تفاصيل المقال

القومية اليمنية .. انتصار للقيم الحضارية للمجتمع اليمني

القومية اليمنية .. انتصار للقيم الحضارية للمجتمع اليمني

منتدى معد كرب القومي

منتدى معد كرب القومي

عبد الرحمن طه

القيم العربية البدوية : البداوة هي نقيض للمدنية والحضارة حسب تصنيف علماء الاجتماع ، وهذا التصنيف لم يقتصر على العلماء ونظرة المجتمعات الحضرية للبداوة ، فقد تسلل ايضا إلى المجتمعات العربية الصحراوية ايضا خاصة بعد استقرار بعض منها في قرى سكنية في حدود القرن الرابع الميلاد فظهر مصطلح (العرب والأعراب) للتفريق بين من ضل على الترحال من العرب وبين من استقر منهم نسبيا في قرى بسيطة .

كانت القيم في المجتمع العربي البدوي (الصحراوي) اكثر وضوحا من القيم الحضرية كونها انعكاس ظاهر لبيئة الصحراء الشحيحة والقاسية والجافة وطبيعة الحياة المعتمدة على الترحال والتنقل المستمر بحثا عن الماء والمرعى فكان ميلهم الدائم إلى حيازة (ما خف وزنه وغلى ثمنه) لسهولة نقله معهم في ترحالهم .. فكان السيف والرمح هي الصنعة التي يتقنها العربي وهي مصدر عيشه الوحيد إلى جانب ما يمتلكه من انعام ، ومن هذه العناصر تكونت قيمهم المعيشية والتي نوجز ابرزها : 

1- السيف وسيلة للحياة: تقوم حياة البداوة على التنقل الدائم وبالتالي عدم الارتباط بالأرض والسكن الثابت أو الوطن ، وكنتيجة للتنقل تكون الأدوات المستخدمة في حل مشكلات الحياة اليومية قليلة وخفيفة الوزن .. فكان السيف الرفيق الدائم للعربي كونه خفيف الوزن وسهل النقل .. فكان مصدر رزقه الوحيد في بيئة الصحراء القاسية والمجدبة .. فكان العرب يكسبون رزقهم بضربات سيوفهم وطعنات رماحهم اما من غزوا بعضهم بعض أو من السلب والنهب والتقطع في طرقات للقوافل التجارية والمسافرين أو في العمل كمرتزقة في جيوش الامبراطوريات المجاورة كما عملوا في جيوش المملكة السبئة (اعراب سبأ) والحميرية (اعرابهمو) والحضرمية في اليمن .. حتى اصبح حامل السيف المقاتل هو المثل الاعلى في المجتمع البدوي وصاحب المكانة المرموقة في القبيلة سواء كان سيفه في الخير أو الشر .. يذكر احد الكتاب "كانت تقاليد الغزو تعتبر ضمن ممارسة الصيد عند القبائل العربية" .. فكانت هذه الحالة الفوضوية في المجتمع العربي افراز طبيعي لغياب القانون أو سلطة عليا عند العرب .ومع ان الدولة الحميرية في القرن الثالث والرابع الميلادي وبعد تضررها من هجماتهم المستمرة على قوافلها ورعاياها .. ارسلت لهم العديد من الحملات العسكرية لتاديبهم وفرض القيم المدنية عليهم كالاستقرار والعمل المهني كما اشارت نقوش المسند إلى ذلك .. فنظر بعض العرب إلى هذه الخطوات التمدينة من الدولة الحميرية بأنه اذلال للعرب ومنها قال شاعرهم .. "غداة شفيت النفس من ذل حمير .. وأورثتها ذل بصدق طعاني"

2- العصبية : نتيجة للحالة المتوحشة التي كان يعيشها العرب واستحالة الحياة الفردية في هذه البيئة ، ظهرت الحاجة الشديد لرابطة الدم والقبيلة التي تلزم افراد القبيلة على التماسك الشديد للحماية في مواجهة الاخرين من العرب ، ومن هذه الحاجة نتج الاهتمام بالأنساب وحفظها والتفاخر بها ومن العصبية نتجت القاعدة العربية الشهيرة (انصر اخاك ظالما او مظلوما) ونتج منها الثأر الذي تتوارثه الاجيال ويتحمل وزره الاهل والأقارب .. فغدت القبيلة هي كل العالم بالنسبة للعربي وأصبح كل ما ينتمي للقبيلة مقدس فدماء ابنائها وأموالهم وكرامتهم وحمى القبيلة وحتى حيواناتها في مرتبة التقديس .. وعلى ضوء ذلك حدث بما يسمى (ايام العرب) وهي الحروب التي قامت لأتفه الاسباب واستمرت عشرات السنين مثل حرب البسوس الذي استمرت 40 عاما ثارا على ناقة ، او حرب داحس والغبراء والتي اشتعلت بسبب هزيمة رياضية أو حرب الفجار الشهيرة التي اشتعلت نتيجة المطالبة بدين .. وغيرها من الحروب بين العرب .. الغزوات والغزوات المضادة حتى ظهور الاسلام . 

3- سلطة الفرد الواحد الاوحد : تتميز البداوة بنظام ثابت من الأعراف والتقاليد الجامدة ، التي تهتم تماما بتثبيت النظام التراتبي داخل القبيلة العربية ، فكانت سلطة الشيخ سلطة مطلقة داخل حدود القبيلة وعلى افرادها .. ولا تقبل النقاش والجدال حتى وان كانت خاطئة ومهلكة وكثير من قرارات الشيوخ القبائل تسببت بفناء قبائلهم أو تشتتها وتمزقها ، بعكس المجتمع المدني الذي اوكل ادارة شئونه لمجلس تمثيلي يدير شئون المجتمع ويقرر قوانينه الاجتماعية والاقتصادية .

التعليقات 0:

تعليقك على المقال