محمد عبدالله المحلوي .. الأب الروحي لثورة 26 سبتمبر.
منتدى معد كرب القومي
اليمن الجمهوري
هو أحد رواد الحركة الوطنية الأوائل، ولد في صنعاء في ستينيات القرن التاسع عشر، (بحسب مصادر تاريخية)، كانت أسرته تكسب رزقها من صناعة الحلوى، وعندما بلغ السابعة من عمره بدأ تعليمه الأولى في الكتاب قبل أن يلتحق بإحدى المدارس التركية، إلا أنه تعرض لمضايقات، بسبب الصراع الدائر مع الدولة العثمانية، وهو ما دفعه للاستجابة لرغبة أسرته، وترك التعليم، واتجه للعمل في ذات مهنة أسرته، ألا وهي صناعة الحلوة.
تكيف صاحب الترجمة "المحلوي"، مع وضعه الجديد، وكان لا يتوقف عن المطالعة، في الصحف والكتب التركية، وغيرها، معوضا بذلك، انقطاعه عن التعليم، ثم بعد ذلك، كان يتردد على المجالس، وفيها كان يلتقي بمعارضي حكم السلطان عبدالحميد من الأتراك ولاسيما مجلس مدير البرق، وهو عبارة عن منتدى – بحسب ما أورده العزي صالح السنيدار في مذكراته - يدور فيه الحديث في كل فن، حتى أن المعارضين، كانوا يتحدثون عن حكم عبد الحميد والدولة العثمانية، وسيرها، والظلم والمحسوبيات وغيرها.
بعد ذلك، تعرف "المحلاوي"، على تاجر إيطالي، قدم إلى صنعاء للتجارة وكان - مثلما قال عنه محمد الفسيل - من الإيطالين النوادر الذين يعتبرون الأرض وطن الانسانية جميعها، وكان يعتقد أن على الإنسان، أن ينشر المعرفة أينما وجد، وهذا ما جعل "المحلاوي"، يتردد على دكان التاجر الإيطالي، وهناك كان يسمع الكثير من المعارك في العلوم والفلسفة، وعن تاريخ أوروبا، وقصص عن الحرية، منا أنه اطلع على سيرة العديد من المصلحين في العالم العربي، منهم جمال الدين الأفغاني، والإمام محمد عبده وغيره.
ومن هنا بدأ "المحلاوي"، مشروع التنوير، بإمكاناته البسيطة، وقد لاقى سخرية من قبل العامة، حتى أنهم كانوا يلقبونه، بـ"الأكسجين"، نسبة لأحد أحاديثه الذي تكلم بها، وأشار إلى تكوين الهواء، وهو ما جعله محل تندر الجميع حينها.
وبالرغم من السخرية، إلا أن ذلك لم يثنيه عن مواصلة مشروعه، وعقب تسلم الإمام يحيى حميد الدين للسلطة، بعد هزيمة الدولة العثمانية عقب الحرب العالمية الأولى، وحينها أدرك أن حكم الأئمة، لا يختلف عن حكم العثمانيين، وحينها واصل معارضته لهذا النظام، جهارا، من خلال كشف المظالم، وإبراز المساوئ، وانضم إليه جماعة من الثوار المناهضين لحكم الإمام (يحيى)؛ مثل: (محمد صالح السنيدار), و(حسين السياغي), و(أحمد المطاع), و(حسن الدعيس), و(عبدالله العزب), و(عبدالله سنين), وغيرهم, وكانوا يعقدون اجتماعاتهم في منزل (محمد صالح السنيدار).
وحين علم الإمام (يحيى) بمعارضتهم له واجتماعاتهم؛ بدأ يطلق حولهم الإشاعات, ثم اعتقلهم في مدينة صنعاء, تحت مبررات دينية؛ منها، اختصار القرآن الكريم, وسُّب آل البيت, والعمالة مع الإنجليز والنصارى, وغير ذلك من التهم, إلا أن جماعة من حاشية الإمام الذين يميلون إلى أفكار صاحب الترجمة وأصحابه بدأوا يسعون لدى الإمام في إطلاق سراحهم حتى اقتنع الإمام بإطلاق سراحهم, لكنه استثنى صاحبنا "المحلاوي"، حيث أقسم يمينا أنه لن يطلق سراحه إلا إذا وافق على الخروج من مدينة صنعاء، فرفض صاحب الترجمة هذا الشرط, وظل مسجونًا, وتدهورت صحته؛ فتراجع الإمام عن قسمه, وخرج صاحب الترجمة من سجنه مريضًا معلولاً, ولم يلبث أن مات عن عمر ناهز السبعين عاما.
وبحسب المصادر التاريخية، فقد كان "المحلاوي"، شجاعًا, جسورًا, لديه قدرة فائقة على المناظرات العلمية, لبقًا, جذابًا, استمال الكثير من رجال اليمن في عصره إلى معارضة الإمامة, مما جعل كثيرًا من أدبيات الثورة اليمنية تعده النواة الأولى للثورة على الحكم الإمامي في اليمن.
المراجع:
مذكرات العزي صالح السنيدار (الطريق إلى الحرية).
كتاب نحو النور – القاضي محمد الفسيل.
التعليقات 0:
تعليقك على المقال