تفاصيل المقال

اللواء حسن العمري.. بطل الحصار والانتصار

اللواء حسن العمري.. بطل الحصار والانتصار

مروان المنيفي

مروان المنيفي

 

 

مروان المنيفي

 

يمكنني القول ان الفريق حسن العمري رئيس الوزراء في حينه هو بطل فك الحصار لكنه كان قاسياً مع خصومه في النظام الجمهوري وكانت تصرفاته تنطوي على شيء من الحمق والانفعال، "جار الله عمر الأمين المساعد للحزب الاشتراكي وأبرز المدافعين في حصار السبعين".

 

الفريق العمري قائد شجاع عَسَرَ على الهزيمة، كل معركة وموقع قتال يتقدمها بجرأة وبسالة نادرة في كسر حصار السبعين يوم على صنعاء، دونما تنظيم او تخطيط سوى مكتب عمليات مصغر لصيق بمنزله في حي القاع، على الرغم من اقتراح الخبراء السوفييت خطة للدفاع عن صنعاء مستوحاة من خطة مقاومة مدينة ستالينغراد عند حصار الالمان في الحرب العالمية الثانية، مع مراعاة الفوارق الطبوغرافية ولم تعني له تلك الخطة أي شيء، وهو وغيره من قادة الوحدات والمواقع لا يعرفون أي وقت للراحة والتحرك للقتال لشدة الضغط المحاصر على العاصمة وتقلب الموازين للطرفين بين الحين والآخر.

 

كان ما تكره عصبيته أن تُزدرى شخصيته العسكرية فقط أو يُشاع عنها جحود وتنكر، فهو الحازم السايس في فورة غضبه يريد تنظيم جيش في ظرف صعب بالعدة والعدد الزهيد، فيما الملكية وأعوانها تجسر خطوطها القتالية بالسلاح والذهب، وان يكون هذا التنظيم على شيء غير المناطقية وقد وُفق بعض الشيء ولكنه لم يظفر بكله.

 

عاد إلى صنعاء من معتقل السجن الحربي في القاهرة إلى معركة قُدر ان يكون قائدها وان يجتمع له ثلاثة مناصب هي قائد عام للجيش ورئيس وزراء وعضو في المجلس الجمهوري، وهو معتل الصحة والنفسية من رواسب زنزانة "شمس بدران" وباستطاعته ان ينْكصُ أمر الطلب المستعجل ويفعل ما صنعه سواه في العواصم، وهو يسمع في وسائل الاعلام العربية والغربية سقوط صنعاء كما حدث في 48 وهو من رجالها التي زُج بها سجون حجة.

 

نجا مرات عديدة من ألسنة النيران وقذائف المدافع وكل مغامراته بالقليل من التسرع والكثير من الشجاعة يحرز بها النصر في لحظة انكسار كانت عليه الجمهورية وسكان صنعاء، وصرامته الشخصية المحاربة بالقريب والبعيد طيلة حصار السبعين يشغل بها همه كل مواقع القتال في صنعاء بجبالها وهضابها، يستشري هذا الهم إلى تعز والحديدة وحجة ونقيل يسلح حيث القوات المساندة.

 

حين أعُلن استقلال الشطر الجنوبي لليمن في 30 نوفمبر والحصار مطبق على العاصمة صنعاء، رفض بقوة في اجتماع المجلس الجمهوري الاعتراف بالدولة الناشئة وتهنئة الجبهة القومية وقال بلهجة جازمة "كله يمن شمال وجنوب والاعتراف يعني تكريس الانفصال بدولة مستقلة".

 

من رسالته للشيخ سنان ابو لحوم يستحثَّه فيها سرعة تجهيز حملة العواضي ورجال قبائل البيضاء لفتح طريق الحديدة مؤرخة بتاريخ 1968/1/29:

 

"عجلوا دفع وتجهيز الأخ الشيخ أحمد عبدربه العواضي مع أصحابه ومن يوجد بالحديدة للمهمة على جهة السرعة فالوقت لا يحتمل التأخير، وكنا نعتقد أن الأخ العواضي قد توجه من لديكم فاهتموا وافيدوا بالتحرك سريعاً، والسلام.

 

ومن مذكرات ابو لحوم أيضاً " ظهر 8 فبراير 1968م دخلنا صنعاء بسيارات وثلاث مصفحات، وهي شبه مقفره ذهبنا إلى الفريق حسن العمري في موقعه غرب جبل عيبان من جهة قرية المساجد وجدناه واقفا والرصاص من حوله، فشده الشيخ احمد عبدربه العواضي وقال له أنت مجنون.

 

حصار السبعين وتشابك الاحداث في المذكرات والشهادات مُتشعّب في ما يتعلق بسير المعارك وخارطة السيطرة والقادة من الوحدات العسكرية وبعض المشائخ، وطبيعة التضاريس الجغرافية للعاصمة والمسافات بينها، فضلاً لمن يجهل جهل تام عن صنعاء ومحيطها وما كانت عليه آنذاك؛ حدثٍ كهذا لو كان في غير اليمن يصبح عمل سينمائي يشبع البصر ويملأ السمع.

 

الثامن من فبراير 1968 كان الانتصار وكسر حصار طريق صنعاء- الحديدة الحيوي، ودخلت حمولات النقل بالتموين للعاصمة، وبالمثل أستقبلت الحديدة الفريق العمري ومن معه من الوحدات العسكرية في حفل جماهيري كبير قال فيه الجندي الشاعر يحيى البشاري:

 

وأزال حصارها (العمري) عنها

 

بأبطال لها نذروا النفوسا

 

ببحرٍ من دمٍ حر سقاها

 

وكان لها المعافر والتروسا

 

يُعظِّم "عبدالله البردوني" حصار السبعين يوم لأن بفعله تحولت الاماكن الجغرافية مثل جبل عيبان ونُقم والطويل والنهدين وغيرها إلى نبض فني في المعرفة والمكانة ومن صور التاريخ والأدب وفن الصحافة، فهي قبل الثورة وحصار السبعين كانت خاملة لم يلوحها الدخان وتوردها الدماء وكانت معرفتها عند المثقف مجرد أسماء بلا دلالة.

التعليقات 0:

تعليقك على المقال