الاميرة الاكليلية نور بنت علي العفيف
منتدى معد كرب القومي
ملاحم اسطورية في حياة عذراء عربية من سرو حمير - يافع -
أنها الأميرة - نور العفيف - كانت صبية لا تدري ما يدور حولها! وما الذي حدی -بجدتها- إلى التسلل خارج القرية، مثقلة ونساء أخريات باحمال السلاح والسيوف ، لا يكدن يطقن حملها، هبوطا وصعودا نحو قمة -جبل جار - المقابل -للقارة -؟ حلال جدها السلطان - معوضة - الذي لم تعد تراه منذ أيام .
هنيهة وإذا بثلة النساء يصطدمن، علی مقربة من -رهوة جار - بسرية من الجند الذين يحملون البنادق والسيوف ويعتمرون ثيابا فضفاضة، ويزملون بأصوات غير مألوفة! هكذا كان أول لقاء للصبية بجند الغزو الأمامي الذين لم يكتفوا بمصادرة السلاح الذي أرادت جدتها وثلة النساء اخفاءه عن جند- الإمام المتوكل - في بعض كهوف جار؟ إذن فقد قررت السرية مصادرة السلاح والقبض علی نساء (آل عفيف) المحاربات.
أخذت جدتها السلطانة تهدی من روع الابنة -نور- . .بيد أنها احست بفيض من دمع جدتها يبل وجهها الغض النضر، وذلك قبيل أن يأخذها الجند إلى محطتهم الرئيسة، في مطرح - الزاهر- علی مقربة من -البيضاء - وقد أمرهم قائد الجيش ليخفوا جدتها بها لتكن نزيلة، في - قلعة رداع - في حين أن زوجها السلطان كان قد اقتيد أسيرا وآخرون من الأعيان، إلى حاضرة- المتوكل إسماعيل - في - ضوران -آنس - !
تلك التجربة التي عايشتها اميرتنا “نور ” كانت كفيلة لتقلب مسار حياتها رأسا علی عقب.
صحيح أن جدها وجدتها لم يلبثا طويلا بالاسر. بل عادا معززين مكرمين. .لكن فقط تحت نير وقهر البلد الخاضعة. وصحيح أن جدها المحارب ما استكان إلا بعد أن خاض مع رجال قبائل -يافع -معارك ضارية سقط فيها ما يناهز 300 شهيد علی قمم جبال -آل نفاج - والموفجة - وبطون أودية - ذي ناخب - يهر - ورُصد-. كما ارتوت الدروب والمسالك بدماء مئات الغزاة!
لم يكن هذا ليغير من حال العذراء الفاتنة “نور “ بقامتها الفارعة وجمال وجهها الفائق ! يقال ان احد بني عمها كان قد تقدم لخطبتها، مفتونا بحسنهاالآسر! لكنها دخلت عليه ذات يوم وقد استقر في مجلس ديوان أبيها، وهي تحمل في طرف غطاء رأسها حفنة من جمر الموقد. .فراعه ما رأی منها وانصرف عن هيامه بها. .أما هي فقد انشغلت بالتدرب علی فنون القتال!
في ذات يوم من عام 1689 سمع لطبل النحاس دويا مصدره قمة جبل - جار - وانطلقت اميرتنا العذراء - نور العفيف- وقد اعتمرت شكة الحرب وامتطت صهوة جوادها، إلى مصدر طبل الحرب. .وكل من رآها أو سمع بخروجها التحق بها. .وقد اذهلهم دوي الطبل الأسطوري يتقدمهم، صعودا نحو -يافع العليا -إلى مقر عامل الدولة القاسمية في -مسجد النور - الذي انسحب بحمايته إلی -جبل العر- ..وما هو إلا يوم أو بعض يوم إلا وقد داهمتهم طلائع جيش – نور العفيف- “فلاذوا بالفرار إلى بعض بلاطح -البيضاء -الفسيحة. .هنالك دارت رحی معركة ضروس ..والأميرة المحاربة تصول وتجول كالنمرة ذات الجراء. ومعها أشبال يافع وقشاعمتهم.
انخرطت نساء كثير في أتون المعركة وانكسرت جيوش الإمامة في اتجاه -رداع - لكن عذراء يافع أصيبت جراء طلقة بندقية قناص فحملها بعض الثوار إلى المؤخرة وكروا عائدين يلاحقون فلول الغزو ولسان حالهم يقول.،وفقا لأحد مؤرخي الحرب، مستشهدا بالقرآن :وقيل ارجعوا ورائكم فالتمسوا نورا، .
وكما نالت فرنسا حريتها أثر مقتل القديسة العذراء (جان دارك ) نالت يافع وكل بلاد المشرق من -عدن - حتی المهرة حريتهم وانعتاقهم من وطأة العسف والظلم. لكن عذراء فرنسا تحولت حتی في نظر الانكليز إلى قديسة ملهمة للبشرية التواقة للحرية ،وأخذت الأجيال تطلق اسمها علی المباني العامة والساحات، في حين لم تبق “نور “ في ذاكرة قومها إلا كأثر وذكرى لحلم باهت!
بالله هل أطلقتم اسمها علی معسكر في الجنوب أو حتی ثكنة جند؟ يا لذاكرتنا الصدئة. .هل سأل أحدكم نفسه أين دفنت عذراء يافع المحاربة؟ أو عن الدافع الدنيوي لقتالها. .هل أرادت أن تقطع لنفسها قطعة عقار؟ أو منصب حكم يدر عليها بالأموال؟
لا لا لا لقد كانت أيقونة للحرية فحسب، وشعلة للعانين التواقين لها؟
سلام لك انت يا- نور العفيف - في ضمير الأحرار. سلام انت يا ابنة الكرام قديسة في ضمير الشعب. ألم يستدر أحد اخلافك المحاربين ذكری دوي طبل النحاس، في جبل جار.
لا حن من جار قدامه سنم
وانا محادد جبل قلة سنام
وقوله :
وسلطانـــنا مولی القـــــرون الجـــــواسر
بيسرح من القارة وانا اسرح من الرزان
تلك الشهيدة - نور العفيف - ليتها انتمت إلی موروث شعب آخر لكانت سيرتها أيقونة عشق للحرية ,أو وليت في مقدوري أن اخلد ذكراها لأجيال ترفض الخنوع والجري خلف المكاسب الرخيصة؟ ؟؟
*- بقلم المورخ والباحث: فضل الجثام اليافعي
التعليقات 0:
تعليقك على المقال