تفاصيل المقال

قراءة في كتاب " مسند الاقيال" تأليف القيل الدكتور علي علي قاسم البكالي (2)

قراءة في كتاب " مسند الاقيال" تأليف القيل الدكتور علي علي قاسم البكالي (2)

لمياء الكندي

لمياء الكندي

 

 

د. لمياء الكندي

 

ناقش الكاتب في الفصل الثالث من الكتاب حقيقة الاستلاب الحضاري ومفهومه، ومن خلال عرضه لهذه الحيثية يرى الكاتب ان الاستلاب الحضاري للمجتمعات عامل رئيسي في اندثار حضارتها وانطماس وعيها بذاتها.

 

ويحدد الكاتب أنواع وانماط الاستلاب الحضاري ومظهره العام المرتكز حول الاستعمار والاحتلال بأشكاله المختلفة، ويعتبر الكاتب ان اشد أنواع الاستلاب الحضاري ذلك الاستلاب الذي يصيغه الفكر الديني خاصة إذا كانت الامة المعرضة للاستلاب تدين بنفس الدين، فيتم هدم الشخصية الحضارية للامة باسم السماء تحت مطلب انها ديني وعقائدي يمهد الى انتقالها الى وضع اخر مخالف لها.

 

ويعتبر الكاتب ان الامة اليمنية تعرضت للعديد من مشاريع الاستلاب الحضاري شملت الاستلاب المعرفي، الذي حاول فرض الشخصية القرشية على المجتمع اليمني واتباعها بعض الأساليب القائمة على هذا الاستلاب وجرى من هذا القبيل تدمير القصور والمعابد وتماثيل الملوك واتلاف المخطوطات والمعارف اليمنية القديمة، وتحريم علوم السابقين، واعتبارها اساطير وثنية وشركيه.

 

ولقد كان الولاة الامويين والعباسيين يعمدون الى التلاف النقوش والمخطوطات والاثار في اليمن ونهب وتصدير نفائس ثرواته الى دمشق وبغداد.

 

وأشار الكاتب الى القوانين المنهجية للكتابة اليمنية بخط المسند التي تشمل الحرف " ن"، الذي يمثل النظم الكتابي المعرفي في خط المسند، والاداة الكتابية المعرفية " القلم" والمنهج العلمي " وما يسطرون" وهذه بمجموعها أدوات ومنهجية المعرفة التي دون من خلالها اليمنيون الكتابة ، وارخوا للأحداث، وعلى الرغم من عظمة هذه التجربة اليمنية الفريدة الانها انها تعرضت للتجريف والاستلاب بحيث تم استبدال القلم المسند بالنبطي الأقرب الى الرسم الفارسي الفهلوي ليتم الغاء الكتابة بالمسند الذي كان يمثل لغة الكتابة والتدوين لعرب الجنوب ويؤرخ لحضارتهم رغم ما حمل هذا القلم من إشارة قرآنية تحدثت عنه.

 

ويرى الكاتب ان الامر لم يتوقف عند محاولة الاستلاب المعرفي الذي تعرض له اليمنيون من خلال التاريخ المسندي، بل ذهبت السلطة الاموية بدافع المنافسة والمغايرة الى استئجار عدد من المؤرخين الفرس لابتكار تاريخ بعيد المدى لقريش لتنافس به التاريخ القحطاني السبئي فولدت الحاجة انساب العدنانيين وقسمت العرب الى نزارية ويمانية، ثم القحطانية والعدنانية، وهي التي أسست للخرافة الهاشمية والإمامية.

 

وتعتبر محاولات الاستلاب الثقافي الذي تعرض لها اليمن على ايدي الهادوية الزيدية والاسماعيلة والصوفية التي غزت اليمن منذ نهاية القرن الثالث الهجري واستمرت حتى اليوم هي اخطر انواع الاستلاب التي تعرضت له اليمن وما تزال تتعرض له حتى اليوم.

 

ومن أساليب التجريف والاستلاب الحضاري يذكر الكاتب الاستلاب السياسي كعنصر مهم في محاولة طمس الهوية القومية لأي امه، واستعرض الكاتب مراحل من تاريخ اليمن القديم والتاريخ الإسلامي والحديث والمعاصر ومحاولة القوى الخارجية في فرض سياستها وسيطرتها على اليمن واستطرق الى محاولات ابعاد اليمنيين من القيادة وتداعيات احتكار الخلافة الإسلامية بالقرشية وبالهاشمية على وجه اخص، وما كان لذلك التوجه من محاولة استلاب سياسي لمنع أي تنافس او طموح سياسي للقادة اليمنيين المشاركين في الدولة الإسلامية من أي تطلعات خاصة بالحكم.

 

وفي الفصل الرابع من هذا الكتاب الذي جاء بعنوان " القومية اليمنية استراتيجية دفاعية وخطة بعث" انتقل الكاتب الى هذا العنوان للرد على محاولات الاستلاب التي تم عرضها في الكتاب.
وفيه يعتبر الكاتب ان القومية اليمنية فكرة دفاعية عن الامة اليمنية والأمة العربية في آن واحد، لان اهمال التاريخ الحضاري لليمن يصب في صالح القوميات المعادية للعرب، وعلى رأسها القومية الفارسية التي تطمع في إعادة انتاج نموذجها الكسروي على حساب الوجود العربي عبر جماعات التشيع والاثنية السلالية.

 

وفي الفصل الخامس والأخير من هذا الكتاب الذي حمل عنوان " رأي في صميم الفكرة القومية المنطلقات والمبادئ والاهداف"، يحدد الكاتب المنطلقات التاريخية للقومية اليمنية، بين من خلالها القيمة الحضارية للقومية اليمنية والمقومات التي تستند عليها، من تاريخ حضاري واثار ونقوش ولغة مسندية وتراث معرفي ومدن حضارية وشعور جمعي يربط الامة اليمنية بماضيها وحاضرها ويمدها بالطاقة اللازمة للانبعاث والنهوض المتجدد.

 

وذهب الكاتب للحديث حول مجموعة من القيم والمبادئ التي تمثلها القومية اليمينة التي تعتبر كل المنتمين لها متساوون في الوجود الاجتماعي وفي الحقوق والواجبات دون تمييز او طبقية بسبب اللون او الجنس او المناطقية ولعل هذا هو ابرز اهداف هذا التيار واكثره قيمة في محاربة العنصرية السلالية.
وأوضح الكاتب اهداف القومية اليمينة اقيال، كونها تشكل اهداف مشتركة نتضمن مصالح كل اليمنيين ودعا الكاتب الى ضرورة الثورة القومية كمشروع بعث وإنقاذ واستقلال وطني واكد الكاتب على حتمية الثورة القومية باعتبارها حل جذري لمعالجة مشكلات اليمن التاريخية والحالية، محددا مجموعة من المنطلقات العامة لهذه الثورة ومراحلها.

 

وذهب الكاتب في عرضه حول القومية اليمنية الى شرح البنى الاجتماعية والقبلية وطبيعة ترابطها مع المشروع القومي الشامل، موضحا موقف القومية اليمنية من اقيال من النزعة العنصرية السلالية المتوردة الى اليمن، ليؤكد على الوحدة العضوية لكل اليمنيين التي ينبغي ان تنتج مجتمع متساوي بلا طبقات او تمييز.

 

ويمضي الكاتب في سرد اهداف المشروع القومي فيضع تصوره حول السياسة وشكل الدولة القومية ونظام الحكم فيها ومهام الجيش والامن واشكال التربية والثقافة القومية، في ظل الدولة القومية المنشودة والاقتصاد القومي لها.
انه ببساطة يضعنا امام مشروع قومي تدارسه بعقلية ومنهجية علمية ونقد سياسي، واسقاط واقعي يمكن ان يكون حلا لجميع إشكاليات اليمن الحالية ومنصة لانطلاقة جديدة.

 

ودمتم بخير
رابط الكتاب: drive.google.com/file/d/1XvsLME…‎

التعليقات 0:

تعليقك على المقال