تفاصيل المقال

لا مستقبل لجماعة تخاصم كل الحاضر وكل الماضي!

لا مستقبل لجماعة تخاصم كل الحاضر وكل الماضي!

محمد العلائي

محمد العلائي

أنتَ لستَ على خصام مع كل الحاضر، حاضر بلدك وحاضر العالم، بل أنتَ أيضاً على خصام مع كل الماضي.

 

أخبرني، من لست على خصام معه في تاريخ بلدك، الحديث والقديم، عدا من تعتبرهم أسلافك بالدم؟ ومن لست على خصام معه في التاريخ الإسلامي عدا من تعتبرهم أوفياء مع من تظنّهم أسلافك بالدم؟ ومن لستَ على خصام معه في تاريخ العالم، في تاريخ الفكر في تاريخ الفنون؟

 

أنتَ على خصام مع كل ما انعقد عليه الإجماع، مع كل ما قامت عليه نجاحات وحضارات وأُمم.

 

بخصوص تاريخ الإسلام الأول، دعنا ننظر:

 

أنتَ مثلاً توحي بأنك لا تحب فعلياً من خلفاء النبي محمد إلا علي (رضي الله عنه)، ومن رفاق النبي (صلى الله عليه وسلَّم) لا تحب فعلياً إلا أربعة أو خمسة آخرين تقدِّرهم من منظور عائلي قَبَلي خصوصي، وحتَّى الأنصار تقدِّرهم فقط من هذا المنظور بالذات.

 

لا أقول أنك تنطق بالاساءة الصريحة تجاه البقية، لكنك إن لم تفعل ذلك، فأنتَ على الأقل تخفي تجاههم شيء ما، وهذا الشيء ليس من الصعب إدراك كنهه.

 

دعنا نتابع:

 

أنتَ لا تحب الأمويين ولا الفاتحين العرب العظام لمصر أو فارس أو شمال أفريقيا أو الأندلس، ولا تحبّ العباسيين ولا الفاطميين ولا صلاح الدين الأيوبي وإخوانه السلاطين الأيوبيين، ولا المماليك ولا العثمانيين، وليس فقط ابن سعود أو جمال عبدالناصر.

 

أنتَ ضد التاريخ الذي تحقَّق، أنتَ ضدّه باسم ما كان يجب أن يتحقَّق ولم يتحقَّق، وما يجب تحقُّقه في تصورك ليس خير المجموع على إطلاقه وإنما الخير الذي تكون أنتَ مصدره أو الشفيع إلى نواله في الدار الآخرة!

 

دعنا نتابع:

 

أنتَ لا تحب الزياديين ولا اليعفريين ولا النجاحيين ولا الصليحيين ولا الحاتميين ولا الزريعيين ولا الرسوليين ولا الطاهريين. ولا تحب رؤساء اليمن الجمهوري الجنوبي ولا رؤساء اليمن الجمهوري الشمالي عدا الحمدي، ولا رؤساء اليمن الجمهوري الموحَّد!

 

لا تحبّ ماركس ولا آدم اسميث، لا تحب الشرق ولا الغرب.

 

أنتَ على خصام مع عصور بأكملها وممالك وصروح وألقاب وأيام وأعمال خالدة عظيمة.

 

أنتَ على خصام مع كل ما يجعل الحياة الجماعية المستقرة ممكنة في بلدك أو في أي مكان آخر.

 

منظورك صراعي بعناد، منظور عائلي شخصي للتاريخ وللأفكار وللأبطال وللدين وللدولة والسياسة ولكلّ شيء.

 

هذا كلّه له معنى، وله ثمن، وهو أن عدد من قد يشاطرونك هذا المنظور طواعيةً، وهذه التحيّزات، وهذه العواطف، سيكون بالضرورة قليل دائماً.

 

فبأيّ طريقة سوف تكون دولة طبيعية قابلة للحياة، رغم كل انتصاراتك العسكرية؟

 

فقط أنا أتساءل.

التعليقات 0:

تعليقك على المقال