صعدة ونموذج طريق الحرير
سلمان المقرمي
انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي في الأيام القليلة الماضية، مقطعا لمسلح حوثي، عند مدخل مدينة صعدة الشمالي، يقطع طريق المواطنين، رغم كل محاولاتهم ومناشدتهم له باسم الأخوة السماح لهم بالمرور، كان رد المسلح الحوثي رافضا بجميع الأحوال.
وبعد تجمع عدد من عابري الطريق، تقدم أحدهم على حين غرة من المسلح الحوثي، وهجم عليه، وعلى سلاحه، ثم لحق به الجميع، ليتمكنوا من نزع السلاح من ذلك العنصر بعد ضربه، وفتحوا طريقهم.
الروايات التي قدمها عناصر الحوثي متناقضة؛ فمثلا نصر الدين عامر نائب رئيس هيئة إعلام الحوثي ورئيس وكالة سبأ التي تديرها المليشيا قال إن الأهالي تعاملوا مع المسلح لأنه يعاني أمراضا نفسية. نصر الدين عامر عاد بنفسه وشارك تغريدة أخرى، تقول إن عناصر المليشيا هم من هاجم المسلح. يكذب عامر وأتباع المليشيا الذين ادعوا أن عناصرهم من هاجمت المسلح، إذ لو كانوا كذلك لما نشروا المقطع. وأيضا، لن يكون بمصلحتهم الإشارة إلى أن صعدة التي يعتبرونها عاصمتهم الفعلية، يمكن فيها لأي شخص لديه سلاح قطع الطريق فيها بكل بساطة، ذلك يشير إلى أن مليشياتهم لا تملك القدرات اللازمة كما تصورها عن نفسها للسيطرة على المجتمع.
للحوثية تاريخ طويل في قطع الطرقات عن اليمنيين، والتضييق عليهم، وقد خبر ملايين اليمنيين بسفرياتهم خلال السنوات الماضية، جرائم الحوثي في قطع الطرقات بين المحافظات، وجرائمهم التي تسببوا بها في عزل اليمنيين عن السفر إلى الخارج. إحدى أهم مرتكزات الإمامة للبقاء هي قطع اليمنيين عن بعضهم بعضا، وعن العالم، يشمل ذلك قطع الطرقات وقطع السفر والاتصالات والكهرباء والتجارة والتعليم وغيرها.
رغم اتفاق الروايات الحوثية على أن المسلح عنصر مختل، فإن روايتهم عمن تمكن من الإمساك به متناقضة.
على أي حال، ليس المهم من أمسك بالمسلح، وإنما المهم في أن المشهد يقدم في ثوان معدودة طرق الحل في اليمن، أمام اليمنيين أنفسهم بأدواتهم وقدراتهم وتفكيرهم.
يمثل العنصر الحوثي المسلح، مهما تبرؤوا منه، شخصية ومشروع عبد الملك الحوثي والحوثة جميعا، ويمثل المواطنون الذين قبضوا عليه، مشروع اليمنيين، إن أرادوا لأنفسهم فتح الطرقات أمام حياتهم كلها، وليس طرقات العبور فقط.
لم ينتظر العابرون الذين تقطع لهم الحوثة اتصالات ولا تدخل من عناصر المليشيا المعروفة بالإجرام والولوغ في الدم، ولا طلبوا وساطات ومناشدات قبلية، كل ما في الأمر تقدم شاب صغير السن أولا وهجم على المسلح وأغلق عليه أمان بندقيته، ثم لحقه الباقون تباعا، حتى تمكنوا من نزع سلاحه.
ذلك المقطع المنشور الذي يتكون من ثوان معدودة، يحدد بوضوح طريقة خلاص اليمنيين، من كابوس الإمامة وجرائمها.
هناك دلالة رمزية أخرى في أن المقطع جاء من صعدة وليس من أي منطقة أخرى، حيث نشأت مليشيا الحوثي هناك أولا، وحيث تريد تصوير أن صعدة كلها حوثة.
الحقيقة أن المقطع يشير إلى تحول واسع في الوعي اليمني تجاه الإمامة بصورتها الحوثية، حيث إن مواجهة مليشيا الحوثي انتقلت من مواجهة الأفكار إلى مواجهة العناصر الحوثية، في صعدة ذاتها، ومن حيث ظنت مليشيا الحوثي أنها أرضها الخصبة، سيكون اقتلاعها من جذورها.
ثم إن المقطع الذي نشر عن تكتيف اليمنيين عنصرا مسلحا في صعدة، يأتي في ظل سلسلة تحولات يقودها أفراد يمنيون مناهضون للحوثي، كان أبرزهم الشباب الذين شيعوا المكحل بشجاعة بالغة في الأول من رمضان وهتفوا الحوثي عدو الله. كما هتفوا أيضا ارحل يا حوثي.
التعليقات 0:
تعليقك على المقال