تفاصيل المقال

أقلام في مسيرة النضال (2) عبدالله إسماعيل.. فارس الكلمة

أقلام في مسيرة النضال (2) عبدالله إسماعيل.. فارس الكلمة

ثابت الأحمدي

ثابت الأحمدي

 

تتماهى بعضُ الشّخصيّات في ذاتها الإبداعيّة كما يتماهي الراهبُ في صومعته، والناسك في معبده، حتى أنّ عمله يصبح جزءًا من ذاته، وإن شئتَ قل: فإن ذاته جزءًا من عمله، لا فرق.

في الواقع هذا هو صدقُ الشُّعورِ تجاه القضايا التي يحملها الأشخاص؛ لهذا سرعان ما تثمرُ جهودهم وتينع ثمارهم، وعبدالله إسماعيل واحد من هؤلاء المتفانين في عملهم، صدقا وحبا وإخلاصًا.

عبدالله علي إسماعيل من مواليد 1971م، المربعة، وصاب العالي، محافظة ذمار، ويحمل شهادة البكالوريوس في الإعلام، شعبة الإذاعة والتلفزيون من كلية الإعلام، جامعة صنعاء، 1997م.

للإعلامي الشّهير عبدالله إسماعيل شغفٌ مبكرٌ بالإعلام، وله خبرة عملية، تعود في بواكيرها الأولى إلى العام 1988م، متعاونًا من خلال برنامج "في رحاب القرآن الكريم" الذي كان يقدمه الإعلامي والمثقف النبيل الأستاذ مفضل إسماعيل غالب الأبارة، آنذاك، وكان له جمهوره الواسع. عبدالله إسماعيل، ومفضل إسماعيل نجحا في تقديم عمل فني استثنائي، لا يزالُ حديث الناس إلى اليوم.

في العام 1994م أصبح موظفا في التلفزيون الرسمي حتى العام 2011م، وعلى هامشه عمل مراسلا، ثم مديرًا لمكتب تلفزيون الكويت من العام 2000 وحتى نهاية 2009م، حيث كان يعملُ مذيعًا للأخبار، كما أعد وقدم برنامج "المجلة الثقافية" لأكثر من 120 حلقة، ثم برنامج "الادب في موكب الثورة"، ثم "ملتقى الفكر والأدب"، وغيرها. كان شغوفا بالإعلام الثقافي إلى حد كبير، من وقت مبكر، ولا يزالُ حتى اللحظة.

رافقَ رئيس الجمهورية الأسبق علي عبدالله صالح في زياراته الخارجية إلى كل من: فرنسا، القمة العربية في الرياض، قمة سرت ليبيا، قمة الكويت، كما أصدر ورأس تحرير مجلة رؤى الثقافية. وعلى الصعيد الأدبي والشعري فهو أديب وشاعر، وله ديوان شعر بعنوان: "تجوال".

له العديدُ من الأنشطة التي نفذها، والمتصلة بعمله الوظيفي، كما له العديدُ من الأنشطة الثقافيّة الأخرى، أبرزها: تنفيذه العديد من الأعمال الوثائقية والموسوعات الإلكترونية، أهمها الدليل السياحي الإلكتروني للجمهورية اليمنية، والذي دشنه في العام 2010م الدكتور رشاد العليمي، نيابة عن رئيس الجمهورية آنذاك. كما نفذ 114 فيلمًا عن معالم سياحية يمنية، عُرضت في أكثر من قناة محلية يمنية.

أسس وأدار عدة شركاتٍ للإنتاج الفني كشركة ثري دي ميديا، فيما بين: 2000 – 2013م

وشركة "توايه ميديا" في العام 2013 حتى الآن، من مقرها في القاهرة.

عمل مُعدًا ومقدمًا لبرنامج "خط أحمر" على قناة الغد المشرق، فيما بين: 2017 – 2019م.

نفذ العديد من الأفلام التسجيلية، منها فيلم عن جزيرة سقطرى لصالح مؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، كما نفذ سبعة عشر فيلما لصالح قناة الشرق للأخبار، بعنوان: "حكايات يمنية".

إلى جانب ذلك أيضًا فهو محللٌ إخباري، وباحث سياسي، ظهر في العديد من القنوات العربية والأجنبية، كقناة العربية، والحدث، وسكاي نيوز، وبي بي سي، ودوتش فيلا، وروسيا اليوم، ودبي وغيرها. وهو مستشار للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم الايسيسكو، وقدم دراسة شاملة لإطلاق قناة الثقافة العربية. وقد كان عضوًا في مؤتمر الرياض لإنقاذ اليمن، وعضوًا في مشاورات الرياض اليمنية اليمنية.

تلقى دوراتٍ في إدارة الأزمات والإعلام من مركز الإعلام الفرنسي التابع لوزارة الخارجية الفرنسية في العامين: 2016 و 2017م، وشارك في عدة دورات لمجلس حقوق الانسان في جنيف، بتقديم أوراق عن انتهاكات الحوثي ضد الصحافة والصحفيين ووسائل الإعلام.

هذا رصيدٌ معتبرٌ من الخبراتِ العلميّة والعمليّة معًا لمناضل وطني صلب، ينتمي لتربة أرضه، وصاحب مواقف مشرفة، وهذا هو سر التماهي في عمله، كما أشرنا في مطلع الحديث عنه، وهل يكون المثقف الأصيل إلا مع وطنه وأمته وقضيته العادلة، مهما كلفه من ثمن؟!

يُعتبر الإعلامي الكبير عبدالله إسماعيل عَلَمًا يمانيا بارزًا، ونجمًا من نجوم الإعلام، وخاصة في الفترة الأخيرة، ضد جماعة الحوثي الإرهابية، منازلا إياها برصيدٍ ضخمٍ من الخبراتِ العمليّة والعلميّة، كفارس من فرسان الكلمة وربابنة الحرف، على الصعيدين: الثقافي والإعلامي معا؛ بل جبهة مستقلة في ذاته. فقد أنتج العديد من الأفلام الوثائقيّة عن انتهاكات الحوثي لحقوق الانسان، وتم عرضها في مجلس حقوق الإنسان، ومهرجانات عربية وأوروبية، وحصل فيلمه عن الصحافة على المركز الثاني في مهرجان شيكاغو للأفلام الوثائقية، وعُرضت أفلامه على قنوات: سكاي نيوز عربية، وقناة الغد المشرق، والقنوات اليمنية.

في العام 2022م فاز بجائرة أفضل برنامج سياحي عربي من اتحاد الإعلام السياحي العربي في دورته في مسقط. إنه قناص الأفكار والحكايات والعناوين البارزة، وحيثما اشتغل بعمل ما فلا يكون إلا قمة. لا عجب، فهو ابن القمم السامقة والمرتفعات الشاهقة، باخضرار مروجها، وجمال سهولها.

في أواخر العام 2019م أسس برنامجه الثقافي الشهير: "بالمسند"، كبرنامج توعوي في مواجهة التجريف الحوثي، ليصبح رصيد البرنامج ما يقارب 500 فيديو بين طويل وقصير، ويُعتبر هذا البرنامج من أشهر البرامج التوعوية والتثقيفية ضد عصابة الحوثي الإرهابية، وله حضور واسع ومشاهدون كثر.

وقد جاءت فكرة برنامج بالمسند كمحاولةٍ للإسهام في معركة الوعي التي يخوضُها اليمنيون ضد ممارسات التجريف الحوثي السلالي في اليمن، مستعينًا ببعض زملائه وأصدقائه ممن يشاركونه الهمَّ والاهتمام، وانتقلت الفكرة إلى واقع عملي في أواخر يونيو من العام 2020م، متناولة قضايا تاريخية، تتعلق بالمشروع السلالي، وتوضيح تاريخه وجنايته على الإنسان اليمني وبلاده، واحتفى البرنامج بالشخصيات اليمنية التي وقفت في وجه هذا المشروع، وأيضًا برموز الثورة اليمنية، وشعراء وفنانين أسهموا في المد الثوري الجمهوري السبتمبري الأكتوبري. وهو برنامج بجهود ذاتية، واهتمامات شخصية منه، في إطار إسهاماته في النضال الوطني. والحقيقة لن نكون مبالغين إذا قلنا أنّ برنامج "بالمسند" للزميل عبدالله إسماعيل من أنجح البرامج الثقافية الوطنية، المناوئة للعصابة الحوثية، إن لم يكن أنجحها جميعا، خاصة بعد أن عمل على تحويله إلى مادة قصيرة، بعد أن كان مطولا، تحت عنوان "بالمسند في دقيقة"، وذلك لتستفيدَ منه أكبر شريحة يمنية، وفعلا نجحت الفكرة، وبلغت مشاهداتُه في بعض المنصات الاجتماعية إلى مليون مشاهدة.

ولمّا كان البرنامج على قدر عالٍ من النجاح كان لابد من التفكير في التطوير له، ونقله إلى صور أخرى من الإنتاج الفكري والفني، وهي الفكرةُ التي عمل عليها، وحولها إلى مؤسسة إعلاميةٍ، ومنصة بشروط المنصات الإعلامية الحديثة، مع تنويع إنتاجها، شاملة:

ــ موقعًا إلكترونيًا يشكل مرجعًا وإرشيفًا للمحتوى.

ــ إذاعة بالمسند، وهي إذاعة تعمل "اونلاين" من خلال الموقع، وتطببق خاص بالإذاعة للهواتف الذكية.

ــ بودكاست يناقش القضايا التي تقع في إطار اهتمامات البرنامج واهدافه

ــ "وثائقي بالمسند"، يستهدف إنتاجا وثائقيا باشتراطات فنية احترافية، لعرض الأحداث التاريخية والمعاصرة ضمن أهداف المنصة.

ــ تكثيف إنتاج المنصة اليومي والأسبوعي والشهري

لقد بدأت الفكرة متواضعة، لكنها تضخمت اليوم، وترعرعت بفضل إقبال الجمهور عليها، كونها تختزل الكثير في القليل من الكلام، والقليل من الوقت.

 

للمناضل المثقف النوعي الأستاذ عبدالله إسماعيل كتابٌ طبع مؤخرًا، بعنوان "معركة الهوية في اليمن"، وهو جزءٌ من عطاءاته المشهودة، ومن معركته الوطنية، ولا يزال قلمُه سيالا وفكره متدفقا بروحٍ وثابةٍ، لا تعرف الكلل ولا الملل، ولسان حاله كما يقول الشاعر إبراهيم الحضراني:

لا أحبُّ العيشَ إلا قمة

إن تفت فالموتُ أعلى القمم

التعليقات 0:

تعليقك على المقال