ألا يا الله يا رافع عِين الزيدي على الشافعي
منتدى معد كرب القومي
موسى عبدالله قاسم
ذات مرة، ونحن أطفالاً في المرحلة الإعدادية، صادف وجود أحد الفقهاء في قريتنا الأكروف بمديرية السلام، وأثناء الحديث، سرد لنا قصّة من المِخيال الشعبي، يقول فيها أنه في زمن ما كان هناك رجُلاً (شافعياً) يمضي في طريقه التجاري راكباً على جَمَله، وأثناء سيْرهِ صادف رجلاً آخراً (زيدياً) يسير على قدميه، وكان يكبره سِنّاً، ودار بينمها حديث عابر، فعرف كل منهما الآخر من خلال لهجته! ومضيا سوياً في طريقهما.
وأثناء سيرهما في طريق طويل وشاق، أشفق (الشافعي) على (الزيدي) لكُبر سِنّه، فكان يناوبه ركوب الجمل طوال الطريق، وقبل الوصول إلى نقطة النهاية أصرّ (الزيدي) على أن تكون النهاية من نصيبه، ومن إنْ اعتلى صهوة الجمل حتى أرخى الحبل وأنشد قائلاً (ألا يا الله يا رافع عِين الزيدي على الشافع) وفرّ هارباً بالجمل بما حمل، في دليل على غدر (الزيود) بـ (الشوافع)، وهو خلاصة هذه القصّة التي أُريد تجذريها في الوعي الشعبي ليستمر التقسيم المذهبي لليمنيين جيلاً بعد جيل!
هذه الحكاية، ترسّخت في وعينا كأطفال، فبِتْنا ننظر لكل من يسكن صنعاء كأعداء وغدّارين، وأتذكّر في أول زيارة لي إلى صنعاء كنتُ أتوجس حتى من اللهجة وأنا أسير في شوارعها، كُنتُ أخترق الشوارع وكأنني أتوغل في أرض الأعداء، على حد تعبير محمود ياسين.
وبعد زمن قصير تشاركت السكن الطلابي في بلاد المهجر مع شباب من صنعاء وعمران والمحويت وصعدة وحجة، وعرَفت أن الغدر كان مضمراً فقط في تلك الحكايات والأقاصيص المدسوسة، لا في أهلنا وأبناء جلدتنا القاطنين على تلك الجبال الممتدة من حدود القلب وحتى أقاصي الذاكرة.
أنا هُنا لا ألوم ذلك الفقيه الطيّب، فقد تناقل تلك الحكاية عن الأقدمين، ومما لا شك فيه أنها كانت من الشائعات التي برع الكهنوت الإمامي العنصري في غرسها في المخيال الشعبي حتى تتجذّر التفرقة المجتمعية فيسود السلالي الكهنوتي الدخيل على اختلاف اليمنيين وتناحرهم المذهبي!
التعليقات 0:
تعليقك على المقال