تفاصيل الخبر

الكاهن إبراهيم بن موسى بن جعفر المعروف بالجزَّار.. سفاح السلالة الأكبر.

الكاهن إبراهيم بن موسى بن جعفر المعروف بالجزَّار.. سفاح السلالة الأكبر.

أخبار وتقارير / 2022-12-22 17:38:30 / منتدى معد كرب القومي - خاص

 

 

المصدر كتاب الك. هنة للإكليلة لمياء الكندي

 

ساعدت عوامل الضعف في الدولة العباسية إبان الخلاف بين الأمين والمأمون أبناء هارون الرشيد على الخلافة في بروز الأطماع العلوية المتطلعة للحكم.
فكان لظهور محمد بن إبراهيم المعروف بـ ابن طباطبا بالكوفة واستيلائه عليها وعلى السواد الأغلب في العراق بمعونة أبي السرايا (سريّ بن منصور الشَّيْبانيّ)، أثره على توجه العلويين نحو فرض سلطتهم السياسية في الحجاز واليمن، فأرسل ابن طباطبا إلى اليمن إبراهيمَ بن موسى الطالبي الملقب بالجزَّار والياً عليها سنة 200هـ .

 

وفي صعدة تحالف الجزَّار مع قبائل بني فطيمة التي كانت تقاتل الأكيليين، وأسرف في القتل وسفك الدماء، ومن هنا اكتسب لقبه الجديد فعُرف تاريخياً بـ (الجزَّار). قتل الجزار الآلاف من الشهابيين والأكيليين وبني الحارث بنجران، والسليمانيين بعيان، والعلويين برَيْدة، والكباريين بأثافت بظَهْر، والحوالييين ببيت ذخار، وبني نافع بالسرو وحمير، أما صعدة فقد انخفض عدد سكانها كثيرا، ولم يبق فيها منهم سوى جماعة بحيدان. وقد دفعت جرائم الكاهن الجزار اليمنيين إلى قتاله والالتفاف حول الوالي العباسي الجديد على اليمن محمد بن علي بن عيسى بن ماهان.

 

ولم تزل أمور الجزَّار مستتبة في اليمن حتى مات محمد بن ابراهيم طباطبا في الكوفة، وهزيمة قائد جيشه أبي السرايا ومقتله أمام جند المأمون، فلما قُتل محمد بن محمد بن زيد – خليفة ابن طباطبا - وأبو السرايا اضطربت أمور الطالبيين في اليمن، وتضاءل الدعم السياسي لهم من الكوفة والحجاز، ساعد على ذلك تعيين الخليفة العباسي المأمون والياً جديداً على اليمن؛ فوقعت بينه وبين الجزّار وقائع عديدة انتهت بهزيمة الجزَّار الذي رفض الوالي العباسي الجديد، ووقعت المعركة الفاصلة بين الكاهن وابن ماهان في "جَدِر" ببني الحارث بالقرب من صنعاء؛ فهزمه ابن ماهان، ثم أَسَرَه بعد ذلك .
أما عن جرائم الكاهن الجزَّار فإنه ما إن تمكن من تثبيت أركان حكمه حتى أصدر فتواه معلناً أنَّ من يخالف قاعدة الإمامة الزيدية يُعدُّ خارجاً عليه، ولا حرمة لماله ولا لدمه، لذلك تجاوز هذا السفَّاح الحدّ في نشر الخراب الذي امتد إلى الآثار الحميرية والسبئية وما سبقهما من العصور.

 

أفنى الجزَّار ما يزيد عن ثمانمائة نفس، من قبيلة بني الحارث بن كعب لوحدها حتى خلت صعدة من أبناء هذه القبيلة فلم يبق منهم إلا بقية في حيدان، وقد كان لمقتل محمد بن إبراهيم المشهور بـ ابن طباطبا أثره في وقف حركة القتل والإرهاب العلويَّة - مؤقتا- في اليمن، مما مهد لقيام علاقة جديدة بين المأمون وبين أدعياء الحق الإلهي العلوي وأفقدهم سلطتهم في الحكم.

 

إلا أنَّ السياسة العباسية تغيّرت تجاه الحركة العلوية في اليمن فأعاد المأمون تولية الكاهن إبراهيم الجزَّار على اليمن عام 202هـ، حدث ذلك بتأثير من العلاقة الجديدة بين الخليفة المأمون وبين العلويين؛ وبالأخص علاقته مع علي بن موسى بن جعفر وهو أخو الكاهن إبراهيم الجزَّار والي اليمن، بعد أن استقدمه المأمون من المدينة وبايعه بولاية العهد ولقب "بعلي الرضا"، وكان ذلك التقارب بين المأمون والعلويين مدفوعاً بدوافع القرابة التي تجمع بينهم وبين بني العباس فجميعهم ينحدرون من نفس السلالة الهاشمية التي تدَّعي حقها في الحكم، إضافة إلى تأثُر المأمون بالفكر المعتزلي (القريب إلى المذهب الشيعي) الذي أظهر المأمون تعلقاً به وتعصباً له، وهو الأمر الذي ساعد على تقارب الفريقين (العباسيين والعلويين).

 

عاد إبراهيم الجزَّار إلى اليمن للمرة الثانية بعد موسم الحج في 202هـ، ودعا إلى أخيه علي الرضا ولياً للعهد؛ غير أنَّ ابن ماهان رفض عودة الكاهن الجزار للولاية، وقامت بينه وبين الجزَّار حروب انتصر فيها الجزار إثر مده بجيش كبير من قبل المأمون بقيادة عيسى بن يزيد الجلودي الذي أُرسل لإقرار السياسة العباسية الجديدة في اليمن وهُزم ابن ماهان على يد الجلودي فعاد النفوذ العلوي مجدداً إلى اليمن.

 

وعلى الرغم من عودة الكاهن إبراهيم الجزَّار إلى اليمن والياً إلا أنَّ عودته تلك لم تمكنه من ممارسة دور المعارضة ضد الدولة العباسية مما أفرغ قيمة ولايته من أهدافها في تكوين سلطة علوية خالصة لهم خارج إطار الدولة العباسية، واستمر نفوذ إبراهيم الجزَّار على اليمن حتى عودته العراق واستخلاف الخضر بن المنهال على اليمن ثم استبداله بإبراهيم الإفريقي الشيباني لتنتهي بذلك أولى فصول السيطرة العلوية على اليمن التي ما زالت ذاكرة التاريخ تحتفظ بالكثير من فظائعها وجرائمها بحق اليمنيين.

التعليقات 0:

تعليقك على الخبر