تفاصيل المقال

قراءة في كتاب " الجريمة المركبة أصول التجويع العنصري في اليمن" (الجزء الثاني)

قراءة في كتاب " الجريمة المركبة أصول التجويع العنصري في اليمن" (الجزء الثاني)

لمياء الكندي

لمياء الكندي

 

 

د. لمياء الكندي

 

من صعده التي بدأ منها الكاهن يحيى الرسي تأسيس مذهبه السياسي تحت مسمى الزيدية، وانطلقت منها المشاريع الإمامية ظهر مجددا الكاهن حسين بدرالدين الحو. ثي ليبدأ مسيرة الحركة الحو. ثية السيا. سية وتمردها على الد. ولة الذي انتهى بانقلاب الحوثيين في 21 سبتمبر 2014م.

 

ويرى الكاتب ان السيا. سة الإير. انية في هذه المرحلة اتخذت من العقيدة السيا. سية والايديلوجيا الخاصة بالحكم في اير. ان مجالا لتصدير ثورتها القائمة على أساس استغلال المعايير الإسلامية والالتزامات الأخوية التي تجمع المسلمين وتعتبر نفسها مسؤولة عنهم، وجعلوا منها مبررا لهجومهم العسكري والعقائدي على عددا من الدول العربية بما فيها اليمن.

 

لتبدا عقب سيطرتهم على الدو. لة عملية التجويع من اجل التطويع وهي منهجية سار عليها دعاة الإمامة الزيدية طوال فترات حكمهم، فألى جانب ممارستهم استقطاع مساحات واسعة من الأراضي لصالح الاسر الهاشمية المطالبة بالحكم، مارس نظام الإمامة سياسة النهب المنظم تجاه الفئات الاجتماعية الراضخة لحكمهم وبالأخص طبقة الفلاحين، وممارسة نظام الخطاط بحقها ويعتبر الخطاط احدى وسائل التجويع القهري الذي استخدمه الكهنة ضد أبناء الشعب، وهو نظام يسلط من خلاله الكهنة رجال القبائل المواليين لهم ليحلوا أياما واسابيع في منازل وقرى القبائل الأخرى ويجبروهم على دفع الاتاوات والزكوات وغيرها من المطالب التي كانت تثقل كاهل اليمنيين حتى يسلموا ما لديهم لهذه السلطات.

 

وكان الامام يسمي هذه الخطاط "حرب العصيد"، والقصد منها حرب الطعام، أي نهب ما لدى هذه القبائل من طعام حتى اخضاعهم.

 

باختصار لقد قُرن حكم الإمامة بالمجاعات التي كانت تميز فترات حكمهم وحروبهم على اليمنيين.
وتحت عنوان صناعة الكارثة يبحث الكاتب حول التداعيات الإنسانية لسيطرة مليشيات التمر. د الحو. ثية وانعكاسها على الشعب مستعرضا تقارير الهيئات والمنظمات الدولية حيث يشير تقرير هيئة الأمم المتحدة الى ان 7‘ 20 مليون يمني ( 66% من مجموع سكان اليمن) بحاجة الى مساعدات إنسانية وان حوالي 12 مليون مواطن بحاجة ماسة للمواد الغذائية الأساسية والصحية.

 

ويشير الكاتب الى ان تدهور الوضع الاقتصادي الناشئ عن سيطرتهم افرز طبقة من تجار الحرب من نفس السلالة التي انتهجت سياسة نهب واستغلال موارد الد. ولة لصالحها مما اسهم في توسع نطاق الفقر خاصة بعدما حرم الموظفين من مستحقاتهم الوظيفية.

 

ويوضح الكاتب مساعي الحو. ثيين في تجويع أبناء الشعب وعسكرة حياة اليمنيين وجعل الانضمام العسكري الى جماعتهم شرطا بديلا لاستحقاقاتهم الطبيعية للحصول المشروط على المعونات والرواتب التي تساعدهم واسرهم على البقاء.

 

ومارس الحو. ثيون اهداف سيا. سية لتثبيت سيطرتهم وافشال جهود استعادة الد. ولة، واستخدام لافتة الوضع الإنساني لإيقاف تقدم القوات الحكو. مية، ويرى الكاتب ان ثمة أسباب سيا. سية وعسكرية وإقليمية ودولية كثيرة ساهمت في فرض الحو. ثيين فرص الانقضاض على مؤسسات الدولة، ومقدراتها وقدراتها العسكرية والأمنية.

 

فنفذت الجماعة عملية تهجير للعناصر مجتمعية الفاعلة والمفكرة الرافضة لهم، وسرحت عشرات الالاف من العمال في المؤسسات الحكو. مية ومنحت العناصر السلالية القريبة منهم حق احتكار الوظيفة العامة لصالحهم.

 

وامعانا في تطويع المجتمع عبر التجويع والافقار تمكن الحو. ثيون من تطويع الكثير من الاسر وجعلها اكثر استعدادا عن التخلي على معتقداتها من اجل الحصول على ما يمكن من وسائل العيش، وتمكنت من استهداف هوية اليمنيين ومعتقاداتهم.

 

ويرى الكاتب ان الحو. ثيين قد غيروا من استراتيجيتهم في تضليل المجتمع الدولي الذي يجرم العنصرية، فلم يجاهروا بطبيعة توجههم السيا. سي في الحكم وفق نظرية الولاية بشكل مباشر وانما استخدموا عددا من الأساليب التضليلية في سبيل اخضاع الشعب لها ومنها رفع شعارات استغلالية مغايرة وغير متصلة بواقع حربهم ضد اليمنيين ومنها رفعهم لشعار المو. ت لأمر. يكا وإسر.. ائيل ونصرة القد. س ومحاربة الاستكبا. ر العالمي وغيرها من الشعارات الوطنية والد. ينية التي تم توظيفها لصالحهم.

 

ومن خلال تتبع الكاتب لرحلة الحو. ثيين الاجرامية في حق الشعب يرى ان تلك السيا. سات كانت تهدف الى وضع اليمنيين امام خيارين لا ثالث لهما: اما ان يرفضوا هذه الهمجية السلالية فيتعرضون للإبا. دة الجسدية المباشرة، او يخضعوا وتعايشوا مع الواقع ليتعرضوا للإبا. دة الفكرية ومحو الهوية وتنصيب هوية وثقافة أخرى تجعل من عرقية لا تمثل 1% من اجمالي الشعب عبارة عن سادة وبقية اليمنيين عبيد باسم الحق الإلهي.

 

ويتحدث الكاتب عن الحشود المقهورة التي تشارك الحو. ثيين الاحتفال في مناسباتهم الدينية والوطنية المزعومة، وكيف يتم استغلال قوى المجتمع مرغمة للمشاركة فيها من اجل الحصول على الفتات من المواد الضرورية او الإبقاء على وظيفتهم العامة او الحفاظ على مقاعدهم الدراسية.

 

وفي الفصل الثاني من هذا الكتاب يناقش الباحث أساليب التجويع التي يستخدمها الحو. ثيين بحق أبناء الشعب، عبر مجموعة من السيا. سات التي تبدا بجمع الإيرادات وجباية الاتاوات تحت مسمى جمع الزكاة والخمس واموال الوقف والضرائب والجمارك ورسوم الاشتراكات في المؤسسات الحكو. مية كالاتصالات والخدمات الأخرى ساردا في توضيح عملية الاستغلال ذلك العديد من الممارسات والأنشطة التي اثقلت كاهل الشعب ووسعت من سلطة رقعة الفقر والمعاناة، ونهب الاحتياطي النقدي والتسبب في تدهور العملة، والمطالع لهذا الكتاب سيجد كم من السياسات والجرائم الموجهة التي اعتمدها الحو. ثيين في سبيل الاثراء وسياسة التجويع الناتج الطبعي لهذه الممارسات.

 

وفي الفصل الثالث من الكتاب يحدثنا الكاتب عن جريمة التهجير ومعاناة النزوح، ويرى الكاتب انه عند الحديث عن الحرب في اليمن لابد من الإشارة الى عملية التهجير الممنهج والقسري ضد اليمنيين، وان غالبية من عانوا منها هم من اليمنيين الرافضين الرضوخ للحو. ثيين سيا. سيا او ثقافيا، وكانت سيا. سة التهجير تمارس بدوافع عرقطائفية، وهو نزوح بسبب معتقداتهم الدينية او ارائهم الرافضة للفكر العنصري الحو. ثي وليس نزوحا بفعل الحر. ب واثارها التدميرية، وتعتبر عملية تفجير منازل الخصوم من ابرز جرائم التهجير.

 

وامعانا في زيادة معاناة الشعب انتهج الحو. ثيين عددا من الأساليب التي تعوق من تقديم المساعدات الإنسانية عبر المانحين والهيئات والمنظمات الدولية وكيف يتم استغلال تلك الموارد الإنسانية لصالح الجماعة ومنع وصولها الى المستحقين، داعما هذا الملف بالعديد من الاحداث والشهادات والقرارات الأممية التي صدرت بهذا الخصوص كما تطرق الكاتب الى عسكرة المدن الرئيسة والعمل على حصارها والتحكم في دخول المواد الغذائية والتموينية اليها وسياسة التضييق والخنق والافقار التي تتعرض لها هذه المدن وعلى وجه الخصوص كلا من تعز والمناطق التهامية في اليمن التي تعاني من ابشع عملية افقار واستغلال عرفتها على ايدي هذه الجماعة.

 

وتطرق الكاتب الى زراعة الألغام التي ينتهجها الحو. ثيين عبر زراعة الاف ن الهكترات من الأراضي بالألغام والعبوات المتفجرة وربطها بسياسة التجويع تحت عنوان" الألغام والمتفجرات المموهة … زراعة الجوع وحصاد الجائعين" ولعلنا من خلال هذا العنوان نستسقي الخطوط العريضة الناتجة عن زراعة الأرقام وضحاياها.
ويرى الكاتب ان الحو. ثيين من خلال زراعتهم للألغام يعتبرون كل يمني حر خصم وعدو لهم فيزرع الحو. ثيون الألغام في كل المناطق التي يسيطرون عليها وهم يعرفون ان المتضررين من هذه الألغام هم المدنيين.

 

وفي الفصل الرابع والأخير من هذا الكتاب يطالعنا الكاتب عن تفاصيل مهمة حول السياسات الحو. ثية التي تتعمد تعطيل التنمية، حيث شكل توقف اشكال التنمية في البلاد احد اهم الكوارث التي نتجت عن سطو الحو. ثيين على مؤسسات الدولة، ووفقا لدراسة اجراها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في 23 ابريل 2019م، أدى استمرار هذه الجامعة في الخوض بالحرب الى انتكاس في التنمية البشرية لمدة 21 عام نحو الوراء، واستهدفت تلك السياسات اعتماد اليمنيين على الإغاثة بدلا عن التنمية، ومساهمة تلك السياسة في انتكاس لرأس المال البشري، حسب مؤشر الصحة والتعليم والتوظيف.
وقد ارفق الكاتب العديد من الشهادات الدولية والمحلية التي تتحدث عن السرقة والتجويع.

 

وأورد الكاتب في الدراسة عددا من الخسائر الاقتصادية الرسمية جراء الانقلاب الحو. ثي، وارتفاع معدلات الفقر الى 90% نهاية عام 2018م.

 

وسيطرة مليشيات الحو. ثيين على ملكيات العديد من الشركات التابعة لشخصيات معا. رضة، وتنافي تلك السيا. سات مع القانون الدولي ودور القانون الدولي في مكافحة سيا. سات نهب الأموال والممتلكات العامة والخاصة، وتعارض سياسات الحو. ثيين كاملة مع القوانين الدولية بما فيها سياسة زراعة الألغام.

 

كما ارفق الكاتب ملحق خاص بفصول الكتاب وشمل عرض صور للعديد من الإجراءات والقرارات والقوانين والاحداث التي شهدتها اليمن في فترة سيطرة الحو. ثيين وحربهم، لإعطاء صورة مكتملة عن حقيقة الأوضاع في اليمن والمعاناة التي خلفتها هذه السيطرة واسهمت في تجويع اليمنيين وافقارهم عبر مجموعة من الجرائم المركبة التي تم عرضها وتوثيقها في هذا الكتاب.

التعليقات 0:

تعليقك على المقال