يا دنيا غري غيري
مروان الغفوري
يتفاجأ الناس حين أقول لهم إن عليّاً، المشهور بالبلاغة والفصاحة، لم يعتل منبراً في المدينة ولا مكة، ولم يلق خطاباً أو خطبة طيلة ربع قرن (بين ١١-٣٥ للهجرة). وكل ما ينسب إليه من علوم وفنون ومعارف يحصره نسابوه في سنوات الكوفة القليلة والمضطربة.
حين يتعلق الأمر بعلي، بعلي فقط، فإن التاريخ يساق أمامنا هكذا:
مات النبي فوقعت معركة الجمل.
بين الحدثين ربع قرن من الزمن لا تكاد ترى فيها عليّاً إلا فيما ندر.
وحين قتل الخليفة الثالث كانت الإمبراطورية العربية/ الإسلامية قد تجاوزت مساحتها ٦ مليون كم مربعا، في أرجائها ما يزيد عن مائة مليون مواطناً.
وبلغ عيال علي آنذاك: ٣٣ ولدا وفتاة. أما حصيلته من النسوة فبلغت ٢٣ امرأة (زوجات وجواري، وكان يقول يا دنيا غري غيري).
في الفترة تلك، غيبة علي الكبرى، قاومت الدولة العربية الأولى كل عوامل فنائها، ثم آلت إلى إمبراطورية واسعة الصيت والبأس. لم يسهم علي، ولا بنوه، في ذلك التأسيس المهيب لأشهر إمبراطوريات الألف الأول للميلاد.
واحتفظ، رغم ذلك، بصفته: عبقري الحرب والبلاغة.
التعليقات 0:
تعليقك على المقال