تفاصيل المقال

"مُهجّرون" وليسوا نازحين..

"مُهجّرون" وليسوا نازحين..

همدان العليي

همدان العليي

‏لا  زالت وسائل الإعلام تصف من يسكنون في مأرب بـ "النازحين".. وهذا خطأ كبير بل مغالطة.

يا قوم.. النازح هو الذي يغادر بسبب اشتباكات وحروب هو ليس له علاقة بها وبمجرد توقفها يعود إلى منطقته. لكن بالنسبة لمن يسكنون مأرب أو المخا أو بقية المناطق المحررة أو خارج اليمن وهم أصلا ينتمون إلى مناطق سيطرة عصابة الحوثي يمكن أن يطلق عنهم "مهجرين" وليسوا نازحين. لأنهم حتى لو توقفت الاستباكات لن يستطيعوا العودة إلى ديارهم لأن عصابة الحوثي تستهدفهم بأساليب مختلفة.

مَن ينزح باتجاه مناطق سيطرة الحوثيين هروبا من مناطق الاشتباكات التي يطالها القصف، يكون بإمكانهم العودة إلى منازلهم الواقعة في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وقد عاد كثير منهم خلال فترات الهدنة أو عندما توقفت المواجهات، لأنَّ نزوح هؤلاء كان إراديًّا ناتجًا عن الخوف من الاشتباكات والقصف لما عرف عن الحوثيين من تمترسهم في المناطق المأهولة بالسكان. أمَّا أغلب مَن غادروا منازلهم الموجودة في مناطق سيطرة الحوثيين إلى مناطق سيطرة الحكومة اليمنية وإلى خارج اليمن، فهُم مُهجَّرون لأنَّ مَن أجبرهم على مغادرة بلادهم ليس الكوارث الطبيعية أو الصواريخ أو حتى المواجهات المسلحة، بل لوجود جماعة عِرْقطائفية تعمل على فرض فكرها العنصري بقوة السلاح، وتمارس من أجل ذلك التجويع والملاحقات والإخفاء القسري والتعذيب والتحريض وغيرها من الوسائل. وهذا يُفسِّر لماذا أغلب مَن يهربون من منازلهم في صعدة منذ بداية الحرب في 2004م، حتى كتابة هذا النص، يستقرون في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة وليس مناطق سيطرة الحوثيين رغم أن رقعة الاشتباكات والحرب قد تجاوزت محافظة صعدة. 

وما يؤكد ذلك، أنَّ الكثير من الأسَر المُهجَّرة اضطرت للنزوح لأكثر من مَرَّة، ففي حروب صعدة انتقلوا من قراهم إلى مدينة صعدة، وبعد سيطرة الحوثيين عليها انتقلوا إلى محافظة عمران وحجة، ولم يستمر ذلك طويلًا حتى انتقلوا إلى صنعاء بعد زحف الحوثيين إلى هذه المحافظات، ثم غادروا صنعاء إلى مأرب أو عدن وهكذا، هربًا من بطش الحوثيين. وفي كُلِّ مَرَّة يهجرون فيها منازلهم، يخسرون ممتلكاتهم ويضطرون لبيع مقتنياتهم الثمينة ليوفروا احتياجاتهم الأساسية من الغذاء والمواد الصحية.

 

* من كتاب الجريمة المركبة.. أصول التجويع العنصري في اليمن.

التعليقات 0:

تعليقك على المقال