أحاديث وأقوال موضوعة لشرعنة العنصرية في اليمن
منتدى معد كرب القومي
همدان العليي
كثيرة هي الأحاديث المفتراة أو التي يساء تفسيرها واستغلالها بهدف شرعنة التمييز العنصري العرقي وحث اليمنيين على تسليم رقابهم وأموالهم وأراضيهم لهذه السلالة. وقد توقفت عند الأحاديث الضعيفة والموضوعة التي أوردها مؤسس هذا الفكر يحيى الرسي في كتاب "الأحكام.. في الحلال والحرام" (الجزء الثاني) الصفحة 418 تحت عنوان "باب القول في فضل من يوالي آل محمد".
هذه الأحاديث دفعتني إلى الاستعانة بباحث أزهري في جمهورية مصر العربية متخصص في علم الحديث وقد وضع لي ملاحظاته في هذه الأحاديث ورأيت نشرها للفائدة وإبطال أكاذيب الحوثيين:
1- حديث «يا علي من أحب ولدك فقد أحبك، ومن أحبك فقد أحبني، ومن أحبني فقد أحب الله، ومن أحب الله أدخله الجنة، ومن أبغضهم فقد أبغضك، ومن أبغضك فقد أبغضني، ومن أبغضني فقد أبغض الله، ومن أبغض الله كان حقيقا على الله أن يدخله النار».
لا أصل له (أي لا يوجد في أي كتاب من كتب الحديث بما فيها في كتب الموضوعات أو المكذوبات فهو غير موجود).
2- حديث «ما أحبنا أهل البيت أحد فزلت به قدم إلا ثبتته قدم حتى ينجيه الله يوم القيامة».
ضعف إسناده العلامة مشهور بن حسن آل سلمان في تعليقه على كتاب «السر المكتوم في الفرق بين المالين المحمود والمذموم» (1).
وسنده ضعيف لأنه معضل (المعضل: ما سقط منه راويان فأكثر، وهو من أضعف أنواع الحديث الضعيف) قال جلال الدين عبدالرحمن السيوطي(2) وعلاء الدين المتقي الهندي(3): "عن محمد بن علي معضلا".
وخالف بعضهم في الحكم على هذا الحديث لكن خلافهم غير معتبر في مقابل الأئمة المذكورين آنفا.
3- حديث: «مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح: من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق وهوى».
أنكره أبو أحمد عبد الله بن عدي ومحمد بن أحمد الذهبي(4).
وقال أبو نُعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني: "غريب من حديث سعيد -بن جبير- لم نكتبه إلا من هذا الوجه"(5).
وقال محمد بن طاهر القيسراني: "الحسن بن أبي جعفر متروك الحديث" وقال أيضا: "عبد الله بن عبد القدوس ليس بشيء في الحديث"، كما قال: "اضطرب فيه الحسن بن أبي جعفر وهو متروك"(6).
وقال أحمد بن عبدالحليم بن عبدالسلام ابن تيمية: "لا يعرف له إسناد لا صحيح، ولا هو في شيء من كتب الحديث التي يعتمد عليها"(7). وضعفه عماد الدين إسماعيل بن عمر ابن كثير(8)(9).
وقال علي بن أبي بكر بن سليمان الهيثمي: "في إسناد البزار الحسن بن أبي جعفر الجفري وفي إسناد الطبراني عبد الله بن داهر وهما متروكان"(10) (أي ضعيفان جدا).
وقال أيضا: "فيه جماعة لم أعرفهم"، وقال "فيه ابن لهيعة وهو لين"، وأضاف "فيه الحسن بن أبي جعفر وهو متروك"(11).
وقال أبو العباس أحمد بن أبي بكر البوصيري: "إسناده ضعيف"(12)، كما ضعفه السيوطي(13) ومحمد ناصر الدين الألباني(14)، وخالف بعضهم في الحكم على هذا الحديث لكن خلافهم غير معتبر في مقابل الأئمة المذكورين آنفا.
4- حديث: «أهل بيتي أمان لأهل الأرض، والنجوم أمان لأهل السماء، فإذا ذهب أهل بيتي من الأرض أتى أهل الأرض ما يوعدون، وإذا ذهبت النجوم من السماء أتى أهل السماء ما يوعدون».
قال أبو حاتم محمد ابن حبان في ترجمة موسى بن عبيدة (أحد رواة هذا الحديث) وقال: "موسى بن عبيدة غفل عن الإتقان في الحفظ بطل الاحتجاج به"(15).
وقال ابن القيسراني: " موسى منكر الحديث، ضعفه يحيى وقال: لا شيء في الحديث "(16). وقال أيضا: "فيه موسى بن عبيدة الربذي منكر الحديث وضعفه يحيى"(17).
وقال الهيثمي: "فيه موسى بن عبيدة الربذي وهو متروك"(18).
وقال البوصيري: "مدار إسناد الحديث على موسى بن عبيدة وهو ضعيف"(19).
علق الإمام الذهبي على هذا الحديث فقال: "أظنه موضوعا"(20). أي مكذوبا على النبي عليه الصلاة والسلام.
وقال أحمد بن علي ابن حجر العسقلاني: "إسناده ضعيف"(21)، كما ضعفه الألباني(22).
وخالف الحاكم والسيوطي في الحكم على هذا الحديث لكن خلافهما غير معتبر في مقابل الأئمة المذكورين آنفا عند المتخصصين في الحديث.
أما في كتاب حقائق المعرفة، لمرجعهم أحمد بن سلیمان المطهر، فقد كذبوا على رسولنا الكريم -عليه الصلاة والسلام- حين ادعوا أنه قال: "ما بال أقوام إذا ذكر عندهم آل إبراهيم عليه السلام فرحوا واستبشروا، وإذا ذكر عندهم آل محمد اشمأزت قلوبهم. والذي نفس محمد بيده لو أن عبدًا جاء يوم القيامة بعمل سبعين نبيًّا ما قبل الله ذلك منه حتى يلقاه بولايتي وولاية أهل بيتي"(23). ومراده أن الإنسان لن يكون مسلمًا أو يدخل الجنة إلا إن كان مواليًا آل بيته مهما كان فضله وعمله وتقواه. وقالوا أيضًا إن الله عز وجل خاطب رسولنا الكريم عليه السلام قائلا: "خلقتم من طينة عليين، وخلقت شيعتكم منكم"(24).
ومن المهم الإشارة هنا إلى أن السلالة عندما تتحدث عن فضل آل البيت، فالقصد عندهم ليس تمجيد علي بن أبي طالب وأبنائه الحسن والحسين -رضي الله عنهم- بل يرون ذلك استحقاقًا لمن يدعون أنهم من نسلهم حتى يوم القيامة، والهدف هو تمكينهم من رقاب وأموال اليمنيين والسيطرة على الحكم.
يضاف إلى ما سبق أن من الأكاذيب التي تروج لها السلالة -بما يؤكد البعد العنصري في المعتقد الحوثي- ما نقله جد عبدالملك الحوثي وهو الحسن بن الحسين الحوثي في دعواه بأن عليا -رضي الله عنه- قال: "إنّا صنائع ربنا، والناس صنائع لنا". قال ابن أبي الحديد: معناه نحن عبيد الله، والناس عبيد لنا". ثم يتساءل أبو الحديد: "فكيف يفضل العبد على سيده؟"(25)، وقد نقلها الحوثي في سياق إثبات تمييز السلالة الرسِّية في اليمن على اليمنيين، وهذه الدعوة العنصرية التي يعدّها الحوثيون جزءًا من الدين، هي المسببة لأغلب الحروب التي حصلت وما زالت تحصل في اليمن، إذ إن اليمنيين يرفضون تمييز سلالة واستحواذها على الحكم وأموال اليمنيين بالقوة وفق هذه الخرافة التي تفرز المجتمع وتقسمه إلى سادة وعبيد؛ ولهذا يقاتلون من أجل تحقيق المواطنة المتساوية العادلة بين اليمنيين كلهم بلا استثناء.
مصادر:
1- السر المكتوم في الفرق بين المالين المحمود والمذموم، الإمام محمد بن عبد الرحمن شمس الدين السخاوي، مكتبة وتسجيلات دار الإمام مالك، الإمارات العربية المتحدة - أبو ظبي، الطبعة الأولى، 1425هـ - 2004م، ص77.
2- جمع الجوامع المعروف بالجامع الكبير في الحديث، جلال الدين السيوطي، الأزهر الشريف، مطبعة دار السعادة للطباعة 1426 هـ / 2005م، (7/885).
3- كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال، علاء الدين الشاذلي الهندي المكي الشهير بالمتقي الهندي، تحقيق: بكري حياني - صفوة السقا، مؤسسة الرسالة، الطبعة الخامسة، 1401هـ/1981م، (33022).
4- ميزان الاعتدال في نقد الرجال، أبو عبد الله شمس الدين محمد الذهبي، تحقيق: محمد رضوان عرقسوسي، ومحمد بركات، وعمار ريحاوي، وغياث الحاج أحمد، وفادي المغربي، مؤسسة الرسالة العالمية – دمشق، الطبعة الأولى 1430هـ - 2009م (4/ 371).
5- حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني، السعادة - بجوار محافظة مصر، 1394هـ - 1974م (4/ 306).
6- ذخيرة الحفاظ (من الكامل لابن عدي)، أبو الفضل محمد بن طاهر الشيباني المعروف بابن القيسراني، تحقيق: الدكتور عبد الرحمن الفريوائي، دار السلف – الرياض، الطبعة الأولى، 1416هـ -1996م، (1999)، (4949)، (2091).
7- منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية، تقي الدين أبو العباس أحمد ابن تيمية الحراني الحنبلي الدمشقي، محمد رشاد سالم، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الطبعة الأولى، 1406هـ - 1986م (7/ 395).
8- جامع المسانيد والسُّنَن الهادي لأقوم سَنَن، أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري الدمشقي، تحقيق: الدكتور عبد الملك بن عبد الله الدهيش، دار خضر للطباعة والنشر والتوزيع بيروت – لبنان، الثانية، 1419هـ - 1998م، (9/ 407).
9- تفسير القرآن العظيم، أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري الدمشقي، تحقيق: سامي بن محمد سلامة، دار طيبة للنشر والتوزيع، الطبعة الثانية 1420هـ - 1999م، (7/ 204).
10- مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي، بيروت - لبنان 1408ه - 1988م (9/ 168).
11- نفسه (9/ 168).
12- إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة، أبو العباس شهاب الدين أحمد بن أبي بكر البوصيري الكناني الشافعي، دار الوطن للنشر، الرياض، الطبعة الأولى، 1420هـ - 1999م (7/ 229).
13- الجامع الصغير من حديث البشير النذير، جلال الدين عبدالرحمن بن أبي بكر السيوطي، دار الكتب العلمية، (2442)، (4503).
14- سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة، أبو عبد الرحمن محمد ناصر الدين الأشقودري الألباني، دار المعارف، الرياض - المملكة العربية السعودية، الطبعة الأولى، 1412هـ - 1992م، (4503).
15- المجروحون من المحدثين والضعفاء والمتروكين، محمد بن حبان بن أحمد أبي حاتم البُستي، دار اللؤلؤة- مصر، الطبعة الأولى (2/ 234).
16- تذكرة الحفاظ، محمد بن أحمد بن عثمان الذهبى، دراسة وتحقيق: زكريا عميرات، دار الكتب العلمية بيروت- لبنان الطبعة الأولى 1419هـ- 1998م، (1131).
17- تذكرة الحفاظ، محمد بن أحمد بن عثمان الذهبى، دراسة وتحقيق: زكريا عميرات، دار الكتب العلمية بيروت- لبنان الطبعة الأولى 1419هـ- 1998م، (1131).
18- مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، مرجع سابق، (9/ 174).
19- إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة، أبو العباس شهاب الدين أحمد البوصيري الكناني الشافعي، دار الوطن للنشر-الرياض، الطبعة الأولى 1420هـ - 1999م (7/ 228).
20- المستدرك على الصحيحين، أبو عبد الله الحاكم النيسابوري، دار التأصيل – القاهرة، الطبعة الأولى 1435هـ- 2014م، (3721).
21- المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية، أبو الفضل أحمد بن حجر العسقلاني، دار العاصمة، دار الغيث – السعودية، الطبعة الأولى، (18/ 386).
22- سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة، مرجع سابق، (4699).
23- حقائق المعرفة في علم الكلام، أحمد بن سليمان المطهر، مؤسسة الإمام زيد بن علي الثقافية، ص474.
24- الشافي، الجزء الثالث، عبدالله بن حمزة بن سليمان، تحقيق مجد الدين محمد المؤيدي، مكتبة أهل البيت، ص72.
25- التعليق الوافي في تخريج أحاديث الشافي، تحقيق عبدالمجيد عبدالرحمن حسن الحوثي، حاشية كتاب الشافي لعبدالله بن حمزة الجزء الرابع، مكتبة أهل البيت، ص477.
التعليقات 0:
تعليقك على المقال