26 سبتمبر.. الثورة التي فتقت وعي الشعب
منتدى معد كرب القومي
عبدالكريم عامر
يستعد اليمنيون في كافة المحافظات للاحتفال بالعيد الـ60 لثورة الـ26 من سبتمبر/ أيلول 1962، كأعظم ثورة في تاريخ اليمن الحديث أنهت الحكم الإمامي الوراثي، بينما تظهر صنعاء، عاصمة الثورة السبتمبرية، غائبة عن مظاهر هذا الاحتفاء بأهمّ عيد وطني اعتادوا على إيقاد شعلته الرمزية في الميادين العامة.
بأسى بالغ يستلهم المواطن الخمسينيّ، حامد الدفعي، معنى ثورة (26) سبتمبر، بقوله: “حتى وإن تعثرت مظاهر الاحتفال بعيد ثورة 26 سبتمبر، إلا أنها راسخة في أذهاننا وقلوبنا؛ لأنها الثورة التي تحقَّقَ بفضلها التقدم والازدهار والحرية لليمنيين”.
مؤخرًا أدرك معظم السكان معنى الاحتفاء بذكرى ثورة (26) سبتمبر من عدمه، خاصة في ظل الأوضاع التي تعيشها البلاد. بالنسبة لهم ساعدت هذه الأوضاع في ملاحظة الفرق بينها وبين مظاهر الحياة التي لمسوها في العقود الماضية؛ إذ يبدي سكان صنعاء تمسكهم بالمبادئ والقيم الجمهورية التي أسستها ثورة سبتمبر.
الشاب الثلاثينيّ، عبدالرحمن غوبر، قال: “صحيح أننا نتوق للاحتفال هنا بذكرى ثورة سبتمبر، لكنها ستبقى خالدة في قلوبنا جميعًا، برغم المحاولات لإلغائها، نحن متمسكون بجمهوريتنا وثورتنا ووحدتنا حتى تتعافى البلاد بإرادة من الله ومن أبنائها الشرفاء”.
تماسُك وسط التشرذم
يثمّن اليمنيون الدور الكبير الذي أحدثته الثورة في حياتهم بمختلف نواحيها، معبرين عن استمرارهم الدائم في التمسك بمبادئها وأهدافها، رغم حالة الشتات الواسعة التي تشهدها البلاد منذ قرابة سبع سنوات مرت في أتون الصراعات الدائرة في مناطق مختلفة من البلاد.
الموظف “نبيل أحمد” البالغ من العمر (46) عامًا. يقول: “اليمنيون متمسكون بمبادئ ثورة (26) سبتمبر حاليًّا أكثر من أي وقت مضى، ومهما حاولت أي قوة التقليل من شأنها وتمزيق الوطن والشعب، فإنها ستفشل”. كما يعتقد أن “مسار الثورة سوف يتصحح يومًا، ما ويعود أفضل مما كان في السابق”. وأدّت سنوات الصراع الأخيرة لحالة تمسك لا محدود، لدى عامة الناس، بمبادئ وأهداف ثورة 26 سبتمبر، نظرًا لما جلبته لهم من تحسّن في حياتهم اليومية، واهتمام بالقيم العملية والأخلاقية والاقتصادية والثقافية وغيرها، وصولًا إلى مرحلة الاعتزاز بالنفس للأجيال التي وُلدت بعد يوم الـ26 من سبتمبر/ أيلول 1962.
المواطن فؤاد العواضي (55 سنة)، قال: “نشأتُ وتعلمت بفضل ثورة (26) سبتمبر المجيدة، ولولاها لما كان اليمنيون شعبًا يذكر بين شعوب العالم، هذه هي ثورتنا الأمّ وعلينا جميعًا التمسك بمبادئها والمضيّ في طريقها”.
بعد نجاح ثورة “26 سبتمبر”، أدرك اليمنيون فداحة الظلم والاستبداد اللذَين اتسمت بهما حياتهم وحياة آبائهم خلال فترات حكم الأئمة للشطر الشمالي من الوطن آنذاك، حيث فتكت بهم الأمراض القاتلة، وتم تعميم حالة الجهل على جميع أفراد الشعب، باستثناء أبناء الطبقة الحاكمة، وإفقارهم المتعمد الذي وصل حدّ الموت جوعًا في أكثر من حقبة خلال الحكم الإمامي.
م. ع. د (67 سنة)، عقيد متقاعد في الجيش، تحدث -شرط عدم نشر اسمه- عن ثورة “26 سبتمبر” واصفًا إياها بـ”أعظم إنجاز في حياة اليمنيين؛ لأنها أخرجت الشعب من الظلمات إلى النور”. ويقارن العقيد المتقاعد بين معاناة اليمنيين قبل الثورة، بما يعيشونه اليوم “من فقر وإذلال وحروب أهلكت الشعب”.
ويرى يمنيون كثر أن هذه الحرب والفقر والأمراض المتفشية خلالها، زادت من منسوب الوعي الجمعي بعظمة ثورة “26 سبتمبر”، وجعلتهم يرون ما حققته من إنجازات عديدة في مختلف الجوانب، إضافة إلى أنها فتحت مدارك المواطنين وفتقت وعيهم بانتصارها على مختلف أشكال الاستبداد.
المواطن السبعينيّ، علي الدغار، قال إن اليمن لم تعرف انتشار التعليم والمرافق الصحية المتاحة لكافة أفراد الشعب، إلاّ بعد ثورة (26) سبتمبر. ويحتفظ الدغار، ومثله معظم اليمنيين، بمشاعر الفخر والاعتزاز تجاه العيد الـ”60” لهذه الثورة، لكنهم يعبرون عن خيبة أملهم لعدم قدرتهم على إحياء أيٍّ من مظاهر الاحتفاء بها، خصوصًا في مناطق سيطرة جماعة (الحوثيين)، ولو بصورة شعبية بسيطة تمنحهم البهجة.
المواطن حسين الرصابي ( 48 سنة)، يقول: “ما وعينا إلا على مبادئ ثورة (26) سبتمبر، لذلك لن يستطيع أحد اعتراضها، ستبقى خالدة مدى الدهر لدى كل الأجيال، هي ثابتة وهم راحلون”.
المجد والخلود للثورة
يرى معظم اليمنيين أن التعرجات التي أصابت طريق ثورتهم الأمّ حتمًا ستزول، طال الزمن أو قصر، كما يتفاءلون بأن جميع اليمنيين سيعودون للاحتفاء بعيدها السنوي من جديد. وبحسب عدد من المواطنين في صنعاء العاصمة، فقد اتفقت آراؤهم على أنها تمثل روح النظام الجمهوري، وأنهم يعملون على تعليم أبنائهم المعنى الحقيقي لها، وأن ذكراها السنوية عيد وطني راسخ.
وتبقى الشواهد كثيرة على تمجيد الشعب لثورته الأمّ في شمال اليمن، وثورته الأمّ ضد الاحتلال البريطاني أيضًا في الجنوب. وعلى الرغم من حالة التشظي والانقسام والاستبداد والفوضى التي تعيشها البلاد، إلا أن هذه الحالة تحديدًا، أحيت فيهم المزيد من الشغف والتمجيد لثورة السادس والعشرين من سبتمبر، على كافة الجوانب المعرفية والثقافية والسياسية أيضًا.
التعليقات 0:
تعليقك على المقال