الكاهن الحسين بن القاسم العياني " اسفه سفهاء بني هاشم"
منتدى معد كرب القومي
من كتاب الكهنة للإكليلة لمياء الكندي.
بعد وفاة الكاهن القاسم العياني 393هـ، كان منصب الإمامة لا يزال تنافسياً يتنازعه الأدعياء من آل البيت العلوي، وعلى الرغم من ذلك فقد تمكن ابنه الأصغر حسين من ادعاء الإمامة وخلافة والده وهو في التاسعة عشرة من عمره، وعمل على بث دعوته بين القبائل اليمنية وتضليلها وتزييف وعيها الديني والسياسي ودفعها للقتال لأجل تثبيت حكمه.
يُعدُّ الكاهن الحسين بن القاسم العياني أسفه سفهاء بني هاشم منذ فتح مكة ودخولهم الإسلام صاغرين وحتى إعلانه دعوته وإمامته؛ فقد ادّعى أنه المهدي المنتظر الذي بشر به النبي صلى الله عليه وسلم، وتطاول في حديثه عن الدين والمبالغة في وصف مكانته ومقامه وادعاء الفضل الذي جعله يزعم أنه أفضل من رسول الله، ويدّعي أنَّ كلامه أفضل من كلام الله تعالى في القرآن الكريم..
وفي سبيل سيطرته وإظهار إمامته دخل الكاهن الحسين بن القاسم العياني في حروب عديدة مع أمراء بني الضحاك، كما خاض العديد من الحروب مع أمثاله من أدعياء الإمامة العلوية؛ فنشبت بينه وبين الكاهن القاسم ابن الزيدي وابنه محمد وحفيده زيد- العديد من الحروب التي لم تنته إلا بوفاة السفاح العياني .
وفي سنة 402هـ، أرسل السفاح الملقّب بالمهدي حسين العياني رسوله إلى صنعاء التي كانت تحت إمرة الضحاك بن جعفر، يطالبه بدفع الزكاة، والالتزام للعياني بواجبات الولاء والطاعة، وطالب أهل صنعاء بدفع خُمس أموالهم وخيولهم وعبيدهم وحليهم للكاهن العياني، وبتعيين أخيه جعفر والياً على صنعاء، وضرب السكَّة باسمه.
قويت شوكة الكاهن الحسين العياني، واشتد ساعده بالقبائل اليمنية التي تمكن هذا الجاهل من تضليلها وأبنائها عن طريق الحيلة والتظاهر بسمو المكانة وادعاء العلم؛ وكان خطيباً بليغاً ومقنعاً للآخرين بأسلوبه المنمق وكهانته، قادراً على تزييف الحقائق؛ فتمكن من كسب ولاء العديد من أبناء القبائل اليمنية ومناصرته في حروبه.
كان أهالي صنعاء قد رفضوا إمامة الكاهن الحسين بن القاسم ورفضوا ولاية أخيه جعفر، وخرجوا على طاعته وحاربوه ساعين لإخراجه من صنعاء، وما إن علم السفاح الكاهن الحسين العياني بتلك الحرب التي نشبت وسط مدينة صنعاء بين أخيه وبين الأهالي حتى سارع لإنقاذ أخيه، وتزعَّم مجموعة من القتلة والمجرمين للإغارة على صنعاء، وتمكن الكاهن حسين العياني من إخماد ثورة أهل صنعاء وتخريب منازلهم، ونهب أموالهم؛ فكتب أهل صنعاء إلى الكاهن ابن الزيدي طالبين مناصرته فلبى ابن الزيدي طلبهم، ودخل صنعاء سنة 403هـ، وأخرج الحسين العياني وأخاه جعفر منها، وقام بتنصيب ابنه محمد إماماً وهدم منازل شيعة الحسين العياني وأنصاره في صنعاء وسجنهم.
لم تقف الحرب بين الكاهن العياني والكاهن الزيدي عند هذا الحد بل استمرت في أكثر من جهة؛ فكانت صنعاء مباحة للسفاحين المتغلبين على حكمها سواء من قبل ابن الزيدي أو من قبل الحسين العياني.
في سنة 403هـ خرج أهل البون في صنعاء على سلطة الكاهن حسين العياني بعد أن تمكن من إعادة أخيه جعفر والياً عليها، وما إن تمكن العياني من هزيمة ابن الزيدي حتى تفرغ لأهالي البون المنتفضين ضده؛ فهدم منازلهم، وقبض على شيوخهم، وصلبهم منكسِّي الرؤوس، وأشرك القبائل في إخماد تمردهم ونهب أموال وممتلكات أهالي البون صنعاء مجدداً، وكانت ردود الفعل الكهنوتي ضد اليمنيين تبلغ أوجها من القسوة والعنف من هدم المنازل وقتل الذرية ونهب الأموال، فيما تظل الأسر الهاشمية المتحاربة فيما بينها خارج هذه العقوبات والأعمال العدائية، رغم أنها المتسببة في الصراع فهي المنطقة الرمادية التي تحافظ على المنتسبين للخرافة الهاشمية على خط الرجعة والمصالحة مع بني عمومتهم.
لم يتقبل أحرار اليمن من أبناء القبائل حكم المدَّعي حسين العياني فعملوا على خلع طاعته؛ بل والذهاب إلى محاربته بعد أن أوغل فساده في النيل من اليمنيين وكرامتهم والنيل من دينهم وعقيدتهم.
فكان أن خلع عنه المنصور ابن أبي الفتوح الطاعة وأعلن العصيان وخالفه، وكانت مخالفة وعصيان ابن أبي الفتوح للعياني حسين بداية لانشقاق القبائل اليمنية عليه والتشجيع على مخالفته، فخالفته قبائل بني شهاب وصريم ووادعة، وتمكن ابن أبي الفتوح من دخول صنعاء، وإخراج العياني وشيعته منها، وإعادة أبي جعفر بن قيس بن الضحاك أميراً عليها.
استمرت ملاحقة أحرار اليمن من رجال القبائل الحميرية العظيمة للكاهن العياني وأنصاره حتى تمكنوا من هزيمته، ولم يكتفوا بإٍخراجه من صنعاء فحسب؛ بل استمرت هذه القبائل في ملاحقته ومحاربته في عمران وكحلان والجوف؛ ليلقى حتفه على يد ابن الضحاك، ولم يبلغ الثلاثين من عمره سنة 413هـ..
وبمقتل الكاهن الحسين العياني يكون اليمنيون قد تخلّصوا من إحدى أهم دعوات الزيف والتجهيل والخرافة الإمامية وأشدها خطورة على الدين، وفي ذلك يقول أحد الشعراء اليمنيين منتقداً المهدي العياني الذي خرج عن تعاليم الإسلام وأظهر دعوته الباطلة التي توجب حربه:
يا مدَّعي الوحي إنَّ الوحي قد خُتما بالمصطفى فأزح عن نفسك الوهما
لم تنته الخرافة التي بثها العياني بين أصحابه أنه المهدي المنتظر وغيرها من الجنايات العقائدية والفكرية على الدين والوطن بموته؛ فظهرت بينهم عقب موته الذي لم يعترف به أصحابه، فرقة تسمى بالحسينية نشرت الأباطيل والخرافات المتعلقة بالحسين العياني، وغالت في فضله ومكانته فاعتقدوا أنَّ كلامه أبهر من القرآن، وأنه أفضل من الرسول عليه السلام، واستمرت هذه الفرقة ثلاثة قرون من أوائل القرن الخامس إلى الثامن، ومع ذلك لم يعمل أي من الكهنة الذين ادَّعوا الإمامة على القضاء عليها ومحاربتها، رغم تصريحها بالكفر؛ بل ذهبوا إلى تكفير وإبادة الأحرار من اليمنيين على غرار إباده ابن حمزة للمطرَّفية وغيرها من الحركات التحررية اليمنية، في الوقت الذي كانت فرقة الحسينية تواصل نشر ضلالها الذي وصل بأصحابه إلى الخروج عن الإسلام والتعصب للخرافة.
التعليقات 0:
تعليقك على المقال