلاب 5 نوفمبر طعنة نجلاء في جسد الثورة السبتمبرية والنظام الجمهوري, فقد بدأ مسار ابتلاع القبيلة برموزها المشائخية للدولة, وتجريم الحزبية وحظر العمل النقابي, وإقصاء وتصفية العناصر الوطنية والتقدمية في الصف الجمهوري الذين قاموا بالدفاع عن العاصمة صنعاء إبان حصار السبعين يوماً (ديسمبر 1967- فبراير 1968م) في مارس وأغسطس 1968م, والتي تم فيها تصفية العديد من الضباط الوطنين على رأسهم: عبدالرقيب عبدالوهاب, ومحمد مهيوب الوحش وغيرهما.
تُوج هذا المسار الانقلابي الكارثي بعقد صفقة مصالحة مع الملكيين برعاية السعودية في مارس 1970م.

تحالف طفيلي حاكم ( 1978- 2011م):
أطراف هذا التحالف: العسكر ومشائخ القبائل ورجال دين وبعض كبار التجار, عمد هذا التحالف على مركزة السلطة والثروة بيده, وممارسة القمع والإقصاء والفساد والإفساد, والارتهان للخارج.
ولما بدأت مؤشرات التصدع تظهر في بنية هذا التحالف الأوليغارشي, بسعي المخلوع صالح بالاستفراد بالسلطة لشخصه ولأفراد عائلته, مبدياً رغبته في توريث الحكم لنجله أحمد علي, الأمر الذي آخر حلقات إفراغ الثورة السبتمبرية والنظام الجمهوري وتحويله إلى نظام جملوكي فردي تسلطي استبدادي. غير أن الشعب اليمني ضاق بهكذا سياسات فخرج في ثورة عارمة في 11 فبراير 2011م في مختلف المحافظات اليمنية, وقد مثلت الثورة السلمية الامتداد التاريخي والطبيعي لثورة 26 سبتمبر وثورة 14 أكتوبر و30 نوفمبر, فالأهداف والقضايا والطموحات الشعبية لكل هذه الثورات واحدة, تتخلص في نشدان العيش الكريم وبناء الدولة الوطنية الديمقراطية التي تحقق الشراكة الوطنية لكل أبناء الوطن من مختلف الانتماءات السياسية والاجتماعية والثقافية.
غير أن هذه الثورة انتكست ولم تحقق أهدافها لأسباب موضوعية وذاتية كثيرة, لكنها لم تخمد ولم تخبو جذوتها رغم كل العواصف والأنواء التي أحيطت وتحاط بها.
ويبقى التحدي الأبرز الذي واجهته ثورة فبراير السلمية هو الانقلاب وصعود الحركة الحوثية على سدة السلطة, وهناك جملة من الظروف والأسباب والعوامل التي ساهمت في خلق هذا الواقع المأزوم ومن ذلك:
تشتت قوى الثورة الفبرايرية السلمية وعجزها الذاتي عن قيادة المرحلة.
الدولة العميقة وأجهزتها العسكرية والأمنية والإدارية التي ظلت بيد المخلوع صالح ووظفها في النيل من ثورة فبراير وفي صنع الانقلاب الغاشم.
العامل الخارجي، ومن الأهمية التفصيل ولو قليلاً في هذه الجزئية, فقد رأى الخارج وعلى وجه التحديد الجوار الاقليمي في ثورة فبراير هاجساً مؤرق, مما حدا به إلى اتخاذ سياسة احتوائية لموجة الحراك الشعبي وقطع الطريق أمام تمدد شرره.
تجسدت هذه السياسة الاحتوائية في الحالة اليمنية بمسارين:
المسار الأول: المبادرة الخليجية التي وقعت عليها الأطراف السياسية اليمنية في نوفمبر 2011م. أنقذت هذه المبادرة المخلوع صالح ومنحته حصانة من المساءلة واختزلت المطالب الشعبية المتمثلة برحيل النظام السابق وتحقيق حياة حرة وكريمة لليمنيين وبناء دولة مدنية عادلة إلى أزمة حكم سياسي بين سلطة ومعارضة.
المسار الثاني: قيام النظام السعودي بدعم الحركة الحوثية خلال الفترة من عام 2013م إلى منتصف عام 2014م واستخدامها كورقة في تصفية حسابات مع آل الأحمر.
لقد أوعز النظام السعودي للحوثيين بالتمدد في مناطق محافظة عمران وصولاً إلى صنعاء "لتأديب" بيت الأحمر التي خرجت عن بيت الطاعة السعودية, ومما يدلل صحة هذا الأمر تصريحات السفير السعودي لدى اليمن بُعيد سقوط عمران بيد الحوثيين التي كشفت عن حالة ارتياح انتابت القيادة السعودية من هذا الحدث.
وفي حقيقة الأمر, فإن النظام السعودي أساء التقدير عندما لجأ إلى استخدام الحركة الحوثية كورقة في تصفية حساباته مع آل الأحمر, اتضح هذا الأمر مع مرور الوقت, فبُعيد سقوط صنعاء بأيدي الحوثيين في 21 سبتمبر 2014م, بدأ الحوثيون يخرجون عن النص المكتوب, فقد تملّكهم الشعور بتعاظم قوتهم, وعمدوا إلى التمدد في المناطق الوسطى والجنوبية, وتوجيه رسائل قاسية للمملكة السعودية كإجراء مناورات عسكرية عند حدودها الجنوبية, وإقامة جسر جوي بين صنعاء وطهران, مما دفع بالسعودية إلى تشكيل تحالف مكون من 10 دول عربية وإسلامية وإطلاق عملية عسكرية واسعة في اليمن حملت اسم "عاصفة الحزم" في 26 مارس 2015م.
اليوم وبعد مرور أربع سنوات ونصف من إطلاق هذه العملية لا تزال رحى الحرب قائمة في اليمن, ولا تزال الحركة الحوثية تسيطر على مناطق واسعة في الشمال وفي الوسط. وما يفسر هذا الأمر ثلاثة عوامل أساسية:
العامل الأول: ضعف السلطة الشرعية وإخفاقها في بناء نموذج جاذب ومستقبلي يطمئن اليمنيين بشأن مستقبلهم.
العامل الثاني: اختلالات بنيوية في التحالف العربي الذي لم يتدخل في اليمن من أجل إعادة الشرعية اليمنية واستعادة الدولة من قبضة الانقلاب كما هو معلن, بل تدخل وفقاً لمصالح وأجندات خاصة به.
مما حرف مسار المعركة مع الانقلاب تماماً, وأصبحت بعض دول التحالف العربي تمارس تدخلات تعسفية قهرية, وممارسات أخرى تصب في صالح الانقلاب وديمومته, فقد كشر النظام الاماراتي عن أنيابه وأظهر ما كان يضمره بحق البلد, فسعى إلى السيطرة على المؤانئ والمطارات والجزر اليمنية, وقدم ولا يزال يقدم دعم لقوى ميليشياوية ومناطقية وسلفية متطرفة في مناطق سيطرة الشرعية, وأعاق أي خطوة تصب في اتجاه تطبيع الأوضاع في المناطق المحررة وعودة السلطة الشرعية لممارسة مهامها… إلخ.
العامل الثالث: الدور التدخلي الإيراني في اليمن ودعمه المتواصل للميليشيا الانقلابية:
واقع الحال أن الدور التدخلي الإيراني في اليمن ودعمه للحركة الحوثية ليس ابن اللحظة, بل له جذور تاريخية, يمكن إيضاح أبعاده بالصورة التالية:
مع استتباب الوضع الداخلي في إيران بُعيد الثورة الخمينية عام 1979م, بدأ النظام الإيراني يمد ببصره نحو المنطقة العربية بغيّة إيجاد موطئ قدم له, وفي سبيل تحقيق ذلك, وظّف النظام الإيراني خطاباً شعبوياً مخاتلاً لاستمالة الشارع العربي, وإظهار نفسه كمدافع عن القضية الفلسطينية, وكخصم لدود للدول الغربية أو "قوى الاستكبار العالمي" كما تردد وسائل إعلامه, والترويج لنفسه بأنه يقود حالة انبعاث وصحوة اسلامية.
هذا الخطاب لامس شغاف بعض الشباب اليمني الزيدي الذي بدأ يتردد على إيران في الثمانينيّات بهدف الدراسة في المراكز الدينية بمدينة "قم", وكان من بين هؤلاء: حسين الحوثي مؤسس الحركة الحوثية ومحمد عزان مؤسس منتدى الشباب المؤمن, وهو منتدى هَدِفَ لإحياء المذهب الزيدي كردة فعل لقيام مقبل بن هادي الوادعي الزعيم الروحي للسلفية اليمنية وبدعم من النظامين اليمني والسعودي بتأسيس معهد "دار الحديث" في منطقة دماج بمحافظة صعدة أقصى شمال اليمن, تلك المحافظة التي توصف بـ"كرسي الزيدية".
بدأ النفوذ الإيراني يظهر إلى السطح مع تحوّل الحركة الحوثية من حركة دعوية إلى حركة جهادية مسلحة, وشروعها بفرض سيطرتها على بعض المديريات التابعة لمحافظة صعدة, وانخراطها في ست جولات من الحروب الدامية خلال الأعوام (2004 – 2010م) ضد نظام علي عبدالله صالح, الذي وظّف هذا الصراع لتحقيق عدة أهداف آنية خاصة به, منها التهرّب من الاستحقاقات الداخلية, والتنصّل عن القيام بالإصلاحات الاقتصادية والسياسية, وابتزاز الخارج ولاسيما المملكة العربية السعودية بهدف الحصول على مساعدات مالية وتسليحية.
وتشير الكاتبة السياسية ميساء شجاع الدين إلى أنه منذ الجولة الرابعة من حروب صعدة التي اندلعت في يونيو عام 2007م, بدأت الحركة الحوثية "تأخذ شكلاً اكثر تنظيماً وتدريباً، وصارت تتلقى تدريبا عسكرياً وأموالاً بشكل منتظم من إيران عن طريق حزب الله اللبناني".
وفي الجولة السادسة من الحرب التي بدأت في أغسطس 2009م وانتهت في فبراير 2010م تدخلت السعودية عسكرياً إلى جانب النظام اليمني ضد الحركة الحوثية, وفي المقابل اتخذت إيران موقفاً إعلامياً صريحاً مؤيداً للحركة الحوثية.

ويمكن سرد وقائع إضافية تكشف حالة تنامي النفوذ الإيراني في اليمن بالصورة الآتي:
في يوليو 2012م, أعلنت السلطات اليمنية عن ضبط شبكة تجسس إيرانية تدير عمليات تجسس في اليمن والقرن الإفريقي.
في مارس2013م أصدرت محكمة يمنية بحبس مواطنيّن يمنيين اثنين بتهمة التخابر مع إيران.
مارست السفارة الإيرانية في صنعاء أنشطة استقطابية مكثفة بين عامي (2012 – 2014م), إذ تمكنت من استقطاب قيادات سياسية وعشائرية وناشطين شباب وتقديم الدعم المادي والإعلامي لهم, وتسفيرهم إلى لبنان وإيران وسوريا لتلقي دورات تدريبية سياسية وإعلامية.
كما تمكنت من استقطاب قيادات سياسية وشخصيات برلمانية وإدماجهم في شبكات مصالح انتفاعية وإنشاء منابر إعلامية وفضائيات أبرزها: قناة الساحات التي يديرهاه البرلماني سلطان السامعي, ودعم "جبهة إنقاذ الثورة" التي يتزّعمها البرلماني الليبرالي أحمد سيف حاشد. كما قدمت إيران تمويلاً سخياً لبعض تيارات الحراك الجنوبي التي ترفع شعار فك الارتباط.
بتاريخ 23 يناير 2013م, أعلنت السلطات اليمنية عن إلقائها القبض على سفينة "جيهان1" وهي سفينة إيرانية، محمّلة بالأسلحة كانت في طريقها إلى ميناء ميدي الذي يسيطر عليه الحوثيون.
كثّفت إيران قبيل انقلاب 21 سبتمبر 2014م "وحدات التهريب الإيرانية التابعة لفيلق القدس (الوحدة 400 والوحدة 190) من تعزيز وجودها العسكري في اليمن من خلال إرسال خبراء وخلايا تجسس, فضلاً عن إرسال شحنات عسكرية لتعزيز قدرات جماعة الحوثي العسكرية, ومنها سفينة (جيهان واحد) الشهيرة التي كانت الحكومة اليمنية قد ألقت القبض عليها مطلع عام 2013م, وعلى متنها عشرات الأطنان من الأسلحة المتطورة القادرة على إسقاط طائرات عسكرية ومدنية, بالإضافة إلى مادتي (السي فور, والسوربتول) شديدتي الانفجار اللتين تخلطان مع مواد أخرى لصناعة القنابل والأحزمة الناسفة والعبوات المتفجرة."
عشية سقوط العاصمة اليمنية صنعاء بأيدي الحوثيين في سبتمبر 2014م, أدلى "علي رضا زاكاني" المسؤول الإيراني المقرّب من المرشد علي خامنئي بتصريح أفاد فيه بأن صنعاء أصبحت العاصمة العربية الرابعة التي دخلت في كنف إيران بعد بغداد وبيروت ودمشق.
بُعيد انقلاب 21 سبتمبر 2014م قامت اللجنة الثورية العليا (سلطة الانقلاب) بإبرام اتفاق مع إيران قضى بتوسيع وتطوير ميناء الحديدة (أكبر ميناء في اليمن)، وإنشاء جسر جوي بين صنعاء وطهران لتسيير 14 رحلة أسبوعية.
قام حزب الله اللبناني بتقديم دعم لوجستي لمقاتلي الحركة الحوثية خلال الحرب الجارية, وقد بُثّت أشرطة فيديو على مواقع الانترنت والفضائيات التلفزيونية تكشف عن قيام قيادات ميدانية تنتمي لحزب الله بتدريب مقاتلين حوثيين.
مع تناقص القدرة التسليحية للانقلابيين بفعل الضربات الجوية للتحالف العربي والتي دمرت جزءاً كبيراً من الترسانة العسكرية, والمعارك التي يخوضها الجيش الوطني وتمكّنه من استرداد مساحات واسعة من البلاد, لجأت إيران إلى تسيير شحنات عسكرية عبر الممرات البحرية, ابتداءً من مضيق هرمز, مروراً بميناء (بلاد البنط) الصومالي, ومنه إلى ميناء (الحديدة) اليمني على البحر الأحمر. وقد تمكنت القوات البحرية التابعة للتحالف العربي من ضبط بعض السفن والقوارب المحملة بالأسلحة والمعدات العسكرية كانت في طريقها إلى ميناء الحديدة. وهناك شكوك من أن تدفق السلاح للحوثيين يأتي أيضاً من خط آخر, من بحر العرب عبر سلطنة عُمان إلى محافظة المهرة الواقعة شرق اليمن.
ويُعتقد على نطاق واسع أن إيران قدمت للحوثيين دعماً لوجستياً وتقنياً أمكنهم من تطوير قدرة الصواريخ الباليستية التي كانت بحوزة الجيش السابق, حتى باتت هذه الصواريخ قادرة على ضرب العمق السعودي.
وفي هذا السياق, أكد تقرير فريق الخبراء التابع لمجلس الأمن الدولي الصادر بتاريخ 26 يناير 2018م أن الحوثيين يتلقون دعماً مستمراً من إيران, مفيداً أنه "وثَّق مخلفات قذائف ومعدات عسكرية متصلة بها, وطائرات عسكرية مسيّرة من دون طيار ذات أصل إيراني جُلبت إلى اليمن".

ويرمي النظام الإيراني من خلال هذه النشاطات إلى تحقيق جملة من الأهداف في اليمن, أهمها:
إيجاد موطئ قدم له في اليمن, والاستفادة من موقعها الجيو_ستراتيجي, والتحكّم بمضيق باب المندب لاستكمال حلقات السيطرة على خط الملاحة الدولية الذي يمتد من الخليج مروراً ببحر العرب فالبحر الأحمر, بعد أن بسط هيمنته على مضيق هرمز واستمرار احتلاله لجزر إماراتية, هي: الطنب الكبرى والطنب الصغرى وجزيرة أبي موسى.
استخدام الحركة الحوثية كمخلب قط لإلحاق الأذى بالسعودية, ووضع السعودية بين فكي كماشة بعد أن باتت العراق تحت النفوذ الإيراني المطلق.
كسب أوراق تمكّن النظام الإيراني من تحسين شروطه التفاوضية مع الدول الغربية حول الملف النووي ورفع العقوبات الاقتصادية عنه. صحيحٌ أن صفقة الاتفاق النووي التي أبرمتها إيران مع الدول الغربية منتصف عام 2015م, قد أتاح لها لعب دور تأثيري واسع في المنطقة العربية ومنها اليمن. لكن الأصح أن إيران ما كان لها أن تتمتع بهذا النفوذ لولا الضعف الداخلي للدولة اليمنية.

نتائج الانقلاب سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً:
تسبب تحالف الانقلاب على السلطة الشرعية التوافقية وعلى مخرجات الحوار الوطني جملة من النتائج المدمرة على كافة الأصعدة, ويمكن إيجازها على النحو الآتي:

سياسياً:
انهيار مؤسسات الدولة وانهيار العملية السياسية وحظر العمل السياسي.
نشوب حرب أهلية مدمرة وتدخل اقليمي في مارس 2015م, لاتزال جارية حتى يومنا.
فرض حصار على بعض المدن والقرى وممارسة أبشع صور القتل بحق الإنسان اليمني.
فرض سلطة شمولية على المناطق التي يسيطر عليها الانقلاب.
اعتقالات واسعة في أوساط الصحفيين والمثقفين وكُتّاب الرأي ولكل من يعارض سلطة الانقلاب.
إن هذه الممارسات وغيرها الكثير تكشف الطبيعة الفاشية للحركة الحوثية, فثمة أوجه شبه بين فاشية هذه الحركة وبين الفاشية التي نشأت تاريخياً في إيطاليا إبان حكم موسوليني.
فإثر صعود موسوليني زعيم الفاشست إلى سدة الحكم في إيطاليا عام 1922م، دشن عهده بحظر الأحزاب السياسية، ومنع الصحف من الصدور، والقيام بحملة اعتقالات واسعة للسياسيين وقادة الرأي العام، وأحكم السيطرة على المؤسسات الثقافية والتعليمية وصبغها بلون واحد فقط.
امتلأت ساحات وميادين إيطاليا بصور وتماثيل موسوليني وتحول معها إلى زعيم فوق النقد والقانون كـ(نصف إله)! وأقيمت - حينها - محاكمات صورية لمئات من زعماء الأحزاب والحركات السياسية والاجتماعية الإيطالية، ومن أشهر أولئك الذين حوكموا وأكثرهم تأثيرا: المفكر الثوري (أنطونيو غرامشي).
ففي جلسة محاكمته الصورية، صرخ القاضي: ينبغي أن يجمد هذا العقل لعشرين سنة قادمة!.. كانت هذه العبارة المدوية تعبيرا عن حجم الضغينة التي تكنها الفاشية لغرامشي، نظرا لدوره الخلاق في مناهضة الفاشية، وقد دعا إلى بناء كتلة تاريخية من مختلف الأحزاب والحركات السياسية والنقابات لمواجهة النظام الفاشي.
سنجد في الظروف التي حكمت إيطاليا قبل 95 عاما تشابها كبيرا مع الظروف القائمة في اليمن منذ انقلاب 21 سبتمبر 2014م.
فكم عدد الصحف التي أغلقت؟؟ والمواقع الاخبارية الالكترونية التي حجبت وحظرت؟؟ وكم عدد المعتقلين من الصحفيين والمثقفين وكُتّاب الرأي؟؟
وكيف حوكم هؤلاء وعُذبوا وأخفوا قسراً؟؟؟
ثم.. كيف عملت الحركة الحوثية على السيطرة على المؤسسات التعليمية.. ونشر ثقافتها الطائفية المأزومة في أوساط النشء وتلاميذ المدارس.. ؟؟
ثم.. كيف عمدت الحركة الحوثية على السيطرة على المجال العام وإلغاء الحياة السياسية وممارسة القمع وفرض سلطتها الأحادية الشمولية بالحديد والنار..؟؟
وكيف قامت بإغراق المدن والمناطق التي ترزح تحت سيطرتها الغاشمة الغشومة بلونها وبشعاراتها الظلامية الكالحة.. وكيف شيدّت مقابر للموتى ولضحايا التاريخ.. وكيف حوّلت الموت كقيمة اعتبارية تتباهى بها في مقابل الحط من قيمة الحياة وإزدرائها..؟؟

اقتصادياً:
تسبب انقلاب 21 سبتمبر 2014م الذي قاده تحالف (المخلوع صالح وجماعة الحوثي) على الشرعية التوافقية وعلى مخرجات الحوار الوطني ومسار الثورة الشعبية اليمنية في تفجير حرب مدمرة تدخلت فيها دول التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات. وقد تسببت الحرب بانهيار اقتصادي شبه كلي, وخلفت مآسٍ وكوارث إنسانية لفحت بنارها الأغلبية الكاسحة للمجتمع, وقد نالت الحركة العمالية النصيب الأوفر من ذلك, يمكن تبيانه على النحو الآتي:
تشير بعض التقديرات إلى أن عدد العمال الذين سرحوا من أعمالهم بفعل الحرب وصل إلى نحو (1.8) مليون عامل, معظمهم من عمال القطاع الخاص.
(70%) من إجمالي العاملين في مختلف القطاعات فقدوا أعمالهم بسبب توقف مشاريع الإنشاءات الحكومية، بالإضافة إلى توقف معظم مشاريع الإنشاءات التابعة للقطاع الخاص التي باتت ترى في اليمن بيئة غير ملائمة للاستثمار، وأخرى قلصت نشاطها في اليمن إلى أدنى نسبة ممكنة مما يجعلها مهددة بالتوقف.
تعرض عدد من المصانع والمنشآت الإنتاجية والخدمية للتدمير إما بفعل قصف طيران التحالف العربي أو بفعل قذائف الانقلابيين, وقد ذهب ضحية هذه الأعمال الاجرامية العشرات من العمال والعاملات.
تفاقم عدد الفقراء بسبب الحرب إلى نحو (80%) من إجمالي سكان البلاد البالغ عددهم 24 مليون نسمة.
ارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة متوسطة (75%) عام 2018م مقارنة بالعام 2015م.
تدهور قيمة العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية, فقد ارتفع سعر الدولار مقابل الريال اليمني في العام 2018م بنسبة (153%), ما انعكس سلباً على قيمة الأجور, إذ تشير تقارير صحفية إلى أن العامل اليمني فقد أكثر من ثلثي أجره مقارنة بالعام ٢٠١٥م. وبالتالي أصبح (90%) من عمال وموظفي القطاع الحكومي يعيشون تحت خط الفقر الدولي.
انقطاع دفع رواتب وأجور عمال وموظفي القطاع العام في معظم المحافظات اليمنية ولمدة تزيد عن عامين, بل إن بعض المحافظات تجاوزت هذا الحد الزمني ووصل إلى الضعف. لقد خلقت أزمة انقطاع دفع الرواتب آثار مدمرة وضعت الملايين من

التعليقات 0:

تعليقك على الخبر